تسعى روسيا إلى بحث عن موطئ قدم لها غرب البحر الأبيض المتوسط، وذلك في إطار نقلها صراعها مع أوروبا والولاياتالمتحدة أمريكية إلى إفريقيا وبسط نقوذها على القارة السمراء أمام تراجع النفوذ الفرنسي. وتتحرك الالة الديبلوماسية الروسية على أكثر من صعيد من اجل نسج علاقات قوية مع البلدان الافريقية، سواء من خلال التعاون العسكري أو الاقتصادي. وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن تقوية العلاقات مع البلدان الأفريقية يعد أحد أولويات السياسة الخارجية لموسكو. وفي هذا الصدد، قال ادريس الكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، أنه "لا يمكن فهم هذه التحركات الا اذا استحضرنا التحولات التي أصبحت تطال موازين القوى على المستوى العالمي والإقليمي خصوصا وأن هناك توجهات روسية وصينية الدفع بارساء نظام دولي جديد تعددي تساهم في موسكو وبكين بصورة وازنة". وأضاف في تصريج، خص به الأيام 24، أن "هذا الامر بطبيعة الحال يزعج الولاياتالمتحدة التي تصر على بقائها كزعيمة للنظام العالمي الذي فرضته من نهاية الحرب الباردة ، مشيرا إلى أن الكثير من الدول اليوم تحاول ان تستثمر أو تتفاعل مع هذه المتغيرات في اطار الدفاع عن مصالحها وفي اطار البحث عن تموقعات تخدم مصالحها وتخدم أولوياتها الاستراتيجية". وسجل أستاذ العلاقات الدولية أن "الجميع يعرف أن أوروبا وخاصة فرنسا بدأت تفقد وجودها الوزان داخل الفضاء الافريقي، وخصوصا مع التحركات التي بدأت تقودها الصينوروسيا على المستوى الاقتصادي وحتى العسكري بالنسبة لروسيا". وبخصوص ما إذا كان التقارب الروسي الجزائري يأتي كرد على التقارب المغربي الأمريكي، يرى الكريني أن "تقارب موسكووالجزائر تتحكم فيه مصالح البلدين خاصة وعلاقات الطرفين تاريخية منذ الاتحاد السوفياتي خاصة، موضحا أن الجزائر كانت تسبح في فلك موسكو". وتابع قائلا "بالنسبة للمغرب رغم انه صديق للغرب والولاياتالمتحدة وتربطه اتفاقيات شراكة وازنة مع الدول الغربية وخصوصا الاتحاد الأوروبي، لكنه ظل دائما يتعامل مع روسيا كصديق حتى انه كانت زيارة للملك محمد السادس لموسكو، إضافة إلى أن هناك الكثير من مظاهر التقارب بين الجانبين". وأكد الكريني ان "المغرب يعتبر الدول الغربية صديقة له وحتى تعامله مع النزاع الاكراني لم يكن متسرعا ، ولكن بالنظر لتطورات النزاع وضم روسيا بعض الأقاليم الاكرانية، اصبح المغرب، من منظور سيادي، يتبنى موقفا واضحا بدعم الشرعية الدولية والدعوة الى تسوية النزاعات بشكل سلمي ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتأكيد على عدم جواز استخدام القوة في النزاعات الدولية". وزاد قائلا "هذا الامر عبر عنه في بداية النزاع، لكن الان يبدو انه اصبح يؤكده من خلال مجموعة من السلوكات على رأسها التموقع الى جانب الشرعية الدولية خصوصا وان المغرب صوت داخل الجمعية العامة على قرار يدين روسيا بخصوص ضم أراض اكرانية". وأضاف أن "ما يجري اليوم هو عبارة عن نوع من الصراع تحاول الجزائر أن تظهره انه صراع فيه نوع من استقطاب وتحاول ان تعيد أجواء الحرب الباردة الى المنطقة، مشيرا إلى أن المغرب يحاول ان يحافظ على علاقات متوازنة مع كل الأقطاب الدولية ولا يريد ان يدخل المنطقة في هذه الصراعات مع الاحتفاظ على مواقفه كبلد لبه سيادة، حتى في مواجهة دول أوروبية التي تربطه معها علاقات، كما هو الشأن بالنسبة لألمانيا سابقا واسبانيا سابقا وفرنسا حاليا". وأكد استاذ العلاقات الدولية أن "دعم المغرب الشرعية الدولية في اكرانيا هو قرار ليس ضد روسيا التي تربطه معها علاقة متينة، مردفا بالقول "الطرف الجزائرى، وبحكم هوسه من أي مكسب يحقق المغرب على المستوى الخارجي، يحاول ان يعيد أجواء الحرب الباردة الى الفضاء المغاربي وهو خطا استراتيجي غير محسوب من طرفه"