كشف الجراح البريطاني نيك ماينارد، العائد حديثًا من قطاع غزة، عن حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها السكان، مشيرًا إلى انتشار "سوء تغذية حاد" و"استهداف مباشر للمدنيين" من قِبل جنود الجيش الإسرائيلي عند نقاط توزيع المساعدات. وفي تصريح لشبكة "سكاي نيوز"، أوضح ماينارد، الذي قضى أربعة أسابيع في مستشفى ناصر، أن نقص الغذاء جعل من المستحيل تقريبًا على الأطقم الطبية تقديم العلاج المناسب، خاصة للأطفال والرضّع. وأضاف: "الأطباء كانوا يحملون عبوات من حليب الأطفال الصناعي في حقائبهم، لكن الجنود الإسرائيليين صادروها جميعًا، دون مصادرة أي شيء آخر". وأشار الجراح إلى وفاة أربعة أطفال خدّج خلال أول أسبوعين من عمله بالمستشفى، محذرًا من وقوع وفيات أخرى في ظل استمرار القيود على دخول الأغذية والمساعدات. وأوضح ماينارد، الذي زار غزة بشكل منتظم منذ 15 عامًا، أن غالبية الأطفال في قسم الأطفال بالمستشفى لا يتلقون سوى الماء المُحلى بالسكر، فيما كميات حليب الرضّع المتوفرة "لا تكفي لتلبية احتياجاتهم". كما تحدث عن أثر الأزمة الغذائية على الأطباء والممرضين المحليين، قائلاً: "زملاء أعرفهم منذ سنوات لم أتمكن من التعرف عليهم. بعضهم فقد 20 إلى 30 كيلوغراماً من وزنه بسبب الجوع". استهداف ممنهج للمساعدات وأكد الجراح البريطاني أن جنود الجيش الإسرائيلي يفتحون النار على المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، قائلاً: "يتم إطلاق النار عليهم وكأنها لعبة رماية". وأضاف أنه أجرى عمليات جراحية لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً، أصيبوا بالرصاص أثناء انتظارهم في نقاط توزيع الغذاء التي تديرها مؤسسة "غزة الإنسانية". وفي حادث آخر، قال إنه فقد طفلاً يبلغ من العمر 12 عامًا على طاولة العمليات بسبب إصاباته البليغة، واصفًا طبيعة الإصابات بأنها "مروّعة ومنهجية"، حيث لاحظ نمطًا متكررًا في أماكن الاستهداف: "في أحد الأيام ترد إصابات في الرأس والرقبة، وفي يوم آخر في الصدر أو البطن، وأحيانًا في أماكن حساسة مثل الخصيتين، كما حدث مع أربعة فتيان خلال يوم واحد. لا يمكن أن يكون هذا من قبيل المصادفة". وأكد: "لو لم أشاهد ذلك بنفسي، لما صدّقت". انتقادات للمؤسسة الأميركية – الإسرائيلية ومنذ أواخر ماي الماضي، تشرف مؤسسة "غزة الإنسانية"، المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا، على توزيع مساعدات محدودة في أربع نقاط تقع داخل مناطق عسكرية مغلقة، تُمنع الصحافة من دخولها. وتُوجّه انتقادات شديدة للمؤسسة بسبب تعريض المدنيين للخطر أثناء تسلمهم المساعدات، حيث يتحدث شهود عن إطلاق نار متكرر على طوابير المنتظرين. ووفق بيانات أممية، قُتل أكثر من 1000 شخص خلال محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية منذ بدء المؤسسة نشاطها. وطالبت أكثر من 170 منظمة إغاثية دولية بوقف عمل المؤسسة بشكل فوري، معتبرة أنها تعرض حياة المدنيين للموت أو الإصابة الجسيمة، في ظل غياب الرقابة الأممية والدولية.