بعد خيباته المتراكمة .. النظام الجزائري يفتح جبهة جديدة ضد الإمارات    في خطوة رمزية خاصة .. الRNI يطلق مسار الإنجازات من الداخلة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    برشلونة يهزم بلد الوليد    منتخب "U20" يستعد لهزم نيجيريا    العثور على ستيني جثة هامدة داخل خزان مائي بإقليم شفشاون    إسرائيل تستدعي آلاف جنود الاحتياط استعدادا لتوسيع هجومها في قطاع غزة    من الداخلة.. أوجار: وحدة التراب الوطني أولوية لا تقبل المساومة والمغرب يقترب من الحسم النهائي لقضية الصحراء    الوداد يظفر بالكلاسيكو أمام الجيش    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي    الناظور.. توقيف شخص متورط في الاتجار في المخدرات وارتكاب حادثة سير مميتة وتسهيل فرار مبحوث عنه من سيارة إسعاف    حقيقة "اختفاء" تلميذين بالبيضاء    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    البكاري: تطور الحقوق والحريات بالمغرب دائما مهدد لأن بنية النظام السياسية "قمعية"    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المافيا: قصة المطلوب رقم واحد لدى أقوى عصابة إيطالية
نشر في الأيام 24 يوم 16 - 01 - 2023

BBCنيكولا غراتيري أعلمنا هدف المافيا الأكثر شهرة في إيطاليا بمكان وجوده قبل 20 دقيقة فقط من موعد لقائنا. لقد تعلم نيكولا غراتيري، المدعي العام الذي يقود مكافحة الجريمة المنظمة في البلاد، أن يعيش في خطر دائم حيث أن المعرفة المسبقة بخط سيره تتركه مكشوفا أمام الأخطار. صدرت لنا تعليمات بانتظاره خارج المحكمة في منطقة كالابريا الجنوبية حيث يشرف على أكبر محاكمة من نوعها منذ الثمانينيات من القرن الماضي. أدلى حتى الآن أكثر من 330 مشتبها بشهاداتهم هناك وأدين 70 منهم بالفعل. أحكام بالسجن على 70 عضوا بالمافيا الإيطالية في أكبر محاكمة منذ عقود حكاية كوزا نوسترا التي "لم تكن ذبابة تدخل بستانا دون إذنها" فجأة اقتحم غراتيري المكان، محاطاً بخمس سيارات شرطة. نشكره عدة مرات على استعداده للقاء والتحدث. صاح بي قائلا: "توقف عن شكري، ودعنا ندخل صلب الحديث، فلا شيء أكرهه أكثر من الوقت الضائع". فالرجل المدرج في قائمة قتل ندرانغيتا، أقوى مافيا في إيطاليا، والذي كرس حياته المهنية بأكملها لمواجهة المجموعة، لا يحب المجاملات. ثم قرر نقلنا إلى مكتبه على بعد 40 دقيقة. سيكون أكثر حرية في التحدث هناك. صعدنا إلى سيارته المضادة للرصاص، وهكذا نبدأ ربما أخطر رحلة في إيطاليا. يتذكر قائلا: "أعيش في ظل هذا المستوى من الاحتياطات الأمنية منذ عام 1989، عندما تم إطلاق النار على منزل خطيبتي، واتصل بها شخص ما هاتفيا في الليل ليخبرها أنها تتزوج من رجل ميت، لقد تصاعدت الإجراءات الأمنية المحيطة بي لتصل الى هذا المستوى الخانق من السيطرة". عملية أمنية واسعة ضد المافيا الإيطالية في أربع دول أوروبية بابا الفاتيكان: لا يُمكننا أن نؤمن بالله ونكون رجال مافيا حكم بسجن نجم يوفنتوس السابق ياكوينتا في "قضية المافيا الإيطالية" لا يوجد بديل في ضوء ما حدث قبل 30 عاما. في عام 1992، تم اغتيال المدعي