أَجْنِحَةُ الريحْ

بَيْنَ كَأْسِ الضّبابِ،
وأَوْرَاقِ غَيْم خَفِيفِ،
رَأَيْتُ أَصَاِبعَهَا،
تنْقُشُ اْلأَرْضَ فِي غَفُلَةِ
مِنْ هَجِيرِ
عَلَى طَبَقِ مِنْ قِنَاعِ الْغُبَارْ.
تَتَمَرَّغ ُنَايًا بِمِلْحِ الرَّحِيلْ.
هِيَ عَاشِقَةٌ تَتعَطَّرُ دُونَ الصَّبَايَا
بِأَنينِ الطَّبيعَةِ قبْلَ فَوْضَى الْهِلَالَيْنْ.
صَوْتُهَا فَيْضُ دَمْعِ
تَدَفَّقَ مِنْ نُذُرِ الْقَصَبْ.
بَيْنَ كَأْسِ الضَّبَابِ،
وَأَوْرَاقِ غَيْمِ خَفِيفِ
كَانَتِ الرِّيحُ تَنْحَتُ تِمْثَالَهَا فِي عُيُونِي:
لا تَضَعْ سُكَّرًا فِي حَلِيبِ الْحَصَى.
لا تَضَعْ وَرْدَةً فِي سَرِيرِ الرَّدى.
فَأَنَا مِنْ شَتيتِ الْجَمَادِ،
أُسَافِرُ فِي سُفُنِ الْغَضَبْ،
أَصْنَعُ الرُّوحَ مِنْ حَبَقِ نَائِمِ
وَسْطَ آجَامِ رَمْلِ
يُكَلِّمُ فَاكِهَةَ الشّْمسْ.
أتَغَنَّى بِصَمْتِ الْمَسَاءاتِ،
حِينَ يَنْزِلُ الْهَمْسُ
مِنْهَا شَبِيهًا بِذَاكِرَةِ اللَّمْسْ.
يَا غَدِيرًا يُكَسِّرُ إِيقَاعَ حُبِّي
عَلى وَتَرِ الْمُسْتَحِيلْ.
لِمَ لَا يَتَحَوَّلُ ثَلْجِي
إِلَى حَبَّةِ مِنْ تُرَابْ،
أتَكَوَّرُ سَهْوًا،
لِكَيْ تَأْخُذَ الرِّيحُ مِنِّي دَقَائِقَ عُمْرِ
تَعُودُ عَلَيَّ اخْضِرَارًا.
فأنا ذَرَّة ٌتَعِبَتْ مِنْ فَمِ الْغُرَابْ.
شَرَّقَتْ،وَجَدَتْ
فَيْلَقَ النَّمْلِ فَي زَادِهِ الْجَمَرَاتْ.
غَرَّبَتْ،وَجَدَتْ
عَسَلاً لا يَحِنُّ بِأَكْثَرَ مِنْ نَجْمَةِ
تَتَلَهَّى بِمَنْفَى الْعِبَارَاتْ.
تَعِبَتْ رِيحُنَا مِنْ يَدِ الشَّوْكِ.
يَا سَيِّدَ الْعُشْبِ
قُلْ لِلرَّسُولَةِ كُونِي جَنُوبًا عَصِيًّا،
لَا تُبَالِي بِلَوْنِ الرَّمَادِ،
وَكُونِي لَحْظَةً لِلْحَدِيثِ الَّذي
ذَكَّرَ الْوَلَدَ التَّائِهَ
بِخُزَامَى الْبَلَدْ.
لَسْتُ أَدْرِي حُظُوظَ الْمُسَافِرِ
فِي وَرَقِ دَارَتِ الرِّيحُ بِهِ
دَوْرَةً دَوْرَةً
تَنْحَنِي لِلضَّيَاعْ.
تَتَعَثَّرُ بَيْنَ سُؤَالِ اللَّيَالِي وَلَيْلِ السُّؤَالْ.
أَيُّهَا الْحَاِرسُونَ لأَجْنِحَة ِالرِّيحِ،
لا تَقلَقُوا،
فَأَنَا مِنْ سُلَالَةِ روحِ،
تَطِيرُ وشَاحًا مَعَ الرِّيحِ
عِنْدَ الْخَرِيفْ.
كَيْ أُرَتِّبَ قَلْبَ الشَّجَرْ.
كَيْ أُغَيِّرَ مَجْرَى الْحَجَرْ.
كَيْ أُعَانِقَ حُلْمَ الْبَشَرْ.
يَا خَلِيلَةَ فَجْرِ سَخِيِّ بِنُورِهِ،
يا زَهْرةَ الْوَجْدِ فِي مَنْهَلِ الْكَلِمَاتْ:
هَلْ أَبَاحَ لَكِ الْبَرْقُ بَعْدَ فِرَاقِ السُّنُونُو
بِمَا خَبَّأَ الْوَرْدُ مِنْ دَاءِ شَوْكِهِ،
أَمِ اكْتَفَى بِظِلَالِ الصَّبَابَةِ،
حِينَ رَآكِ بِلاَدًا تَتَسَكَّعُ فِيهَا الْخَفَافِيشُ لَيْلاً؟؟؟
فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْكِ
وكُلِّي سَرَابٌ عَلَى طَلَلِ الْعَطَبْ؟؟؟.
قيلَ لِي :
بِجُنونِ الرُّؤى،
وَبِأَجْنِحَةِ الرِّيحِ تَأتي العزائم
يا شَاعِر الِّذكْرياتْ.