أصدرت السلطات القضائية الفرنسية، اخيرا، مذكرة توقيف دولية بحق دبلوماسي جزائري سابق كان يشغل منصب السكرتير الأول في سفارة الجزائر بالعاصمة الفرنسية، وذلك على خلفية اتهامه بالتورط المباشر في عملية اختطاف المعارض الجزائري المعروف باسم "أمير DZ" على الأراضي الفرنسية. هذا الإجراء القضائي الخطير يضع النظام الجزائري أمام مأزق دولي جديد، إذ يعكس — بحسب محللين قانونيين — حجم الانحراف الذي بلغه سلوك الدولة الجزائرية في التعامل مع معارضيها، حتى خارج حدودها، في انتهاك صارخ للسيادة الفرنسية وللقوانين الدولية التي تحظر استغلال الحصانة الدبلوماسية في ارتكاب جرائم. القضية، التي اهتز لها الرأي العام في فرنسا والجالية المغاربية، ليست مجرد حادثة معزولة، بل تأتي في سياق سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبها النظام الجزائري في حق المعارضين بالخارج، مستخدماً أدواته الدبلوماسية وأجهزته الأمنية في ملاحقة الأصوات المنتقدة. ووفقاً لتقارير إعلامية فرنسية، فإن التحقيقات أثبتت وجود تنسيق بين عناصر أمنية جزائرية وشبكة تنفيذ على الأراضي الفرنسية، ما يجعل القضية تتجاوز البعد الجنائي إلى بعد سياسي ودبلوماسي خطير. المذكرة الصادرة عن القضاء الفرنسي، والتي تعد سابقة في التعامل مع دبلوماسي جزائري بهذا المستوى، تمثل إدانة واضحة لسلوك الجزائر التي طالما رفعت شعارات "السيادة" و"احترام القانون الدولي" في المحافل الدولية، بينما تمارس عكسها تماماً. فالتحقيقات، بحسب مصادر قضائية فرنسية، تشير إلى أن العملية تمت باستغلال الغطاء الدبلوماسي لتنفيذ مخطط خطف على الأراضي الأوروبية، وهو ما يعد خرقاً مباشراً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تنص على احترام قوانين الدولة المضيفة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. من المتوقع أن تشعل هذه القضية فتيل أزمة جديدة في العلاقات الفرنسية الجزائرية، التي تعاني أصلاً من توترات سياسية واقتصادية متكررة. فباريس، التي ترى في الحادثة تهديداً لأمنها القومي وسيادتها القضائية، لن تتساهل في ملاحقة المتورطين، خاصة وأن القضية تمس صورة فرنسا كدولة تحترم القانون وتوفر الحماية لكل المقيمين على أراضيها. ويرى مراقبون أن هذه الفضيحة قد تسرّع من مسار إعادة النظر في الامتيازات الممنوحة للدبلوماسيين الجزائريين في فرنسا، وربما تؤدي إلى فرض قيود إضافية على تحركاتهم ونشاطاتهم، لقطع الطريق أمام أي عمليات مشابهة مستقبلاً. النظام الجزائري في قفص الاتهام القضية لا تكشف فقط عن تجاوزات فردية، بل تسلط الضوء على نهج دولة مارقة تستخدم أدواتها الرسمية لارتكاب جرائم منظمة خارج حدودها، ما يضع النظام الجزائري تحت مجهر الانتقادات الدولية ويعزز المطالب بمحاسبته على هذه الانتهاكات. في ظل هذه المعطيات، تبقى الأنظار موجهة إلى مسار التحقيقات في فرنسا، وإلى مدى قدرة باريس على إلزام الجزائر بالتعاون في تسليم المشتبه به، خاصة أن النظام الجزائري له سجل حافل في حماية المتورطين من محاكمات دولية، تحت ذريعة "السيادة الوطنية".