العام جيوفاني فالكوني بقنبلة زرعت في طريق سريع بالقرب من باليرمو من قبل المافيا الصقلية، كوزا نوسترا. وقد أدى التفجير إلى قتله هو وزوجته و3 من ضباط الشرطة، واغتيل زميله باولو بورسيلينو بعد شهرين في انفجار سيارة مفخخة. وحتى الآن ينظر الإيطاليون إلى جرائم القتل وصور الدمار التي خلفها التفجير على طريق سريع في موقع اغتيال فالكوني على أنها لحظة فاصلة في تاريخهم الحديث. ويتم تبجيل القضاة لبطولتهم فيما وحشية الجرائم تظل رمزا قويا لقدرة المافيا على الإرهاب. وبينما عيناه على الطريق، أخبرني غراتيري أنه يفكر في القضاة المقتولين في كثير من الأحيان، وكيف كانوا أيضا أهدافا متحركة أثناء قيادتهم لسياراتهم عبر جزء آخر من البلاد التي تتغلغل فيها الجريمة المنظمة. ويقول: "غالبا ما أتحدث إلى الموت، لأنه يتعين عليك عقلنة الخوف من أجل المضي قدما، وإلا ما استطعت القيام بهذه المهمة". نسرع عبر منطقة تلال كالابريا الوعرة والخصبة في جنوب إيطاليا حيث معقل ندرانغيتا منذ نشأتها في القرن التاسع عشر. الصلات العائلية تشكل العمود الفقري لهذه العصابة الدموية، أو ندرين، التي كانت تسيطر تقليديا على قرى أعالي الجبال، وولاء أعضاء هذه العصابة لبعضهم مبني على روابط الدم. BBC في حين أن مافيا كوزا نوسترا في صقلية وكامورا حول نابولي معروفتان بشكل أفضل على المستوى الدولي، جزئيا بسبب التفجيرات التي كانتا وراءها، فقد تم إضعاف كلتاهما من خلال حملة الشرطة التي لا هوادة فيها. نتيجة لذلك، حلت ندرانغيتا مكانهما وأصبحت الآن أقوى عصابات المافيا في إيطاليا، ولها فروع في جميع أنحاء العالم، من أمريكا الجنوبية إلى أستراليا، ويقدر حجم عملياتها السنوية بحوالي 60 مليار دولار. فيديوهات للطهي على يوتيوب تعيد عضو المافيا الهارب إلى السجن الإفراج عن "السفاح" يثير غضبا في إيطاليا أحد أخطر زعماء المافيا في نيويورك "قُتل بالرصاص ثم دُهس بسيارة" والكوكايين هو محور نشاط هذه المافيا وهي تهيمن على السوق العالمية للكوكايين ويعتقد الآن أنها تسيطر على ما يصل إلى 80 في المئة من تجارة هذا المخدر في أوروبا. ويمر معظم الكوكايين عبر غويا تاورو، ميناء الحاويات الأكثر ازدحاما في إيطاليا، وهو منشأة ضخمة في جنوب كالابريا. جزء بسيط من الكوكايين الذي يصل إلى هنا مخصص للسوق الإيطالية، والباقي يمر شرقا إلى البلقان والبحر الأسود. كما تم هنا اعتراض معدات عسكرية متجهة إلى روسيا. BBCميناء غويا تاورو نشاهد حاوية وصلت حديثا تحمل موزا من الإكوادور يتم فحصها، أولا بواسطة الكلاب البوليسية ثم من قبل ضباط من مديرية الجرائم المالية. هذه الشحنة نظيفة، لكن العديد منها ليس كذلك، حيث تضاعفت كمية الكوكايين المحتجزة هنا 3 أضغاف تقريبا خلال العامين الماضيين. أستهدفت عملية للشرطة مؤخرا عمال الميناء المشتبه في تورطهم مع ندرانغيتا. وألقي القبض على 35 شخصا و ضبط 7 أطنان من الكوكايين تبلغ قيمتها في السوق 1.4 مليار دولار. وقد أُتيح لنا رؤية الجزء الأكبر من هذه المخدرات، الموجودة في زنزانة مغلقة حيث مئات الحزم الملفوفة بإحكام والتي يتم تصويرها