مشروع قانون مالية 2026..الحكومة تتعهد بمواصلة سياسة الربط بين الأحواض ودعم مدارس "الريادة"    الملتقى الدولي لمغاربة العالم يحتضن مبادرات مغاربة العالم    من الاستثناء إلى التقييد: واقع حرية التعبير في المغرب    التفاهة من منظور القانون المغربي    "المغرب الصاعد" يحقّق تدبيرا ميزانياتيا حذرا ويتحكم في نسبة الدين الخارجي    80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025            مستثمرون من مغاربة العالم: عراقيل إدارية تهدد مشاريعنا بالمغرب    الرئيس الروسي بوتين يعرض وقف الحرب مقابل السيطرة على شرق أوكرانيا    العدالة الفرنسية تلاحق دبلوماسياً جزائرياً بتهم خطيرة.. باريس تكشف الوجه الإجرامي للنظام الجزائري    دول ترفض سيطرة إسرائيل على غزة    وفاة رائد الفضاء الأمريكي جيم لوفيل قائد مهمة "أبولو 13" عن 97 عاما    الوداد وأولمبيك آسفي يتعرفان على خصومهما في كأس "الكاف"    قرعة دوري أبطال إفريقيا تضع الجيش ونهضة بركان في مواجهات حاسمة    موسم مولاي عبد الله أمغار... 122 سربة و2065 فرس يرسمون لوحات التبوريدة في أبهى صورها    المغرب ينال ذهبية بالألعاب العالمية    ترويج الكوكايين يوقف ستة أشخاص    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الدرهم يرتفع مقابل الدولار وتراجع مقابل الأورو خلال الأسبوع الماضي وفق بنك المغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    مداغ: شيخ الطريقة القادرية البودشيشية جمال الدين القادري بودشيش في ذمة الله    حكم ثقيل على إمام مسجد بجماعة المعاشات بسبب اعتداءات جنسية    بورصة الدار البيضاء .. أهم نقاط ملخص الأداء الأسبوعي    برنامج "نخرجو ليها ديريكت" يناقش تفاوت التنمية بين جهات المملكة وتحذيرات من استمرار المغرب بسرعتين    الملك محمد السادس يواصل رعايته السامية لمغاربة العالم عبر برامج تعزز الارتباط بالوطن وتواكب التحول الرقمي    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    أكثر من مليون مهاجر غير شرعي غادروا الولايات المتحدة منذ عودة ترامب    محامية تتعرض لاعتداء خطير على يد زوجها المهاجر داخل مكتبها    المديرية العامة للأمن توقف ضابط مرور طلب رشوة 100 درهم مقابل عدم تسجيل مخالفة    كيوسك السبت | التجارة الإلكترونية بالمغرب تلامس 2200 مليار سنتيم سنويا    زوما يصفع من جوهانسبرغ النظام الجزائري والموالين له بجنوب أفريقيا: نجدد دعمنا لمغربية الصحراء وعلم جنوب إفريقيا رمز للشعب وليس أداة بيد السلطة    تمديد فترة الميركاتو الصيفي بالمغرب إلى غاية 25 غشت    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا طارئا الأحد بشأن خطة إسرائيل السيطرة على غزة    المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا    الشان يؤخر صافرة بداية البطولة الوطنية في قسميها الأول والثاني    تيزنيت : شبهات تواطؤ بين مسؤولين ولوبي العقار في قضية الواد المدفون    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    المعرض الوطني للطوابع والمسكوكات يتوج نسخته الثانية في مدينة خنيفرة بندوة علمية حول تاريخ النقود والبريد    بطولة إسبانيا.. مهاجم برشلونة ليفاندوفسكي يتعرض للإصابة    وفاة الفنان المصري سيد صادق    لطيفة رأفت تعلق على "إلغاء حفلين"    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"    العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع البغاء المغربي بباريس.. ثلاثة صنوف من شغالات الجنس المغربيات بدافع الحاجة والإغراء واغتيال حالات الإحباط اليومية.. بقلم // ذ. أحمد الميداوي
نشر في العلم يوم 07 - 01 - 2016

يحدث أن تلمح عيناك في بعض الفضاءات الصاخبة بباريس إعلانات لامرأة مسلمة متحجبة وبجانبها فتاة غربية تبدي مفاتن جسمها الرشيق، والاثنتان تقدمان إشهارا لمواد تجميلية. ربما يعكس الإعلان بقصد أو عن غير قصد التفاوت والصراع القائمين بين ثقافتين: غربية متمردة لا تعترف بالموروث الاجتماعي كقاعدة مرجعية في الفكر والسلوك، وإسلامية متمسكة بثوابت هويتها وترفض الاندماج في ثقافة جديدة عليها. والصراع الذي لا يمكن حصره بالطبع في مجرد إظهار المفاتن أو حجبها، غالبا ما ينتهي لصالح الفئة الأولى التي ترفض بشدة سلطة المرجعيات الأخلاقية وتصر على التحرر من الأنماط السلوكية "البالية" شعارها في ذلك أن الجسد ملك لصاحبه، ومن حقه أن يفعل به ما يشاء.
مثل هذا التصادم حاضر بقوة في أسواق الدعارة الفرنسية التي تعج بعشرات المئات من بنات الوطن العربي اللواتي يمارسن البغاء بكل صنوفه بدءا من صالونات التدليك والفنادق إلى بيوت الدعارة والشاحنات الصغيرة التي تنتصب ببعض مداخل باريس وبالحدائق الغابوية كجزء من قلاع البغاء والفساد بباريس.
