الإنتربول يشيد بكفاءة الأمن الوطني ويصفه بالشريك المحوري عالمياً    تحت شعار "فخورون بخدمة أمة عريقة وعرش مجيد"، تنظم المديرية العامة للأمن الوطني هذه السنة النسخة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة، خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 21 ماي الجاري، بفضاء مركز المعارض محمد السادس بمدينة الجديدة    محمد صلاح مهاجم ليفربول يحدد موعد اعتزاله    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    كيوسك السبت | انخفاض المساحات الغابوية المتضررة من الحرائق سنة 2024    عامل إقليم إفران يعقد اجتماعا استباقيا لمواجهة الحرائق الغابوية    احتفالية مهيبة بمناسبة تخليد الذكرى التاسعة والستين لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني بالعرائش    عملية سرقة بمؤسسة "روض الأزهار" بالعرائش: الجاني انتحل صفة ولي أمر واستغل لحظة غفلة    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    الرملي يثمن حصيلة تدخلات الأمن بشفشاون ويعتبر الشرطة مساهما رئيسيا في عالمية المدينة الزرقاء    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    الاتحاد الأوروبي يجدد رفضه القاطع الاعتراف ب"كيان البوليساريو" الانفصالي    تأييد الحكم الابتدائي في قضية رئيس جماعة تازروت القاضي بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    ولاية أمن أكادير تحتفل بالذكرى ال69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    أقصبي: استوردنا أسئلة لا تخصنا وفقدنا السيادة البحثية.. وتقديس الرياضيات في الاقتصاد قادنا إلى نتائج عبثية    ملتقى ينادي بتأهيل فلاحي الشمال    أبل تحجب مجددا لعبة "فورتنايت" من متجر تطبيقاتها حول العالم    ملف إسكوبار الصحراء.. الناصري يتهم برلمانياً بالتحريض على شهادة الزور    ملتمس الرقابة.. المعارضة تفشل في الإطاحة بحكومة أخنوش بسبب خلافاتها    برشلونة يخطط لخوض مباراة ودية في المغرب    بوريطة يحل ببغداد لتمثيل الملك محمد السادس في القمة العربية ال34 والقمة الاقتصادية والتنموية    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    ‬الشعباني: نهضة بركان يحترم سيمبا    بنسعيد: مؤتمر وزراء الشباب والرياضة للدول الفرنكوفونية.. المغرب ملتزم بالعمل من أجل تنفيذ سياسات طموحة لفائدة الشباب    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    اكزناية.. حريق بمحل أفرشة يثير الهلع بدوار بدريويين    وزير العدل يعتذر في طنجة لأسرة المحاماة    للجمعة ال76.. آلاف المغاربة يشاركون في وقفات تضامنية مع غزة    اليماني: تحرير أسعار المحروقات خدم مصالح الشركات.. وأرباحها تتجاوز 80 مليار درهم    ترامب يُنهي جولته الخليجية بصفقات قياسية    موسم طانطان: شاهد حيّ على ثقافة الرحل    أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.. مشتل يسهم في تألق المنتخبات المغربية    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    "الكاف" يكشف عن تصميم جديد لكأس عصبة الأبطال يوم الخميس المقبل    ترامب: كثيرون يتضورون جوعا في غزة    أوراق قديمة عصِيّةَ الاحتراق !    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    المغرب يواجه جنوب إفريقيا في المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا للشباب    تغازوت تحتضن مؤتمر شركات السفر الفرنسية لتعزيز التعاون السياحي المغربي الفرنسي    لازارو وزينب أسامة يعلنان عن عمل فني مشترك بعنوان "بينالتي"    متحف البطحاء بفاس يستقطب آلاف الزوار بعد ترميمه ويبرز غنى الحضارة المغربية    نداء إنساني من ابنتي الكاتب بوعلام صنصال: لا نعلم أي شيء عن حالته داخل سجنه بالجزائر    من طنجة إلى مراكش.. الصالون الوطني لوكالات كراء السيارات يتوسّع وطنياً    الزيارة لكنوز العرب زائرة / 1من3    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بؤس التأطير في زمن المؤثرين.. بقلم l l يونس التايب
نشر في العلم يوم 17 - 03 - 2021

