تتعامل السلطات الأمنية منذ أسابيع باهتمام خاص مع التهديدات الارهابية المتواترة الصادرة عن الجماعات الجهادية الناشطة بمنطقة الساحل و التي تحاول جمع شتاتها و تركيز نشاطها في أعقاب الخسائر التي تكبدتها نتيجة التدخل العسكري بمنطقة شمال مالي . و كانت الجماعة الجهادية المدعوة ب"الموقعون بالدم" التي يتزعمها الجزائري المختار بلمختار المكنى بأبي العباس الأعور قد أعلنت عن حل نفسها و انصهارها مع جماعة التوحيد و الجهاد في المغرب الاسلامي ، في تنظيم جديد تحت اسم " المرابطون " وضع من بين أهدافه شن ضربات نوعية و كبيرة بمنطقة شمال إفريقيا و الساحل ، بما فيها المغرب و هي التهديدات التي أخذتها المصالح الأمنية المغربية على محمل الجد ، و باشرت الى تكثيف عملياتها الاستباقية التي توجت بتفكيك عدة خلايا جهادية منذ الربيع الماضي ، تبت أنها كانت تعد العدة لضرب مراكز حساسة بالمدن المغربية . و تفيد التقارير الأمنية و الاستخباراتية أن منطقة شمال افريقيا أضحت تمثل مركز جاذبية مغرية للمشروع الارهابي لتنظيم القاعدة و التنظيمات الموالية له بمنطقة الساحل ، و شمال إفريقيا مستثمرة أجواء التناحر ، و عدم استتباب الأمن التي توفرها مناطق واسعة بالجنوب التونسي و الليبي ، و منطقة الساحل و معتمدة على الجزائر كنقطة ارتكاز أساسية لاعادة بعث الحركات الجهادية التقليدية أو الخلايا النائمة ، بمختلف بلدان الشمال المغربي و ضمنها المغرب الذي ما زال يمثل بالنسبة للمشروع الارهابي القاعدي منفذا حساسا و مهما نحو القارة الأوروبية . و بالقدر الذي يبحث فيه تنظيم المرابطون الوليد عن الفرص المواتية لتنفيذ عملية استعراضية كبرى توقع على شهادة ميلاده الارهابية ، و تخلق حدثا إعلاميا دوليا يعكس قوة التنظيم و فعاليته يبدو المغرب في قلب معادلة التوسع الارهابي التي يعول عليها الكثير لتجريد المملكة من امتياز الاستقرارالأمني ، الذي تنعم به عموما و كسر الفعالية الأمنية للأجهزة الاستخبارتية الوطنية ، التي أبانت لحد الساعة عن كفاءة ، و حنكة مشهود بها دوليا في مجال النشاط الاستباقي لتعطيل أي مشروع إرهابي يترصد أمن المملكة . و تمثل الحدود الشرقية و الجنوبية للمملكة في ضوء التحولات الجديدة لمنظومة الشبكات الارهابية الناشطة بالساحل ، و التي تتخذ من التراب الجزائري مركزا لمخططاتها الاقليمية الهدامة تهديدا مباشرا و مسترسلا للاستثناء المغربي المتسم بالهدوء ، فالسلطات الأمنية الجزائرية التي تعد أراضيها مركز إنطلاق و انتشار الخطر الارهابي القاعدي تتلكأ في التعاون الاستخباراتي مع الرباط لمتابعة و احتواء المد الارهابي المتسلل عبر الحدود، و ترفض تمكينه من رصيد التقارير الاستخباراتية الهامة التي تتوفر عليها في شأن الزعامات الارهابية النشيطة بالمنطقة التي يحمل جلها الجنسية الجزائرية و التي تربط بعضها صلات وطيدة مع أجهزة الاستعلامات العسكرية الجزائرية على الرغم من أن البلدين تجمعهما في إطار اللجان المشتركة المنبثة ، عن اتحاد المغربي العربي خطة منبثقة عن المؤتمر الوزاري الإقليمي تتعلق بالأمن الحدودي المشترك بين البلدان الخمسة . و تذهب تقارير الى حد أن السلطات الجزائرية تتعمد أحيانا التستر على بعض التقارير الاستخباراتية الخاصة و توظفها لأغراضها الخاصة على الرغم من صلتها بأمن و استقرار البلدان المجاورة ،كما هو الحال بالنسبة لقرائن الصلات المشبوهة التي تربط قيادات إنفصالية بتندوف بالمشاريع الارهابية بمنطقة الساحل أو بزخم المعلومات التي تتوفر عليها مصالح الاستعلامات العسكرية الجزائرية في شأن تنظيم المرابطون الذي يهدد دول المنطقة علما بأن مؤسسه بلمختار ظل لسنوات من المقربين للمخابرات الجزائرية و أن هذه الأخيرة وظفت جماعته في بعض المناسبات لخلخلة موازين القوى بمنطقة الساحل بما يخدم أجندة حكام الجزائر الذين ظلوا لأكثر من عقدين يراهنون على الاستفراد بموقع المفاوض الوحيد للعالم الغربي و لواشنطن على وجه التحديد فيما يتصل بقضايا الارهاب بمنطقة الساحل و شمال إفريقيا