حقّق المغرب "تدبيرا ميزانياتيا حذرا"، ساهم في "التحكم في عجز الميزانية في حدود 3.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024؛ بينما تجاوز 7 في المائة بالعديد من الاقتصادات الصاعدة الأخرى. كما استقرّ الدين العمومي في حدود 67.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال السنة نفسها"؛ وهو "مستوى مديونية أدنى من المستوى المسجل بالعديد من الاقتصادات الصاعدة مثل البرازيل وجنوب إفريقيا، حيث تجاوز 85 في المائة من الناتج الداخلي الخام". ويصنف هذا المستوى من المديونية المغرب تحت عتبة النسبة الحرجة البالغة 70 في المائة، والتي تعتبر مؤشرا لليقظة في البلدان الصاعدة، مع مواصلة الاستثمار في أولوياته الاستراتيجية كالتعليم والصحة والانتقال الطاقي والبنية التحتية. كما اشتغل البلد على "تعزيز المالية العمومية؛ من خلال اعتماد إصلاحات جبائية تدريجية للضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل، وتوسيع الوعاء الضريبي، وتحسين حكامة النفقات". وحسب المعطيات المتوفرة، فإن البلد المغاربي استطاع كذلك "التحكم في التضخم ووضع سياسة نقدية ذات مصداقية"، حيث "استقر التضخم في مستويات نسبيا منخفضة على المدى الطويل بمتوسط تراوح بين 1.5 في المائة و2 في المائة و0.9 في المائة سنة 2024؛ وهو مستوى أقل بكثير مما هو مسجل في العديد من الاقتصادات المماثلة، بمعنى أكثر من 30 في المائة في مصر، وأكثر من 50 في المائة في تركيا. وضع خارجي محفز وفق المعطيات التي تتوفر عليها هسبريس، فإن الوضع الخارجي للمغرب يعكس تدبيرا صارما لميزان الأداءات، مدعوما باستقرار الدرهم ودينامية الصادرات الصناعية والسيارات والفوسفاط والصناعات الغذائية، والتحويلات المستدامة للمغاربة المقيمين بالخارج التي بلغت أكثر من 117 مليار درهم سنة 2024، فضلا عن استمرار جاذبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي حققت 43 مليار درهم. أمّا بالنسبة لاحتياطيات العملة الصعبة، فقد بلغت ما يناهز 403 مليارات درهم عند بداية شهر يوليوز 2025 أي ما يفوق 5,5 أشهر من واردات السلع والخدمات؛ وهو مستوى يعتبر مريحًا جدا مقارنة مع 3 أشهر من الواردات الذي يعتبر الحد الأدنى بالنسبة للدول الصاعدة. ويظل عجز الحساب الجاري متحكما فيه، بقيمة 1.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، رغم ضغط فاتورة الواردات لدعم الاستثمار. وحقّقت المملكة "زخما متواصلا" للاستثمار العمومي بلغ 340 مليار درهم سنة 2025 لدعم البنية التحتية والطاقة والصحة والرقمنة وغيره، وضَمن دخول الميثاق الجديد للاستثمار حيز التنفيذ إلى جانب تسريع وتيرة تدخل صندوق محمد السادس للاستثمار وتعزيز جاذبية رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، وكذا استفادة النسيج الاقتصادي من سياسات صناعية موجهة نحو السيارات والطيران والصناعات الغذائية والطاقات المتجددة التي تساهم في تطوير الاقتصاد. ويتميز المغرب بحضوره المنتظم والمنضبط بالأسواق المالية الدولية، (...) وتمكن من إصدار عدد من السندات السيادية الناجحة، لا سيما باليورو والدولار، والتي اتسمت بانخراط متميز وآجال استحقاق طويلة وشروط تمويل تنافسية، وكان آخر هذه الإصدارات في شهر مارس 2025، حيث نجحت بلادنا من إصدار سندات بقيمة ملياريْ يورو في سوق السندات الدولية. وتعكس هذه المردودية "مصداقية الأسس الماكرو-اقتصادية للمملكة، وجودة وضعها السيادي وصلابة إطار حكامتها المالية والميزاناتية". كما شرع المغرب في الانخراط في ورش هيكلي لتحديث إطاره التنظيمي والمؤسساتي تميز بتطور ملحوظ؛ وذلك من خلال تحديث تدريجي للمنظومة المالية الوطنية، واعتماد القانون التنظيمي لقانون المالية الذي عمل على إدراج مقاربة ترتكز على نجاعة الأداء والميزانية متعددة السنوات، حيث يتم حاليا الإعداد لتعديله. بالإضافة إلى ذلك، تم "تعميق سوق الرساميل من خلال تيسير الولوج إلى أدوات تمويلية متنوعة، تتماشى مع المعايير الدولية"، وكذا كاعتماد أدوات جديدة السندات المستدامة، والصكوك المطابقة للتمويل التشاركي والسندات الخضراء، التي تمكن من توسيع نطاق مصادر التمويل للمشاريع العمومية والخاصة، مع تعزيز الاستدامة في سياسة الاستثمار". الصناعة المغربية تنهج المملكة، منذ عقود عديدة، سياسة انفتاح اقتصادي واندماج تدريجي في الاقتصاد العالمي؛ وهو ما مكنها من إبرام العديد من اتفاقيات التبادل الحر التي تربط البلد بأكثر من 55 دولة تمثل سوقًا محتملة لما يفوق 3 مليارات مستهلك. كما ارتفعت نسبة انفتاح الاقتصاد المغربي من 55,2 سنة 2007 إلى 80,2 في المائة سنة 2023، وارتفع عدد أسواق التصدير بنحو 1 في المائة كمتوسط سنوي خلال الفترة نفسها، حيث انتقل من 171 إلى 189 سوقًا". هذا الوضع "يعكس توسيع العرض التصديري المغربي نحو أسواق جديدة في إفريقيا، وأمريكا، وآسيا". وللإشارة، فإن المغرب انخرط كذلك، منذ سنوات عديدة، في عملية تسريع تصنيع اقتصاده بهدف تعزيز بروز المهن العالمية للمغرب وتحسين تموقع البلاد في سلاسل القيمة العالمية؛ فأصبح المغرب فاعلا أساسيا في هذه السلاسل، بفضل انفتاحه التجاري وتطوير منظوماته الصناعية. وتعتبر بلادنا، في الوقت الحالي، ضمن أفضل 20 دولة مصنعة للسيارات على المستوى العالمي برقم معاملات في مجال التصدير بلغ 16 مليار دولار أمريكي سنة 2024؛ وكذلك فيما يتعلق بصناعة الطيران، حيث يتموقع المغرب كقطب تنافسي وجذاب على الخريطة العالمية في ميدان الفضاء. أما قطاع الصناعات التحويلية، فيمثل 14,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ويمكن من إحداث أكثر من مليون منصب شغل؛ وهو ما يمثل حوالي 11 في المائة من السكان النشيطين. ويعد قطاع الصناعات التحويلية محركًا أساسيًا للصادرات المغربية، بفضل قطاعات السيارات والطيران والنسيج. كما يعكس التطور المهم والتنوع الكبير في الاستثمارات ودينامية النمو والتحول في البلاد.