ثم تحليلها حيث يتم أخذ جزء من المسحوق الأبيض ووضعه في أنبوب يحتوي على محلول سائل اختبار والذي يكشف هذه المرة الجريمة، وليس كوفيد. بعد بضع ثوانٍ ، يظهر خط أحمر. إنه إيجابي وتبلغ درجة النقاء 98 في المئة. BBC ويمثل الكوكايين الذي ضبطته الشرطة في ميناء غويا تاورو على مدار العامين الماضيين أكثر من نصف ما ضبطوه من شحنات خلال العقدين الماضيين. قد تكون عمليات ندرانغيتا آخذة في الازدياد، ولكن أيضا تزداد معرفة الشرطة بها حيث تتعاون القوات عبر الحدود. وقد أسفرت عملية دولية ضخمة في عام 2019 قام بها رجال أمن في إيطاليا وألمانيا وسويسرا وبلغاريا عن اعتقال 335 مشتبها بهم، بينهم محامون ومحاسبون ونائب سابق في البرلمان. كانوا جميعًا جزءا من عائلة مانكوسو أو مرتبطون بها، وهي واحدة من 150 عائلة لا تعرف الرحمة وتشكل مافيا ندرانغيتا. BBCكانت الغرفة الكبيرة المعدة للمحاكمة تستخدم كمركز اتصالات في أعقاب ذلك، تلقت الجماعة أكبر ضربة في تاريخها حيث تجري ما تسمى ب "محاكمة ماكسي" في كالابريا منذ عامين. تم تحويل مركز اتصال في ضواحي لاميزيا تيرمي إلى قاعة كبيرة تكفي لحوالي 600 محام و 900 شاهد، العديد منهم يشهدون عبر الفيديو. وتشمل التهم القتل والابتزاز والاتجار بالمخدرات. وقد حُكم بالفعل على أكثر من 70 متهما. عند الجلوس داخل الغرفة الضخمة، مع أقفاص مثبتة على الجانب، يبدو أن الجانب المعنوي لما يحدث هنا مهم إذ أن شكل القاعة يظهر للإيطاليين أن دولتهم تضرب ندرانغيتا وأن رجال العصابات ليسوا مُحصنين. إنها أكبر تجربة في مسيرة نيكولا غراتيري. أثناء اقتيادنا إلى مكتبه، مع فريق الحماية الخاص به دائما، أخبرني أن الاعتقالات حرمت ندرانغيتا من 70 في المئة من سيطرتها في فيبو فالنتيا، وهي إحدى المقاطعات التي تعتبر معقلا لها. BBC يقول: "إذا أدينوا جميعا، فهذا يعني مساحة تنفس للمجتمع". ومع ذلك، فإن عائلة مانكوسو ليست سوى عائلة واحدة، وإن كانت قوية، من عوائل ندرانغيتا، وهذه ليست بأي حال من الأحوال بداية نهايتها. ويضيف المدعي العام: "بمجرد أن أنهي هذه المحاكمة، سأنتقل إلى محاكمة أخرى". لقد كرس حياته، بل وضحى بها، من أجل هذا الكفاح. قال لي: "ليست لدي حياة، للذهاب إلى المقهى، علينا التوقف ومناقشة الأمر مع فريق الحماية الخاص بي، يدخل شخص ما للدفع ثم ندخل ونشرب القهوة. علينا أن نتوقف ونناقش مكان استخدام الحمام. لم أذهب إلى سينما أو مطعم منذ 25 عاما. يأتي حلاقي إلى المكتب عندما أحتاج إلى قصة شعر، ونادرا ما أرى عائلتي، ولكن داخل رأسي، أنا رجل حر". BBC أسأل ما إذا كان الأمر يستحق ذلك. يتنهد بشدة. يجيب قائلا: "الأمر يستحق كل هذا العناء إذا كنت تؤمن به، وأنا أؤمن به، أعتقد أنني أفعل شيئا مهما. هناك الآلاف من الناس الذين يعلقون كل آمالهم علي ويعتبرونني الملاذ الأخير لهم، والأمل الأخير في التغيير، ولا يمكنني أن أخيب آمالهم". ومن بين هؤلاء سارة سكاربولا وزوجها فرانسيسكو. في عام 2018 ، تحملا ما لا يمكن تصوره، عندما دفنا ابنهما الوحيد، ماتيو، عندما انفجرت قنبلة كانت مزروعة في أسفل سيارته. BBCقبر