جاكوب زوما: محاولة فصل المغرب عن صحرائه هو استهداف لوحدة إفريقيا وزمن البلقنة انتهى    حقي بالقانون.. غشت بداية تطبيق العقوبات البديلة.. تفاصيل شراء العقوبة الحبسية ابتداء من 100 درهم (فيديو)    سفيان أمرابط على رادار إنتر ميلان الإيطالي    غوتيريش يرصد خروقات البوليساريو    ناشطات FEMEN يقفن عاريات أمام سفارة المغرب في برلين تضامنا مع ابتسام لشكر    موجة غلاء جديدة.. لحم العجل خارج متناول فئات واسعة    الصحافة الكويتية تسلط الضوء على المبادرة الإنسانية السامية للملك محمد السادس لإغاثة سكان غزة    مقتل أزيد من 35 إرهابيا في ضربات جوية شمال شرق نيجيريا    الجزائريون يبحثون عن تبون: غياب الرئيس الجزائر يثير القلق في ظل قبضة الجيش والإعلام المقيد    إنستغرام تسمح بربط عدة فيديوهات قصيرة في سلسلة واحدة    إسبانيا تعلن اقتراب السيطرة على الحرائق    السودان.. وفاة 158 شخصا خلال أربعة أشهر جراء تفشي وباء الكوليرا بولاية جنوب دارفور    المغاربة يجددون احتجاجاتهم تنديدا بالإبادة في غزة ورفضا لكل أشكال التطبيع    تقرير غوتيريش يحذر من امتداد نزاع الصحراء إلى أكثر من خمسين عاما    الموهبة المغربية تياغو بيتارش يواصل ظهوره مع الفريق الأول لريال مدريد    جمال بن صديق ينهزم بالضربة القاضية أمام الهولندي ليفي ريغترز    طقس الأحد .. سحب وأمطار رعدية بعدة مناطق    إسبانيا تسجّل أشد موجة حر منذ بدء رصد البيانات    ثانوية محمد السادس للتميز ببن جرير: نافذة المغرب نحو القمة العالمية في التعليم            كبار رواد كناوة يتألقون في ثاني سهرات مهرجان نجوم كناوة بالدار البيضاء    فرنسا.. النيابة العامة توجه تهمة "التمييز" لمدير متنزه رفض استقبال إسرائيليين    المكسيك تعلن تراجع تدفقات الهجرة نحو الولايات المتحدة بنسبة 91 في المائة    تعيين الكولونيل ماجور عبد المجيد الملكوني قائداً جهوياً للدرك الملكي بطنجة    طنجة.. سكير من ذوي السوابق يهين شرطية ويثير الفوضى قرب محطة وقود    الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''    موعد مباراة المنتخب المغربي والسنغال في نصف نهائي كأس إفريقيا للمحليين    الركراكي يكشف الخميس المقبل عن قائمة الأسود لمواجهتي النيجر وزامبيا    توقيف مختل عقلي تسبب قتل موظف شرطة    "خذينا جوج بطولات ودبا مهددين بالفورفي".. دموع أبرون تجذب تعاطفا وطنيا مع المغرب التطواني            أكثر من 126 جهة و100 متحدث في مؤتمر ومعرض إدارة المرافق الدولي بالرياض    تحذير من العلاجات المعجزة    قانون العقوبات البديلة يفتح الباب لمراجعة الأحكام بالحبس وتحويلها إلى عقوبات بديلة بشروط    بمشاركة عدة دول إفريقية.. المغرب ضيف شرف المعرض الوطني للصناعة التقليدية في البنين    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    الجفاف يحاصر تركيا... شهر يوليوز الأشد جفافا في إسطنبول منذ 65 عاما    المغرب.. الضرائب تتجاوز 201 مليار درهم عند متم يوليوز    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    تغيير المنزل واغتراب الكتب        مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أمريكا اللاتينية إلى الفاتيكان: من هو البابا فرنسيس؟ وكيف غيّر مسار الكنيسة الكاثوليكية بإصلاحات جريئة؟
نشر في الأيام 24 يوم 22 - 04 - 2025


Reuters
أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس يوم الاثنين الموافق 21 أبريل نيسان 2025، عن عمر يناهز 88 عاماً، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان.
