في مذكرة مشتركة موجهة إلى السلطات العمومية والبرلمان والمؤسسات الحقوقية، عبرت تسع منظمات مدنية عن قلقها الشديد إزاء الأوضاع الاجتماعية المتأزمة التي تشهدها واحة فجيج، مشددة على أن المنطقة تعرف حالة من الاحتقان المتصاعد منذ أكتوبر الماضي، بفعل تراكمات متعددة تتعلق بالتنمية والصحة والتدبير الترابي وحقوق الساكنة في الماء والمشاركة. المنظمات، التي من بينها "المركز المغربي للديمقراطية والأمن"، و"جمعية عدالة من أجل محاكمة عادلة"، و"منتدى بدائل المغرب"، سجلت في مذكرتها أن ساكنة الواحة تعاني من إحساس متزايد ب"الحكرة" والغبن، بسبب مجموعة من الإجراءات التي طالتها، أبرزها منع الفلاحين من استغلال أراضي العرجة دون تعويضات كافية، ومنع استخراج الرمال من وادي زوزفانة، ما أدى إلى شلل في قطاع البناء، إضافة إلى النقص الحاد في البنية التحتية الصحية. وتوقفت المذكرة عند أزمة تدبير الماء الشروب، منتقدة انضمام جماعة فجيج إلى الشركة الجهوية متعددة الخدمات دون احترام إرادة المجلس الجماعي الذي صوّت بالإجماع ضد القرار، ودون إشراك حقيقي للساكنة، معتبرة أن هذا المسار يضرب في العمق مبدأ المشاركة والديمقراطية المحلية. كما أشارت إلى خطورة المساس بالأعراف الواحية في تدبير الموارد المائية، ووصفت تفويت تدبير الماء بأنه تهديد مباشر للإرث الحضاري والاجتماعي للمنطقة. أما على مستوى الصحة، فقد أكدت المذكرة أن المدينة تعيش وضعًا كارثيًا، في ظل غياب طبيب منذ أكثر من ستة أشهر، ونقص في الأطر التمريضية، والمولدات، والتجهيزات الأساسية، رغم توفر المدينة على مستشفى ومستوصف ومختبر ومصحة مجهزة. واعتبرت أن الدولة مطالبة بتوفير خدمات صحية فعلية، خاصة في ظل موقع المدينة الحدودي، وتوافد المغاربة المقيمين بالخارج والسياح الأجانب، واستقرار عدد من عائلات الجنود بالمنطقة. وانتقدت المذكرة أيضًا التقطيع الترابي الذي يهدد باقتطاع أجزاء من حي بغداد لفائدة جماعة عبو لكحل المجاورة، ما اعتبرته مسًّا بالوحدة المجالية والثقافية للواحة، محذرة من تداعيات ذلك على النسيج الاجتماعي. ودعت المنظمات الموقعة إلى احترام تصنيف فجيج كتراث عالمي من قبل "اليونسكو" و"الفاو"، وإلى اتخاذ إجراءات عاجلة، من بينها وقف الانضمام القسري إلى شركة الماء، وتعيين أطباء وأطر صحية، وتوفير الدعم لقطاع البناء والنقل، وحماية وحدة الواحة، وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للساكنة.