في الوقت الذي حلت فيه الذكرى السادسة للحراك الشعبي في الجزائر التي تصادف 22 فبراير من كل سنة، بدا لافتا غياب أي احتفاء رسمي أو تغطية إعلامية لهذه المناسبة، رغم أن الدستور الجزائري الجديد قد أقرَّ الحراك واعتبره محطة بارزة في تاريخ البلاد. وبينما تدعي السلطات أن المطالب التي رفعتها المسيرات الشعبية عام 2019 قد تحققت عبر الإصلاحات السياسية والدستورية، تعتبر المنظمات الحقوقية والمعارضة أن الواقع الجزائري يقول شيئا أخر.
ولا يزال الحراك الشعبي، رغم مرور كل هذه السنوات، يحظى بالكثير من الرمزية في وجدان الجزائريين الذين قرروا يوم 22 فبراير 2019 وضع حد لحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يستعد للاستمرار لعهدة رئاسية خامسة.
وانتهى هذا الحراك في نهاية 2019، بفرض تنظيم انتخابات رئاسية، رغم معارضة الكتلة الصلبة في الحراك الشعبي، ترتب عنها مجيء الرئيس عبد المجيد تبون للسلطة، وهو الواقع الذي رسم الفترة التي تلت الحراك الشعبي إلى اليوم.
ومع أن البلاد أصبح لها دستور جديد ونظمت 3 انتخابات منذ تلك الفترة بينها الرئاسيات الأخيرة سنة 2024، إلا أن إرهاصات فترة الحراك الشعبي وما شهدته من اعتقالات ومتابعات استمرت في الزمن حتى بعد توقف المسيرات، لا تزال تلقي بظلالها على المشهد الحقوقي.
وفي هذا السياق، أصدرت منظمة شعاع لحقوق الإنسان بيانًا بمناسبة ذكرى الحراك، أكدت فيه أن "إرادة الشعب الجزائري في التغيير لم ولن تنكسر رغم المحاولات المستمرة لإجهاض المسار الديمقراطي عبر سياسات القمع والتضييق".
واضاف البيان أن "الحراك الشعبي كان محطة مفصلية في تاريخ الجزائر الحديث، حيث خرج الملايين إلى الشوارع مطالبين بدولة مدنية ديمقراطية قائمة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، إلا أن السلطة واجهت هذه المطالب بالمزيد من القمع والمناورة السياسية".
وأشارت المنظمة إلى أن "الجزائر لا تزال تعيش في ظل نظام يرفض الاستجابة لتطلعات الشعب، ويواصل خنق الحريات واعتقال النشطاء والتضييق على الصحافة"، مؤكدة أن "الإفراج عن جميع معتقلي الرأي ووقف الملاحقات القضائية التعسفية ضد النشطاء والصحفيين يمثلان شرطين أساسيين لأي تقدم سياسي حقيقي".
وتقدر أوساط حقوقية، عدد المعتقلين بحوالي 200 متابعين في قضايا رأي، وهو العدد الذي يزيد وينقص بحسب إجراءات العفو التي يصدرها الرئيس في المناسبات الدينية والوطنية.