شكل العام 2016 بداية كشف السلطات الأمنية في الجزائر عن شبكات الطائفة الأحمدية أو القاديانية، حيث لا يكاد يمر أسبوع واحد دون أن يعلن القبض على المزيد من أتباعها، غير أن المعطيات التي تتوفر عليها "الأيام 24" تؤكد وجود أتباع لهذه الطائفة أيضا بالمغرب، و لو أن أعدادهم لا تتجاوز بضع مئات. وأمام كثرة الحديث الإعلامي عن تغلغل هذه الطائفة في مجتمع مسلم أغلبيته الساحقة من السنة، ووسط خطاب يخّف من الخطر الخارجي في ظل إقليم مضطرب، يعمد أتباع الطائفة الأحمدية بالمغرب إلى ممارسة شعائرهم خفية، وعدم الجهر بمعتقداتهم، مخافة الاصطدام مع السلطات.
من هي الطائفة الأحمدية ؟
الجماعة الأحمدية، أو "القاديانية"، هم طائفة تؤمن بميرزا غلام أحمد الذي ولد في بنجاب في القرن التاسع عشر الميلادي، ويعتقدون أنه رسول بعث بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ويعتبرهم علماء الإسلام خارجون عن الدين الاسلامي، لكن الأحمديين يؤمنون أنهم مسلمون ويرون أنهم هم مَن يؤمن بختم النبوة، وأن الرسول محمد آخر الأنبياء، لذا ينكرون عودة المسيح، ويرون أن بعثة المسيح الموعود لا تتعارض مع ختم النبوة، "لأن الخادم ليس بمنفصل عن مخدومه ولا الفرع بمنشقّ عن أصله". وتشكلت القاديانية كفرقة مذهبية في إحدى قرى إقليم البنجاب (1839-1908)، وهي قرية قاديان وإليها نسبت هذه الفرقة. ويدّعي القاديانيون أن القاديانية فرقة من فرق المسلمين تختلف في بعض الفروع عن غيرها، لكن الكثير من علماء العالم الإسلامي وهيئاته الفقهية أصدروا فتاوى نصت على أن أتباع هذا المذهب خارجون عن الإسلام.
تباين في المغرب، ولو أن هذه الطائفة لم تخرج بعد إلى العلن على غرار الشيعيين المغاربة أو المغاربة المسيحيين أو البهائيين، غير أن البعض يرى أن الحكومة قد تأخرت في التحرك لمواجهة "هذا الخطر"، وبين من يرى أن القضية تم تضخيمها، وأن النظر إليها كمسألة أمنية دليل عجز عن تحصين المرجعية الدينية للمغاربة.
رؤية الحركة لنفسها
تعتبر الجماعة الأحمدية نفسها حركة إسلامية تجديدية وقد نشأت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في شبه القارة الهندية. ادعى مؤسس الجماعة ميرزا غلام أحمد بأنه مجدد القرن الرابع عشر الهجري، وبأنه المسيح الموعود والمهدي المنتظر من قِبل المسلمين، ذلك المصلح الذي تنبأت بمجيئه جميع الديانات العالمية بما فيها الإسلام في المرحلة التي وصفت بأنها آخر الزمان، حيث من المفترض له أن يحقق النصر النهائي للدين الإسلامي وفق النبوءات الإسلامية أيضا. الفكر الأحمدي يشدّد على الاعتقاد بأن الإسلام هو الديانة السماوية الأخيرة للبشرية جمعاء والتي نزلت على النبي محمد. ويشدد على أهمية استعادة جوهره الحقيقي وشكله الأصلي، الذي أصبح مبهما على مدى القرون الماضية. وبذلك ترى الجماعة الأحمدية نفسها رائدة في مجال إحياء الدين الإسلامي ونشره بطرق سِلمية. ويعتبرون أنفسهم جماعة دينية غير سياسية وهدفها التجديد في الإسلام وتقول بأنها تسعى لنشر الدين بوسائل سلمية عن طريق ترجمة القرآن إلى لغات عدة بلغت بحسب مصادر الجماعة 52 لغة عبر العالم. وتؤكد مصادر الجماعة الأحمدية أنها لا علاقة لها بالسياسة وتتعمد إبعاد الدين عن السياسة كما تؤكد أيضا أنها وأتباعها لن تقود أو تشارك في أي خروج على حكومة أي بلد تواجدت فيها.
الأحمديون.. هذه عقيدتنا وهذا ما نؤمن به يعد الأحمديون أنفسهم مسلمين، يؤمنون بالقرآن وبأركان الإيمان جميعها: بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث والحساب، وبأركان الإسلام كلها؛ وبأن من غيّر شيئا فيها فقد خرج من الدين. وتؤمن الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن ميرزا غلام أحمد مبعوث من الله سبحانه، على غرار عيسى عليه السلام ليضع الحروب الدينية، مُديناً ومستنكرا سفك الدماء، معيدا أسس الأخلاق والعدالة والسلام إلى العالم، ويؤمنون بأنه سيخلص الإسلام من الأفكار والممارسات المتعصبة، ليعيده إلى شكله الحقيقي كما كان في عهد النبي محمد. يرى الأحمديون أنفسهم مسلمين ويمارسون الدين الإسلامي على شكله الأصلي. ومع ذلك، فإن بعض المعتقدات الأحمدية تعتبر مخالفةً للفكر الإسلامي التقليدي منذ تأسيس الجماعة، حيث أن الكثير من عامة المسلمين ينظرون إلى الأحمديين على أنهم غير مسلمين نظرا لوجهة نظرهم وقناعاتهم فيما يتعلق بوفاة السيد المسيح وعودته، وفهمهم للجهاد بشكله ".السلمي، ووجهة نظر الجماعة لقضية ختم النبوة في تفسيرهم للآية القرآنية "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
دعم أمريكي تجد الطائفة الأحمدية دعما واضحا من لدن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتصفها وسائل إعلام وجهات سياسية بأنها "طائفة وأقلية إسلامية مضطهدة"، فيما كشفت تقارير رسمية أمريكية أنّ لهذه الطائفة تمثيلا رسميا من خلال مجموعة عمل برلمانية في الكونغرس، على أنها تمثل ما بين 15 ألفا و20 ألف أحمدي يعيشون في أمريكا.