غيّب الموت مساء الاثنين 2 يونيو 2025، أحد أبرز رجالات الدولة في المغرب، عبد الحق المريني، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي ومدير القصور الملكية والتشريفات والأوسمة السابق، عن عمر ناهز 91 سنة، بعد مسيرة طويلة حفلت بالعطاء الفكري والإداري. ولد الراحل في الرباط يوم 31 ماي 1934، وبدأ مشواره العلمي بحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، قبل أن يتابع دراسته بثانوية مولاي يوسف. حصل على دبلوم معهد الدراسات العليا المغربية سنة 1960، والإجازة في الآداب من كلية الآداب بالرباط سنة 1962، ثم دبلوم الدراسات العليا من معهد الدراسات العربية والإسلامية العليا بجامعة ستراسبورغ سنة 1966، فدكتوراه جامعية من المؤسسة ذاتها سنة 1973، وأخيرًا دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة محمد بن عبد الله بفاس سنة 1989.
عرف المريني بمسيرته الأكاديمية والتربوية، إذ اشتغل أستاذًا للغة العربية والتربية الوطنية في ستينيات القرن الماضي، وتقلد مناصب إدارية عديدة، منها رئيس ديوان نائب كاتب الدولة في التعليم التقني (1964-1965)، ثم التحق بمديرية التشريفات والأوسمة، التي ظل بها إلى غاية تعيينه مديرًا لها سنة 1998.
وفي سنة 2012، عُين مريني ناطقًا رسميًا باسم القصر الملكي، خلفًا لحسن أوريد، بعدما ظل يشغل مهامًا استشارية في دواليب القصر منذ سبعينيات القرن الماضي.
بعيدًا عن المناصب، ترك عبد الحق المريني بصمته في التاريخ الثقافي المغربي، باعتباره أحد المؤرخين الرسميين، ومؤلفًا غزير الإنتاج. من أبرز مؤلفاته: الجيش المغربي عبر التاريخ (1968)، شعر الجهاد في الأدب المغربي (أطروحة دكتوراه، 1968)، مدخل إلى تاريخ المغرب الحديث (1996)، محمد الخامس: دراسات وشهادات (1998)، والملك الحسن الثاني: الإنسان والملك (1985)، إلى جانب مؤلفات أخرى تعنى بالمرأة والتقاليد المخزنية.
وقد توّج عطاؤه بجوائز مرموقة، منها جائزة المغرب للكتاب سنة 1968 عن كتابه "الجيش المغربي عبر التاريخ"، وجائزة عبد الله كنون للآداب والدراسات الإسلامية سنة 1997 عن كتابه "شعر الجهاد في الأدب المغربي".
رحيل عبد الحق المريني لا يمثل فقدان شخصية مخزنية رسمية فحسب، بل نهاية صفحة من ذاكرة المغرب السياسية والثقافية، بكل ما حملته من وفاء للتاريخ ورصد لتطور الدولة المغربية في عهد الحسن الثاني ومحمد السادس.