نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، تحليلا لمديرها فرانسوا سودان على إذاعة فرنسا الدولية RFI، أكد فيه أن المبادرات الجزائرية للوساطة بين مالي والنيجر تصطدم برفض السلطات العسكرية في البلدين، في وقت يتنامى فيه النفوذ المغربي بالمنطقة. وأوضح مدير المجلة سودان، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اقترح، نهاية يوليوز الماضي، لعب دور الوسيط بين باماكو والمتمردين الطوارق في شمال مالي، غير أن فرص نجاح المبادرة ضعيفة، لعلم الجزائر أن باماكو ترفض أي وساطة خارجية، خاصة من طرفها، بسبب اتهامات بإيواء قادة التمرد والإمام محمود ديكو. ويرجع هذا التوجس، بحسب التحليل، إلى اختلاف جوهري في الرؤية، فالجزائر تسعى إلى مراعاة الطوارق لتجنب انتقال الصراع إلى أراضيها الغنية بالبنية النفطية والغازية، وقد تجسد تراجع نفوذها في الساحل بخسارتين أساسيتين: انسحاب مالي من اتفاق الجزائر مطلع 2024، ورفض نيامي في أكتوبر 2023 خطة الانتقال المدني الجزائرية. ويشير سودان إلى أن هذا التراجع ناتج أيضا عن أكثر من عقد من الانكفاء الداخلي، بين مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة والحراك الشعبي، ما جعل الجزائر تنظر إلى الساحل كحاجز أمني بدلاً من اعتباره فضاءً اقتصادياً واعدا. في المقابل، يتحرك المغرب وفق استراتيجية شاملة ومترابطة، تمزج بين الاقتصاد والدين والأمن، ضمن ما يصفه التحليل ب"الاستراتيجية الأطلسية" الهادفة إلى ربط دول الساحل غير الساحلية بالمحيط الأطلسي. ورغم أن المشروع لا يزال في طور الوعود، إلا أنه يمثل رهانا جيوسياسياً ذا دلالة كبيرة، يمنح المغرب فرصة لعب دور الوسيط بين تحالف الساحل الثلاثي وأوروبا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، إضافة إلى فتح أسواق جديدة واعدة.