من الكوارث التي أفرزتها ديناميكية مواقع التواصل الاجتماعي، ظهور بعض "الكائنات" التواصلية التي تجمع بين الجرأة و "الوجه القاصح"، وبين القدرة على الكلام في كل شيء وتقريبا بلا حدود. كائنات تخاطب الناس بما شاءت وكيفما شاءت، وتقوم بمهمة "تأطير" التابعين/المتابعين والتابعات/المتابعات followers، وعموم الرأي العام.
عمليا، صار عندنا "مؤثرات" و"مؤثرون"، يستطيعون إبداء الرأي في إيجابيات وسلبيات أنواع التلقيح ضد كوفيد-19، وفي جيوستراتيجية شمال إفريقيا وملف ترسيم الحدود بين الدول، وفي تضاريس الحياة السياسية و العمل الحزبي، مرورا بأسباب انهيار الليرة اللبنانية، وأركان الدين وفضائل الآداب العامة، وانتهاء بأدوار دود القز في حماية التنوع الطبيعي في غابات الأمازون بالبرازيل والباراغواي.

ولا شك أن هذا الواقع الجديد أفرزته عوامل كثيرة منها، تراجع التأطير السياسي والفكري والثقافي للشباب وللكبار، وتدني مستويات الاهتمام بالفكر والأدب والقراءة، وطغيان نماذج ونخب غير مألوفة جسدت الشعبوية والسياسوية في الفعل الحزبي، وانفجار التطور الرقمي وما صاحبه من تعدد مواقع التواصل الاجتماعي. الشيء الذي أدى إلى حدوث فراغ استغله فاعلون جدد، ليوسعوا من دائرة إشعاع "ثقافة الأكلات السريعة" التي تتلخص في إنتاج ثرثرة واجترار الكلام الفارغ من أي عمق فكري أو رصانة لغوية أو منهجية تحليل معقولة، كما لا أثر فيها لأساسيات فكرية واضحة.

و لأن الفضاء التواصلي يتيح كل الأجناس "الإبداعية" (الشكوى لله!)، رأينا من يفتون في السياسة وفي قضايا الشأن العام وفي أي شيء آخر، بغير علم و لا هدى. وقد تابعنا كيف وصل الغرور والعبث إلى درجة أن تتقاسم معنا "مؤثرة" لتقول أنها "بقيت لوحدها تمارس المعارضة في هذا البلد" ومعها مليون "تابع/متابع" لها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولما لم يكن هذا "الإعلام التاريخي" هو الوحيد، بل تبعته، ذات ليلة، تصريح أكثر جرأة وبلغة تهديدية تبعث على السخرية والاشمئزاز، ظننت أن علينا أن نتأكد لنطمئن هل فعلا أكد أحد من هؤلاء "التابعين" مشاركته، الواعية والعلنية، في المهام الكبيرة التي منحتها "المؤثرة" لنفسها.

وأمام هذا الواقع الجديد المطبوع ببؤس ما صار عليه الوعي السياسي والتأطير الأعوج في زمن "المؤثرين"، سبق لي أن قلت أن تحقيق طموحاتنا الوطنية بالنهضة والتقدم والتنمية، لن يكون سهلا إذا استمر نشر الغباء وتسفيه عقول الناس بشتى الوسائل، وتركنا عقول الناس مرتهنة للدجل التواصلي و لثقافة "الكلاشات" التي نشاهد "تحفها" كل حين.