فمن هو البابا فرنسيس؟
شهدت حبرية البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عدداً من القضايا غير المسبوقة خلال سعيه المتواصل من أجل إجراء إصلاحات داخل الكنيسة الكاثوليكية، والحفاظ في ذات الوقت على مكانته بين المؤمنين المحافظين.
كان البابا فرنسيس أول بابا يأتي من الأمريكتين أو من النصف الجنوبي للكرة الأرضية، في سابقة لم تتكرر منذ أن أُسدل الستار على عهد البابا غريغوريوس الثالث، ذو الأصول السورية، عام 741 ميلادياً.
كما كان أول بابا ينتمي إلى الرهبنة اليسوعية على كرسي القديس بطرس، رغم نظرة روما إلى أبناء هذه الرهبنة بعين الحذر والتوجس عبر العصور.
وفي سابقة لم تشهدها الكنيسة منذ نحو ستة قرون، تنحى البابا بنديكتوس السادس عشر، سلف البابا فرنسيس، عن حبريته طوعاً، بيد أن "حدائق الفاتيكان" ظلت ملتقى البابوين على مدار نحو 10 سنوات.
* "الفاتيكان الثالث"، ما قصة "مستشفى البابا" المسؤول عن علاج الحبر الأعظم؟
كان الكاردينال بيرغوليو، البابا فرنسيس فيما بعد، القادم من الأرجنتين، قد بلغ العقد السابع من عمره، حينما اعتلى الكرسي الرسولي في عام 2013، وسط توقعات العديد من الكاثوليك وقتها بأن الحبر الأعظم الجديد سيكون رجلاً أصغر سناً.
قدّم بيرغوليو نفسه على أنه مرشح توافقي، مستقطباً المحافظين بتمسكه بالآراء التقليدية في القضايا الجنسية من جهة، والإصلاحيين برؤيته المنفتحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى.
كما عُلِّقَت عليه الآمال كي تُضفي خلفيته غير التقليدية روحاً جديدة على الفاتيكان، تبعث فيه الحيوية وتجدد رسالته المقدسة.
بيد أن رياح الإصلاح التي حملها البابا فرنسيس واجهت تيارات اتسمت بالمقاومة داخل أروقة الفاتيكان البيروقراطية، فيما احتفظ سلفه، الذي توفي في عام 2022، بشعبيته بين المحافظين.
EPA
"تصميم على التفرّد والاختلاف"
Getty Images
أظهر البابا فرنسيس، منذ أن تبوأ كرسي البابوية، إصراراً على انتهاج أسلوب مغاير، استهله باستقبال كرادلة الكنيسة بطريقة غير رسمية، واقفاً بين الحاضرين، متخلياً عن الجلوس على الكرسي البابوي.
وفي الثالث عشر من مارس/آذار عام 2013، ظهر البابا فرنسيس من الشرفة المطلّة على ساحة القديس بطرس، متشحاً باللون الأبيض في تواضع وبساطة، واختار اسماً جديداً هو فرنسيس، تيمناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، الواعظ الشهير ومحب الحيوانات في القرن الثالث عشر الميلادي.
* البابا فرنسيس أمضى "ليلة هادئة" في المستشفى بعد يوم من وصف حالته ب "الحرجة"
آثر البابا فرنسيس التواضع على الفخامة ومظاهر البذخ، متخلياً عن استخدام عربات الليموزين البابوية، وحرصه على مشاركة الكرادلة في رحلاتهم بالحافلة.
رسم البابا فرنسيس درباً أخلاقياً لرعيته من مؤمني الكنيسة الكاثوليكية، التي تضم نحو 1.2 مليار مؤمن، قائلاً: "آه، كم أودّ أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء".