ماتيو وزُعم أن القتلة ينتمون إلى عائلة مانكوسو، وهي من أسر ندرانغيتا وهي التي تخضع حالياً للمحاكمة وأفراد هذه الأسرة هم من استهدفوا ماتيو وفرانشيسكو بعد نزاع طويل حول الحدود التي ارضهم عن أرض عائلة مانكوسو. في المقبرة في بلدة ليمبادي، على بعد أمتار قليلة من قبر ماتيو، تقع مقابر عائلة مانكوسو: الضحية وأقارب قتلته يرقدون جنبا إلى جنب في منطقة غارقة في الثأر. في غرفة معيشتهما، حيث الجدران مزينة بصور كبيرة لماتيو، أخبرتني سارة أنه كان "متعة حياتهما، مهذب واستثنائي. أنا فخورة بكوني والدة ماتيو وفرانشيسكو فخور بأن ماتيو ابنه" . يجلس بجانبها زوجها فرانسيسكو، الذي كان في السيارة مع ماتيو في ذلك الوقت، ينقر بشكل مشتت على الطاولة، ينظر بلا حول ولا قوة لأن زوجته لم تعد قادرة على كبح دموعها. وتقول: "لم تعد حياتنا حياة، أحيانا أسأل الرب: أين كنت عندما كان ماتيو يحتضر؟ وقد أخبرتني صديقة ماتيو إنه كان هناك، وأخذ ماتيو معه". وتقول سارة: "إن ليمبادي موبوءه بندرانغيتا، فهم يسيطرون على الشركات المحلية، ويمسكون بمفاتيح القوة ويبعثون الخوف بسلوكهم العنيف". وتتذكر، مع تصاعد الخلاف معهم على الأرض، كيف كانوا يقتلون حيوانات أسرتها ثم يلقون الدجاج مقطوع الرأس على سطح منزلها. وتضيف قائلة: "لن يتغير شيء حتى تتغير عقلية الناس، علينا أن نزرع بذرة التغيير، مثل المدعي العام غراتيري وجميع المدعين العامين من أمثاله. إلى أن نسير على خطى هؤلاء الأشخاص، سنبقى عالقين هنا مع"ندرانغيتا ". BBCسارة وفرانسيسكو فجأة ترسخت نظرة التحدي في عينيها، وقالت: "علي القتال، علي الذهاب إلى خط المواجهة والصراخ في شوارع هذه المدينة أنه يجب أن ترحل ندرانغيتا من هنا، هذه ليست مدينة ندرانغيتا، إنها مدينة ماتيو". لكن تفكيك قبضة ندرانغيتا الخانقة سيتطلب أكثر من تغيير في العقلية فالأمر سيحتاج إلى انقلاب عناصر المافيا على عصاباتهم، وكسر "أوميرتا"، أو قانون الصمت. هناك عدد قليل من هؤلاء العناصر الذي ينتمون إلى جماعات مبنية على رابطة الدم، حيث يعني عدم الولاء خيانة عائلتك. نتعقب لويغي بونافينتورا، أحد هؤلاء، ويدلي حالياً بشهادته في محاكمة مانكوسو. يوافق على اللقاء بنا في شمال إيطاليا، في مكان ليس بعيدا عن المكان الذي يعيش فيه، على الرغم من أنه لن يخبرنا بالضبط أين يوجد ذلك المكان. وتقدم شهادته رؤية نادرة لداخل عالم المافيا وكيف يتلقى الأعضاء تدريبهم العقائدي. يقول إنه بدأ التعاون مع الشرطة منذ 16 عاما من أجل منح أطفاله الحرية التي لم يتمتع بها مطلقا ويعيش وفق برنامج حماية الشهود منذ ذلك الحين. يستخدم اسمه لكنه يغطي وجهه بغطاء رأس صوفي، حتى لا يتعرف عليه من انقلب عليهم. قال لي: "إن ندرانغيتا قبيلة، وإذا ولدت في تلك العائلة أثناء حربها، فلا يمكنك فعل أي شيء سوى أن تكبر مع التحريض على الكراهية والعنف، لقد كانت الكلمات التي تكررت على الدوام هي نفسها: اقتل ، اقتل ، اقتل". يتذكر نشأته "كطفل مقاتل"، تسلم مسدسا وعمره 10 سنوات ولعب بأسلحة حقيقية كما لو كانت لُعبا. بعد أن تدرب على ما يسميه "قتل الخلايا النائمة"، تم استدعاؤه للقتال وهو في التاسعة عشرة من عمره عندما دخلت أسرته في حرب مع عائلة أخرى. يقول: "لقد تورطت في 5 جرائم قتل، ثلاثة شاهدتها، ونفذت اثنتين". ويدعي أن تعاونه أدى إلى إدانة أو اعتقال أكثر من 500 من المشتبه بهم في ندرانغيتا. سألته، ما هو تأثير المحاكمة الجارية على المافيا؟ يجيب قائلاً: "إن ندرانغيتا ليست لها رأس واحد، إنها ليست مثل كوزا نوسترا في صقلية، عندما يسقط الرأس يأخذ معه كل شيء، إن ندرانغيتا مثل وحش هيدرا متعددة الرؤوس فإذا تم قطع أحدها، فهناك العديد من الرؤوس الأخرى. إنها مسألة وقت، ربما 10 سنوات، لكن عشيرة مانكوسو ستعيد تجميع صفوفها، وستعود أقوى". BBCلويغي بونافينتورا يخفي وجهه إنه تكهن متشائم. ولكن على الأرض في كالابريا، تعمل الجمعيات المناهضة للمافيا على تثقيف الجيل القادم
وضمان إبعاد الشباب الإيطالي عن براثن الجريمة المنظمة. ومع ذلك، فإن أذرع المافيا طويلة جدا، وتغلغها في المجتمع الإيطالي عميق جدا، لدرجة أن نيكولا غراتيري أخبرني أن إيطاليا لن تتحرر أبدا من قبضتها، يمكن إضعافها كثيرا، لكن الأمر يتطلب ثورة لمحاربتها، ما زلنا بحاجة إلى نظام أقوى، وقبل كل شيء، نحتاج إلى الاستثمار في التعليم والثقافة". BBC وذلك، كما يقول، هو ما أحدث الفارق بالنسبة له عندما كان صبيا، بينما وقع العديد من أصدقاء طفولته في شرك ندرانغيتا. يقول: "لو ولدت على بعد 100 متر من منزل أسرتي، لربما كنت اليوم زعيم مافيا، لكنني كنت محظوظا لأنني ولدت لعائلة من الأشخاص الشرفاء. لقد قُتل العديد من زملائي في الفصل بالرصاص، وآخرون اعتقلتهم بسبب الأسلحة أو المخدرات". يتذكر أنه تم إرساله إلى ميامي عندما تم القبض على صديق سابق في المدرسة ومعه 800 كيلوغرام من الكوكايين على متن سفينته. "أخبرني أنه دمر حياته. قلت له: انظر، لا يزال بإمكانك تغيير الأشياء، هناك فرصة للتعاون، لكنه رفض". في هذه المعركة الدائرة حول روح إيطاليا، أسأل من هو الفائز: المافيا أم الدولة؟ يضحك قائلا: "إن النتيجة هي التعادل. للفوز، نحتاج إلى تغيير قواعد اللعبة، مع نظام سجن قوي بما يكفي لثني المجرمين عن طريق الجريمة". يُعد غراتيري يطلاً لدى الكثيرين، وعدواً للبعض، وهو يبدو بطريقة ما شخصية منعزلة، غير خائف من خوض المعارك، فهل ندم هذا الرجل البالغ من العمر 64 عاما؟ أجاب قائلا: "لا، ربما كان بإمكاني فعل المزيد، حتى لو لم يكن ذلك ممكنا كإنسان. لقد قمت بأفضل عمل في العالم، وسأواصل العمل لأطول فترة ممكنة". توقف، وجمع شتات أفكاره وقال: "كل شيء في الحياة له ثمن، أليس كذلك؟ لكي أعيش حياة طبيعية، كان علي أن أبطأ. ربما كان علي أن أعمل أقل، لكني شعرت أن ذلك يجعلني شخصاً جباناً. والحياة كجبان لا معنى لها بالنسبة لي". بينما اقترب اللقاء من نهايته، نظر في هاتفه قائلا وهو يوجهنا: "احزموا أغراضكم بسرعة، وأخرجوا حقائبكم من هنا، فأنا بحاجة إلى إغلاق المكان والانصراف"، وبمصافحة سريعة، انطلق الفارس الذي يخوض حربا مقدسة ضد المافيا لبدء معركته التالية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.