بقلم الدكتور حسن الشطييي رئيس جمعية تامسنا حماية المستهلك مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تتصاعد حالات التسممات الغذائية بشكل مثير للقلق في بعض الأقاليم المغربية. وبالرغم من التحذيرات الصحية المتكررة، إلا أن عددا كبيرا من المستهلكين يداومون على تناول أطعمة مكشوفة أو مخزنة في ظروف غير صحية، خصوصاً عند تناول الوجبات خارج البيوت.
أسباب عديدة وخطر واحد ترجع التسممات الغذائية الصيفية إلى أسباب مختلفة، أهمها تلف الأطعمة بسبب الحرارة الشديدة، وعدم الالتزام بشروط التبريد أو الطهي السليم. كذلك فإن غياب النظافة في أماكن التحضير أو البيع، خصوصاً عند الباعة المتجولين، يُعتبر عاملاً أساسياً في انتشار الجراثيم والطفيليات في الأطعمة.
من بين الأسباب الأخرى: تناول مأكولات منتهية المدة إعادة تدفئة أطعمة بأساليب غير سليمة استخدام مياه ملوثة في تجهيز الأطعمة أو غسل الخضراوات والفواكه انعدام المراقبة الدقيقة في بعض المتاجر والمطاعم
تناول الطعام خارج المنزل… بين الحاجة والمخاطرة يزداد الإقبال على تناول الوجبات السريعة والأكل في المطاعم أو متاجر الوجبات الخفيفة خلال الإجازات الصيفية، خصوصًا مع تزايد وتيرة التنقلات والفعاليات العائلية. لكن هذا التصرف، وإن بدا مريحًا عمليًا، قد يعرض صحة المستهلك لمخاطر فعلية إذا لم يتم الالتزام بشروط السلامة الغذائية.
فغياب الرقابة الجيدة، والتساهل في نظافة المطابخ والأدوات، واستعمال مواد أولية غير مُراقبة، كلها عوامل تزيد من خطر التسمم.
العواقب الصحية التسممات الغذائية لا تقتصر على بعض العلل الخفيفة فحسب، بل قد تفضي إلى تعقيدات خطيرة خصوصا لدى الأطفال، النساء الحوامل، وكبار السن. وتشمل الأعراض الشائعة: الغثيان والتقيؤ الإسهال الحاد الحمى الجفاف وقد تتطلب بعض الحالات التوجه للمستشفى فوراً أو حتى الإنعاش الطبي.
طرق الوقاية والإرشادات للحدّ من ظاهرة التسمّمات الغذائية، خاصة خلال فصل الصيف، تظهر الحاجة إلى مقاربة شاملة ومتكاملة، تشارك فيها مختلف الأطراف ذات الصلة، من مواطنين وسلطات ومهنيين في قطاع الأغذية.
فعلى صعيد الأسرة، ينبغي الاهتمام بحفظ الأطعمة فور شرائها في الثلاجة، وطهيها جيدًا لتفادي تكاثر الجراثيم، إلى جانب الالتزام بنظافة اليدين والأدوات المستعملة في إعداد الطعام، قبل وبعد كل عملية تحضير.
أما خلال عملية الشراء، فمن اللازم التأكد من صلاحية المنتجات وتاريخ انتهائها، والتحقق من مصدرها، مع تجنب اقتناء الأطعمة المكشوفة أو تلك المعروضة في ظروف لا تحترم شروط النظافة والتبريد.
وعند تناول الطعام خارج المنزل، يُنصح باختيار المطاعم والمقاهي التي تلتزم بمعايير السلامة الصحية، والانتباه إلى حرارة الوجبة وجودتها، وأيضًا نظافة الأواني والمكان بصفة عامة. من ناحيتها، تقع على عاتق السلطات المختصة مسؤولية مضاعفة جهود المراقبة الميدانية، خاصة في الأماكن المفتوحة والأسواق الموسمية والمطاعم الشعبية، مع ضرورة تفعيل العقوبات الصارمة في حق المخالفين، لحماية صحة المستهلك وضمان جودة المنتجات الغذائية المعروضة. في إطار المساعي الوقائية، يظهر دور التثقيف كأحد الركائز الأساسية في تقليل حالات التسمم الغذائي، وذلك عبر إطلاق حملات إعلامية وتوعوية دورية، تستهدف زيادة مستوى إدراك الجمهور بأهمية الحماية الغذائية، خاصة في الفترات والمواسم التي تشهد ازديادًا في درجات الحرارة وتكثر فيها حالات التسمم.
وإذا كنا نتطرق إلى ثقافة استهلاكية مسؤولة، فإن المستهلك يبقى، رغم ضعفه، عنصرًا أساسيًا في نظام الوقاية. فهو الحلقة الأقل حصانة من حيث التعرض للمخاطر، لكنه في الوقت نفسه جزء من العلاج، بقدر ما يتقيد بقواعد النظافة والسلامة، ويتخذ سلوكًا واعيًا في تعامله مع الغذاء، ويطلب بحقه في منتج صحي وآمن.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يمتلك المستهلك الوعي الكافي لتغيير عاداته الغذائية وتفادي الخطر قبل وقوعه؟ أم سيظل ينتظر "الوجبة السامة" المقبلة ليُدق ناقوس الخطر من جديد؟