Getty Images
وُلِد خورخي ماريو بيرغوليو في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 1936، وكان الابن البكر بين خمسة أبناء، فر والداه من وطنهما إيطاليا هرباً من ويلات الفاشية.
كان بيرغوليو شغوفاً برقص التانغو، كما كان مشجعاً لنادي كرة القدم المحلي، سان لورينزو.
وكادت نوبة التهاب رئوي حادة أن تودي بحياته، لولا نجاته بأعجوبة في أعقاب جراحة لاستئصال جزء من رئته، الأمر الذي جعله عرضة لمخاطر العدوى طيلة حياته.
وفي سنوات شيخوخته، عانى من آلام مزمنة في ركبته اليمنى، واعتبر هذه الآلام "إماتة للجسد".
عمل بيرغوليو في شبابه كحارس ملهى ليلي وعامل نظافة، قبل أن يُكمل دراسته لاحقاً في مجال الكيمياء.
كما عمل في أحد المصانع المحلية مع إستير باليسترينو، التي كانت ناشطة مناهضة للحكم العسكري في الأرجنتين، وتعرضت للتعذيب، وظل مصير جثتها مجهولاً.
انضم بيرغوليو إلى الرهبنة اليسوعية، ودرس الفلسفة، ثم اتجه إلى تدريس الأدب وعلم النفس، وبعد عشر سنوات من سيامته في الكهنوت، ارتقى سريعاً في سلّم الرهبنة حتى تبوأ منصب الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين عام 1973.
"اتهامات وانتقادات"
Getty Imagesكان البابا فرانسيس من مشجعي فريق سان لورينزو لكرة القدم المحلي في بوينس آيرس طيلة حياته
رأى البعض أن بيرغوليو لم يبذل جهداً كافياً لمعارضة الجنرالات الذين حكموا الأرجنتين بقبضة عسكرية شديدة.
واتُهم بالتواطؤ في حادثة اختطاف عسكري لاثنين من القساوسة إبان ما يعرف باسم "الحرب القذرة" في الأرجنتين، وهي فترة امتدت من عام 1976 إلى 1983، شهدت تعرض آلاف الأشخاص للتعذيب أو القتل أو الاختفاء القسري.
ورغم أن القسّين تعرّضا للتعذيب، إلا أنهما وُجدا لاحقاً على قيد الحياة، ولكن في حالة إعياء شديدة، تحت تأثير تخدير، ونصف عاريين.
كما وُجّهت لبيرغوليو اتهامات بالتقاعس عن إبلاغ السلطات بأن الكنيسة كانت تشجع عمل القسّين في الأحياء الفقيرة، الأمر الذي كان سيعني تركهما تحت رحمة فرق الموت، إن صحت تلك المعلومات، بيد أنه نفى الاتهامات بشكل قاطع، مشدداً على أنه بذل جهوداً سرّية لإنقاذهما.
* بالصور: المسيحيون بالمنطقة وحول العالم يحتفلون بعيد الميلاد، والحرب والتخوفات الأمنية تلقي بظلالها
وعندما سُئل عن سبب صمته، قيل إنه أجاب وقتها بأن الأمر كان بالغ الصعوبة، والحقيقة أنه، في عمر السادسة والثلاثين، وجد نفسه وسط فوضى كانت ستُمتحن فيها حكمة أشد القادة خبرة، لكنه لم يتوان عن مساعدة الكثيرين ممن سعوا إلى الفرار خارج البلاد.
لم يكن بيرغوليو على وفاق دائم مع زملائه اليسوعيين، الذين رأى بعضهم أنه لم يُبد اهتماما كافيا ب "لاهوت التحرير"، وهو تيار فكري يجمع بين الفكر المسيحي وعلم الاجتماع الماركسي الرامي إلى مقاومة الظلم. أما هو، فقد فضّل اتباع نهج أكثر هدوءاً يستند إلى الدعم الرعوي.
"البابا المتواضع"
Getty Imagesمنح البابا يوحنا بولس الثاني خورخي ماريو بيرغوليو رتبة رئيس أساقفة بوينس آيرس في عام 1998
رُسم بيرغوليو في رتبة أسقف معاون لمدينة بوينس آيرس عام 1992، ثم تولّى رتبة رئيس الأساقفة.
ومنحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة كاردينال في عام 2001، وتولى مهام في الإدارة الكنسية، المعروفة باسم "الكوريا الرومانية".
حرص بيرغوليو على ترسيخ صورة الرجل المتواضع، مبتعداً عن مظاهر البذخ التي تصاحب المناصب الكنسية الرفيعة، وكان يختار السفر في الدرجة الاقتصادية غالباً، وفضّل ارتداء ثوب الكهنوت الأسود، بدلا من الألوان القرمزية والأرجوانية التي ترمز إلى رتبته داخل الكنيسة.
* البابا فرنسيس يدين غارة إسرائيلية أدت لمقتل أطفال في شمال غزة
دأب البابا فرنسيس في عظاته على الدفاع بشدة عن العدالة الاجتماعية، منتقداً الحكومات التي تتقاعس عن الاهتمام بالفئات الأشد فقراً في المجتمع.
وقال يوما ما: "نعيش في أكثر مناطق العالم تفاوتاً، شهدنا أعظم معدلات النمو، لكننا لم نحقق سوى أدنى حد من تقليص البؤس".
سعى البابا فرنسيس، بوصفه الحبر الأعظم بجديّة، إلى معالجة الانقسام الذي استمر ألف عام بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وفي اعتراف بهذه الجهود، شهد بطريرك القسطنطينية، لأول مرة منذ الانقسام الكبير عام 1054، مراسم تنصيب أسقف روما الجديد.
Reutersجمع البابا فرنسيس الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز (يسار) ونظيره الفلسطيني محمود عباس من في صلاة من أجل السلام عام 2014
كما تعاون البابا مع طوائف الأنجليكان واللوثريين والميثوديين، ونجح في إقناع رئيسي إسرائيل وفلسطين بالمشاركة معه في صلاة من أجل إحلال السلام.
وشدد البابا فرنسيس في عظة ألقاها، في أعقاب هجمات كان نفذها مسلحون مسلمون، على أنه ليس من الإنصاف وصم الإسلام بالعنف، وأضاف: "إن كنت سأتحدث عن العنف الإسلامي، فلابد أن أتحدث أيضاً عن العنف الكاثوليكي".
وعلى الصعيد السياسي، أظهر دعمه لمطالبة الحكومة الأرجنتينية بجزر فوكلاند، وقال في مناسبة دينية: "نأتي اليوم لنرفع صلواتنا من أجل الذين سقطوا، أبناء الوطن الذين خرجوا دفاعاً عن أرضهم، والمطالبة بما هو حق لهم".
وبحكم كونه متحدّثاً باللغة الإسبانية، ومن أصول أمريكية لاتينية، نهض البابا بدور جوهري في وساطة دبلوماسية عندما بدأت الحكومة الأمريكية خطواتها نحو تحقيق تقارب تاريخي مع كوبا، وهو دور دبلوماسي بارز من الصعب تخيّل بابا أوروبي يؤدي مثله.
"التقليدي المحافظ"
Reutersالبابا فرنسيس يلتقي الرئيس السابق لكوبا فيدل كاسترو خلال زيارته إلى هافانا في عام 2015
كان البابا فرنسيس متمسكاً بالتقاليد الكاثوليكية في كثير من تعاليم الكنيسة.
ووفقاً للمونسنيور أوزفالدو موستو، الذي زامله في المعهد الديني، كان البابا "صارماً جدا، مثل البابا يوحنا بولس الثاني، فيما يخص قضايا القتل الرحيم، وعقوبة الإعدام، والإجهاض، وحق الحياة، وحقوق الإنسان، والكهنوت المتبتل".
وأكد البابا فرنسيس أن الكنيسة يجب أن ترحب بالجميع، بغض النظر عن ميولهم الجنسية، لكنه شدد على أن تبني الأزواج المثليين للأطفال يعد شكلاً من أشكال التمييز.
