قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية "أمين التهراوي" إن الوزارة شرعت في تنزيل إصلاح هيكلي عميق للمنظومة الصحية الوطنية، وذلك انسجاماً مع مضامين القانون الإطار رقم 06.22، الذي يمثل خارطة طريق استراتيجية لبناء نظام صحي وطني منصف، متكامل وفعّال. وأوضح الوزير خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب اليوم الاثنين، أن هذا الإصلاح يستند إلى أربعة محاور كبرى، تأتي في مقدمتها تقوية العرض الصحي، وذلك من خلال استثمارات غير مسبوقة رُصدت ما بين 2022 و2025، لتأهيل البنية التحتية وتوسيع التغطية الصحية، لاسيما في العالم القروي والمناطق النائية. وأضاف التهراوي أن هذه الاستثمارات شملت بناء ستة مستشفيات جامعية جديدة بطاقة استيعابية تبلغ 3.807 سريراً، وبكلفة إجمالية تفوق 20,6 مليار درهم، إلى جانب برنامج شامل لتأهيل وتجهيز المستشفيات الجامعية الحالية، رُصد له غلاف مالي يفوق 1,7 مليار درهم. وتابع أن الوزارة أطلقت كذلك برنامجاً وطنياً لتأهيل 83 مؤسسة استشفائية بسعة إجمالية تصل إلى 8.700 سرير في أفق 2030، فضلاً عن إحداث 40 مستشفى للقرب لتحسين التكفل المحلي وتخفيف الضغط على المستشفيات الجهوية والجامعية. وأشار الوزير إلى أن منظومة الرعاية الصحية الأولية شهدت بدورها دينامية نوعية، حيث تم إطلاق ورش تأهيل 1.400 مركز صحي، أي ما يمثل 46% من الشبكة الوطنية، بغلاف مالي قدره 6 مليارات درهم، وتغطي هذه العملية 94% من الأقاليم، على أن تُستكمل الأشغال نهاية سنة 2025. وأوضح أن هذه المراكز ستُجهّز بالخدمات البيوطبية الأساسية، مع توسيع عرضها العلاجي ليشمل مجالات الصحة الإنجابية، والتلقيح، والأمراض المزمنة، ورعاية الفئات الهشة، ضمن رؤية متكاملة للوقاية والتكفل. وفيما يخص الموارد البشرية، شدد التهراوي على أن الوزارة وضعت رؤية شاملة لتعزيز الجاذبية وضمان توزيع عادل للأطر الصحية، مشيراً إلى توقيع الاتفاقية الثلاثية مع وزارتي التعليم العالي والاقتصاد والمالية، لرفع الطاقة التكوينية ومضاعفة عدد الخريجين في أفق 2030. وأكد أن الجهود الحكومية شملت أيضاً تنويع العرض الجامعي ليشمل الجهات غير المستفيدة سابقاً، إلى جانب توظيف أزيد من 15.000 إطار صحي ما بين 2020 و2024، مع تخصيص 6.500 منصب مالي إضافي سنة 2025، واعتماد التوظيف الجهوي المرتبط بالتكوين المحلي لضمان الاستقرار. وأبرز التهراوي أن سنة 2025 شهدت تعيين أكثر من 1.000 طبيب أخصائي، مما ساعد على سد الخصاص في مختلف الأقاليم، إلى جانب تفعيل مشروع الوظيفة الصحية الجهوية، ومراجعة نظام الأجور والتعويضات، وخاصة في المناطق النائية، دعماً لجاذبية هذه المناطق وتحفيزاً للاستقرار المهني. أما على مستوى الحكامة، فقد أكد الوزير أن إصلاح المنظومة الصحية يستند إلى بنية مؤسساتية جديدة، تُمكن من تحقيق التقائية البرامج، وتعزيز النجاعة والعدالة المجالية. وأشار في هذا الإطار إلى إرساء هيئات وطنية جديدة تشمل الهيئة العليا للصحة، والوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، باعتبارها أدوات استراتيجية لترسيخ حكامة فعالة ومبنية على التقييم والمراقبة. وأوضح أن الوزارة شرعت فعلياً في تنزيل المجموعات الصحية الترابية، باعتبارها مؤسسات عمومية استراتيجية ستُحدث نقلة نوعية في التدبير الصحي الجهوي، مشيراً إلى أن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ستكون أول جهة تُفعّل هذا النموذج الجديد. وكشف التهراوي أن النصوص التطبيقية المرتبطة بهذه المجموعات تم إعدادها، وتشمل مشروع مرسوم النظام الأساسي لمهنيي الصحة، ومشروع قرار انتخاب ممثليهم في المجالس الإدارية، إضافة إلى مشروع مرسوم يحدد تاريخ انطلاق العمل الفعلي بالمجموعة الصحية الترابية الأولى. وأكد الوزير على أن عقد أول اجتماع لمجلس إدارة المجموعة الصحية الترابية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة، إيذاناً بدخول مرحلة جديدة من التدبير الترابي للصحة، قوامها الكفاءة، القرب، وحكامة الأداء.