رأيي، أنه لن يكون ممكنا وقف الانحدار والعبث في التعاطي مع الشأن العام وتسفيه الواقع والإنجازات والمكتسبات، سوى من خلال رد الاعتبار للمفكرين و للعقول المغربية العالمة الأصيلة والمتعددة الروافد، وجعل الحكماء من أصحاب الرأي والمبدعين والمثقفين، يتكلمون في مجالات تخصصهم، وينخرطون في النقاش العمومي من قلب المشهد الإعلامي. بذلك، فقط، سيكون ممكنا خلخلة الرداءة التواصلية الحالية، و دفع "الكائنات الغرائبية" التي صنعناها بمنطق "الضغط على زر الإعجاب"، إلى أن تتوارى شيئا فشيئا إلى الظل، خاصة بعد ما شاهدناه في الآونة الأخيرة من "خرحات".

وتظل الحقيقة هي أن بعض "الكائنات" تظل كركوزية (من الكراكيز!) أكثر منها مؤثرة، كيفما كان ما تحصل عليه من متابعة ومن "لايكات" الإعجاب. وأكيد ستظل عاجزة عن التأثير الهادف والبناء، و غير قادرة على المساهمة في تعزيز وعي جماعي يدعم مسار التقدم والتطور الإيجابي في وطننا. إضافة إلى أنها "كائنات" لن تستطيع المساهمة في حماية المجتمع، بالمفهوم الاستراتيجي للكلمة، خاصة في وقت الأزمات والفتن، لكون صورتها باهتة ولو كثر تابعوها، ويظل كلامها دون مستوى الذكاء الجمعي، غير قادر على أن ينفذ إلى وجدان الناس، عكس خطاب الصدق والإبداع المتميز، والفكر المتنور و الكلمة الهادفة.

ولأن بلادنا تدخل بقوة في مسار تنموي جديد و تسجل حضورا دوليا نموذجيا متميزا، أظن أننا لم نعد في حاجة إلى رموز التفاهة التواصلية والتسفيه الفكري، ولا لإبداعاتهم البهلوانية التي لا ترقى إلى مستوى حساسية ودقة اللحظة التاريخية، ولا تجسد قيم الثقافة المغربية الأصيلة أو أي قيم أخرى نافعة من ثقافات العالم. لذلك، علينا أن نقف ضد التطبيع المتزايد مع تلك "الكائنات" التي تستيقظ بعد ليل طويل، لتبث "لايفات" جديدة كلما أحست أن في "السوق" ما يستحق "الاجتهاد". على العكس، من الواجب علينا أن نصحح الخلل التواصلي الحاصل ونحمي ثقافتنا الوطنية و ثقافاتنا الشعبية المتعددة الروافد، ونقوي التحول الرقمي لإعلامنا، ونجعل التكنولوجيا الإعلامية نعمة لا نقمة، وذلك عبر الحرص على جودة المضامين، و تشجيع بروز مؤثرين حقيقيين في حركيتهم ما ينفع الناس وما يستفز ذكائهم و ما يدفع بهم إلى عوالم الرقي المعرفي، لا أن يستمر من يعتبرون أن التأطير السياسي والمجتمعي، يقاس بحجم الإساءة لكل من "جات فيه النوبة"، من أشخاص عموميين و مؤسسات، عبر لايفات فيها من التسفيه و رفع الصوت دفاعا عن أي شيء "جابو الله في الطريق"، ما لا يستقيم به شيء يساعد في تنمية الوطن.

أمام ما نرى في هذا الزمن التواصلي، علينا أن لا نتردد في مواجهة التفاهة عبر فعل إشاعة الثقافة الوطنية التي تحافظ على أصالة قيم الأمة المغربية، و تتيح في نفس الوقت حداثة تستند إلى العقل والعلم والمعرفة. و من المهم جدا أن نفتح هذا الورش، قبل أن تنهي بعض "الكائنات التواصلية" جهودها لتشويه كامل الوعي الجماعي، ونسف مقومات الاعتزاز بما هو جميل في هذه الأرض بما فيه من أشياء تستحق الحياة، وما يحتضنه من قيم كفيلة بتعزيز حظوظنا في الرقي فكرا وممارسة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.