وفيما أبدى البابا بعض المرونة بكلمات طيبة تؤيد شكلا من أشكال الاتحادات المدنية للأزواج المثليين، رفض في ذات الوقت تسمية ذلك ب "الزواج"، معتبراً أنه "محاولة للنيل من مخطط الله".
وعقب توليه الكرسي الرسولي في عام 2013، شارك في مسيرة مناهضة للإجهاض في روما، مشدداً على ضرورة حماية حق الأجنّة في الحياة "منذ بداية الحمل".
* البابا فرنسيس يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وأوكرانيا في رسالة عيد الفصح
كما ناشد أطباء النساء والتوليد بالاحتكام إلى ضمائرهم، ووجّه رسالة إلى إيرلندا، التي كانت تجري وقتها استفتاءً بشأن هذه القضية، طالبا من شعبهاً الحفاظ على حقوق الضعفاء.
ورفض بشكل قاطع فكرة سيامة النساء، مشدداً على أن البابا يوحنا بولس الثاني حسم الأمر نهائياً.
وعلى الرغم من أنه أبدى بعض الانفتاح على فكرة استخدام وسائل منع الحمل للوقاية من الأمراض، إلا أنه أيد تعاليم البابا بولس السادس، الذي حذّر من أن هذه الوسائل قد تسهم في اختزال دور المرأة إلى مجرد أداة لمتعة الرجل.
وفي عام 2015، قال البابا فرنسيس أمام حشد في الفلبين إن استخدام وسائل منع الحمل يعدّ "تدميراً للأسرة من خلال حرمانها من الأبناء"، ولم يكن مجرد عدم انجاب الأطفال هو ما اعتبره مضراً، بل تعمّد عدم الإنجاب.
"التصدي لقضية الاعتداء على الأطفال"
Getty Imagesالبابا فرنسيس يرتدي سترة صفراء للوقاية من الأمطار الغزيرة، ويلوح لحشود في مانيلا خلال زيارة إلى الفلبين
واجه البابا فرنسيس خلال حبريته تحدياً صعباً من جهتين: من الذين تعالت أصواتهم تتهمه بعدم التصدي بحزم لقضية الاعتداء على الأطفال، ومن رفض المحافظين الذين رأوا في طريقته تمييعاً للإيمان، كما كانت مسألة منح المطلقين المتزوجين مجدداً الحق في تناول القربان المقدس من بين أكثر القرارات إثارة للجدل.
ودأب المحافظون على استغلال قضية الاعتداءات على الأطفال أداة في حملتهم الطويلة.
وفي أغسطس/آب عام 2018، أصدر رئيس الأساقفة كارلو ماريا فيغانو، السفير الرسولي السابق لدى الولايات المتحدة، إعلاناً مكوّناً من 11 صفحة، تحدّث فيه عن مجموعة التحذيرات التي وُجهت للفاتيكان بخصوص سلوك الكاردينال السابق، توماس مكاريك.
* البابا فرنسيس يضع حدّاً لشائعات التنحّي في مذكراته الجديدة
كان مكاريك قد اتُهم بالاعتداء المتكرر على البالغين والقُصّر، وقال رئيس الأساقفة فيغانو إن البابا عيّنه "مستشاراً موثوقاً به" على الرغم من معرفته بفساده الكبير، وأضاف فيغانو أن الحل الأمثل في نظره هو تنحي البابا فرنسيس.
وادعى رئيس الأساقفة أن "هذه الشبكات المثلية تعمل في الخفاء، وتمارس الخداع بقوة أذرع الأخطبوط، وهي بصدد خنق الكنيسة برمتها".
وهدد الخلاف الناجم عن ذلك بإغراق الكنيسة في أزمة كبرى، وفي فبراير/شباط 2019، جرى تجريد مكاريك من الرتبة الكهنوتية عقب تحقيق أجرته سلطات الفاتيكان.
