بعد مرور خمسين سنة على استقلاله، عرف المغرب تحولات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ومؤسساتية، أفرزت تغيرات عميقة في بنيات اقتصاده وظروف معيشة ساكنته، تلك هي فاتحة الخلاصات التي أقرها المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي بمناسبة تقديم نتائج البحث الوطني حول الحركية الاجتماعية بين الأجيال لسنة 2011. وأجري البحث الوطني حول الحركية الاجتماعية بين الأجيال المنجز على الفئة العمرية 20 سنة فما فوق، ينتمون ل 60 ألف أسرة، بهدف تحليل التحولات التي طرأت على الخصائص السوسيومهنية والاجتماعية لهذه الفئة العمرية مقارنة بآبائهم، وهي الدراسة الأولى من نوعها ببلادنا. وتبين نتائج البحث، أن ترقي الفرد المغربي على السلم الاجتماعي يتم بين فئات جد متقاربة. وتمثل حالات الحركية الاجتماعية التصاعدية التي تلج إلى مرتبة واحدة أو إثنتين أعلى من مرتبة آبائهم نسبة حوالي 83 في المائة، بموازاة 82.5 في المائة من حالات الحركية الاجتماعية التنازلية التي تتراجع بدرجة واحدة مقارنة مع وضعية آبائهم. بمعنى أن المغاربة لا تحسن في مستواهم عما كان عليه آباؤهم من قبل بل قد يكون أسوء. وهو ما تؤكده الدراسة، بوصفها أن حظوظ الأفراد المنحدرين من فئة «عامل أو مياوم بدون تأهيل» للولوج إلى فئة «مشغلين غير فلاحيين، وأطر عليا وأعضاء المهن الحرة» تظل محدودة في المغرب بنسبة لا تتجاوز 1.9 في المائة، و أن 4.6 مرة هي فقط حظوظ الحصول على فرصة عمل بالنسبة للنشيطين ذوي التعليم الثانوي مقارنة بغير المتوفرين على مستوى تعليمي. كما توضح نتائج البحث أنه بالرغم من الحركية البنيوية القوية التي تعرفها النساء في بلادنا، يبدو أن ضعف ولوجهن إلى الحركية الاجتماعية، يتحكم فيه بشكل كبير عامل التمييز على أساس النوع. وهكذا فإذا أخذنا نفس العمر ونفس وسط الإقامة ونفس المستوى الدراسي ونفس الوضع السوسيومهني للأب، نجد أن الرجل يتوفر على حظ يفوق 7.1 مرات مما هو عليه لدى النساء للولوج إلى وضعية اجتماعية أعلى من وضعية الأب.