وتسعى الباغيات الفرنسيات أو العاملات في الحقل الجنسي إلى تنظيم أنفسهن نقابيا لمواجهة تدفق بائعات الهوى الوافدات من البلدان العربية ومعظمهن من المغرب العربي وبلاد الشام (لبنان، سوريا والأردن وحتى مصر) حيث المنافسة وإن كانت تُكسب الفرنسيات نقطا بخصوص الأناقة وحسن المظهر، فإنها في غير صالحهن فيما يخص الجمال وصغر السن وأيضا قبول الوافدات بأسعار تقل كثيرا عن تسعيرة بنات البلد.
وعلى خلاف بعض الدول الأوربية مثل ألمانيا وهولندا والبلدان الإسكندنافية التي تتعامل مع الدعارة كمهنة مقننة مثل باقي المهن، تعيش فرنسا جدلا واسعا بين من يرى في الدعارة نوعا من الاستغلال والاستعباد الذي يتعين ردعه وتحريمه، ومن يعتبرها نشاطا كباقي الأنشطة المهنية يتطلب نصوصا وتشريعات ترسم شروط وآليات الممارسة. وبين رأي الفريقين تطفو ميدانيا على السطح، لعبة القط والفأر بين الساسة ومحترفي البغاء حيث السلطات لا تتعامل مع الدعارة سوى من زاوية تضييق الخناق عليها وخلق بعض المتاعب لممارسيها وخاصة شبكات البغاء المرتبطة بالهجرة التي ينظر إليها كواحدة من العوامل الرئيسية في تفشي الفساد والرذيلة.
أما واقع البغاء المغربي بباريس، فيأخذ أشكالا متعددة ضمن ثلاثة صنوف من شغالات الجنس.. صنف وُلد وترعرع في الوسط الاغترابي ويحترف البغاء بدافع المتعة والحصول على المال. ، وتلجأ هذه الفئة في معظم الأحيان إلى الملاهي الليلية العربية، وخاصة المراقص اللبنانية المتكاثرة بباريس، حيث الأجواء مناسبة لاقتياد الفرائس، بعد انتهاء ساعات السهر، لبعض الفنادق المجاورة التي يتراوح سعر المبيت بها ما بين 400 و500 أورو.
والصنف الثاني تم تهجيره بواسطة عقود عمل تقضي باحتراف البغاء وإسعاد الزبائن مقابل أجور مغرية تتراوح ما بين 1200 و 1800 أورو شهريا (حوالي 15 إلى 20 ألف درهم). وتعيش هذه الفئة التي تم تهجيرها تحت وعود كاذبة، حالات استرقاق حقيقية تخفي وراءها مآسي إنسانية عديدة.
وتبدأ رحلة عذابها عند الوصول إلى العاصمة حيث يتحول حلم العيش الرغيد إلى جحيم بمجرد معاينة الواقع واكتشافهن الخدعة.. فوسطاء البغاء يفضلون استدراج شغالات الجنس لا لبغاء المراقص والحانات وصالونات التدليك، وإنما لأشد أنواع البغاء استهتارا بالكرامة البشرية : دعارة البيوت التي تستوجب من بائعة الجسد ممارسة الجنس مع أكبر قدر من الوافدين وبأجور زهيدة، إذ تتجاوز الممارسة في معظم الأحيان عشرين زبونا في اليوم من فئات الآسيويين والأفارقة وغيرهم من المهمشين الذين يجدون ضالتهم في هذه الممارسة حتى وإن كانت تفتقر إلى بعض مستلزمات النظافة والصحة.
أما الفئة الثالثة فتشمل الطالبات ومعظمهن مجبرات على تأمين مصاريف العيش والكراء والمستلزمات الدراسية المختلفة. غير أن الشائع في أوساط البغاء الطلابية، أن طالبات المغرب على الخصوص، لا يبعن أجسادهن بدافع الحاجة فقط، وإنما أيضا بدافع الإغراء والاستمتاع بحياة الانفتاح الغربية والتأثر بزميلاتهن المغاربيات وخاصة العربيات المقيمات بفرنسا (لبنانيات، سوريات، مصريات ..).
والباحث في أوضاعهن لا بد وأن يقف على مجموعة من التناقضات والاختلالات في التنشئة والقناعة والتوجه. فهناك فئات منهن تأثرن بسرعة بشابات الهجرة وانسلخن بشكل مباغث عن أصولهن ونشأتهن الاجتماعية...فلا نفوذ أو تأثير لذويهن عليهن. وتراهُن تائهات في سلوكهن حيث لحم الخنزير في ثقافتهن لحم مسموح ولذيذ، والأفلام الإباحية جزء من المتعة الحياتية، والدعارة والفساد اختيار لا شأن للآخر فيه ما دام الجسم ملك لصاحبه، والاحتشام والوقار ضرب من الممارسات الماضوية.
وتمكنت هذه الفئة من الانغماس والذوبان في المجتمعات المضيفة إلى حد أنها تتفادى بنات جلدتها "المتزمتات الغبيات"، ولا تتماهى إلا مع الوجه القذر للحضارة الغربية الذي يقدم الجسد الأنثوي كسلعة قابلة للتجارة، ويتعامل معه عبر تسويقه في الأغاني والإعلانات التجارية.
وتعيش هذه الفئة التي ترفض اليوم العودة إلى وطنها، ضمن مناخين لم ينتج عنهما مناخ معتدل: تجدها بالنهار ميالة إلى التقوقع والانغلاق داخل بيوتها، حتى إذا أتى الليل، تتسارع نحو مختلف المراقص العربية للبحث عن عاشق ليلة تغتال بقربه حالات الاغتراب والإحباط النهارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.