... ما حدث بتونس لم يكن بالشيء الاستثنائي كما أراد البعض أن يصفه، بل هو حدث متميز، وتميزه يكمن في كونه ثورة شعبية صرفة قادها عامة المواطنين المكلومين من القاعدة بقاسم مشترك بينهم هو الإحساس بالغبن والقهر والظلم وإهانة كرامة مواطنتهم، وبهذا وقف العالم أجمع أمام ثورة شعبية تقود نفسها بنفسها لإزاحة رموز الفساد والقهر والإستغلال، وفي هذه الثورة درس بليغ أدرك من خلاله الكثيرون، أن الشعب عندما يقول كلمته من أجل تحقيق كرامته لن تستطيع أي قوة التصدي لها أو الإطاحة بها أرضا، فلا الرصاص الحي ، أو القنابل بمقدورها إخماد ثورة الغاضبين، ولا ألاعيب رموز وأتباع الحكم تنجح في استدراجها بخيارات وحيل ملَّ وكلَّ الشعب من سماعها من حين لآخر، كذرائع للمضي في كتم أنفاسه، والتي لم تنطل عليه حيل وخيارات المفسدين الذين لم يجدوا خيارا غير الهروب للنفاذ بجلدهم، مخافة المحاسبة على ما اقترفوه من جرائم سياسية وحقوقية وإنتهازية. وكون هذا الحدث خلد لثورة الشعب التونسي الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه، لابد من الوقوف على دلالات أبيات شعرية لكل من الزعيم علال الفاسي والشاعر التونسي أبي القاسم الشابي وقد قال زعيمنا: كل صعب على الشباب يهون، هكذا همة الرجال تكون.. فيما قال أبو القاسم: إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر.. والبيتان معا يصبان في مفهوم واحد هو أن الظفر بالعزة والكرامة، لابد فيها من همة الشباب وإرادة الشعب، وهذا ما وقع عليه الشارع التونسي بثورته ودماء شبابه ورجالاته..!!