Getty Imagesالبابا فرنسيس أثناء لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في عام 2023
وخلال تفشي جائحة كوفيد، ألغى البابا فرنسيس لقاءاته الدورية في ساحة القديس بطرس حفاظاً على الصحة العامة، وتفادياً لانتشار الفيروس، في خطوة تعكس نموذجاً بارزا للقيادة الأخلاقية، شدد على أن الحصول على اللقاح يشكل واجباً عالمياً.
وفي عام 2022، أصبح أول بابا منذ ما يزيد على قرن يترأس مراسم جنازة سلفه، وذلك عقب وفاة البابا بنديكت السادس عشر عن عمر ناهز 95 عاماً.
في تلك الفترة المرحلة، بدأت مشكلاته الصحية تتفاقم، مما استدعى خضوعه عدة مرات للعلاج في المستشفى، وعلى الرغم من ذلك، ظل البابا فرنسيس عازماً على مواصلة مساعيه لترسيخ السلام العالمي وتعزيز الحوار بين الأديان.
* البابا فرانسيس: المهاجرون "ليسوا غزاة"
وفي عام 2023، زار البابا فرنسيس جنوب السودان، وناشد القادة من أجل إنهاء الصراع.
كما دعا إلى إنهاء "الحرب العبثية والشرسة" في أوكرانيا، بيد أن تصريحاته أثارت خيبة أمل الأوكرانيين، إذ بدت وكأنها تتبنى السرديّة الروسية التي تزعم أن الغزو كان رد فعل على استفزازات سابقة.
وبعد عام، بدأ رحلة طموحة شملت أربع دول وقارتين، كان من بينها محطات في إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وسنغافورة.
Getty Imagesالبابا فرنسيس يلتقط صورة مع مجسّم لحمامة السلام خلال زيارته للمكسيك
اعتلى خورخي ماريو بيرغوليو كرسي البابوية عازماً على إحداث تغيير داخل الكنيسة.
وقد يرى البعض أن الكنيسة كانت بحاجة إلى بابا أكثر تحرراً، فيما يردد المعارضون ما اعتبروه تراخياً في تصديه لقضايا الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة.
إلا أنه، بلا شك، أحدث تغييراً ملموساً.
عيّن البابا فرنسيس ما يربو على 140 كاردينالاً من دول غير أوروبية، وسوف يترك لمن يخلفه كنيسة تتمتع برؤية عالمية أوسع بكثير مما كانت عليه عندما تولى مهامه.
ولإعطاء مثال على ذلك، كان البابا فرنسيس يجنح إلى البساطة، ولم يسكن في القصر الرسولي بالفاتيكان، الذي يضم كنيسة سيستين، بل فضّل الإقامة في المبنى الحديث (الذي بناه البابا يوحنا بولس الثاني كدار للضيافة).
* البابا فرانسيس يلتقي ضحايا اعتداءات جنسية من رجال دين في كنائس البرتغال
كان البابا فرنسيس يؤمن بأن السعي وراء مظاهر البذخ ضرب من الغرور، وقال ذات مرة: "أنظر إلى الطاووس، يبدو جميلاً من الأمام، لكن إذا نظرت إليه من الخلف، ستدرك الحقيقة".
سعى البابا إلى إحداث تغيير في المؤسسة ذاتها، من خلال تعزيز مهمة الكنيسة التاريخية عبر تجاوز النزاعات الداخلية، والتركيز على الفقراء، وإعادة الكنيسة إلى الشعب.
وعقب اختياره بابا الفاتيكان، قال: "علينا أن نحذر من مرض روحي يصيب الكنيسة عندما تنغلق على ذاتها".
وأضاف: "لو كان عليّ أن أختار بين كنيسة جريحة تخرج إلى العالم، وكنيسة مريضة منغلقة على ذاتها، لاخترت الأولى".
* ماذا نعرف عن العلاقة بين الأقباط والكاثوليك؟
* البابا فرنسيس يقول لزيلينسكي إنه يصلي من أجل السلام
* البابا فرنسيس: يجب ألا تحل الحيوانات الأليفة محل الأطفال في إيطاليا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.