أثار إعلان جبهة البوليساريو الانفصالية خلال الأسبوع الماضي، استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب، ردود فعل متباينة في ظل الجمود الذي طبع هذا الملف لعقود. الإعلان، رغم كونه مشروطًا، يُعد تحوّلًا مهمًا في موقف الجبهة، سيما وأنه يأتي في سياق تغيّر موازين القوى الإقليمية والدولية.
جاء التصريح على لسان خا يوصف ب "الوزير الأول" في جبهة البوليساريو، بشرايا حمودي البيّون، خلال لقاء بالجزائر، مؤكدا استعداد الجبهة للتفاوض المباشر مع المغرب، وأنها تشترط وجود رعاية دولية و"ضمانات جدية" لتحقيق نتائج.
ويرى خبراء أن دوافع المحتملة لهذا التحول تأتي بعد قراءة الجبهة للتحولات الجيوسياسية والدبلوماسية على رأسها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ، إذ دعمت واشنطن رسميًا مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي، إلى جانب مواقف أوروبية داعمة للمغرب، مثل فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، وأخيرًا بريطانيا، التي أصبحت أكثر انخراطًا في دعم مقترح الحكم الذاتي.
وتراجع نسبي للدعم الجزائري، رغم ثبات الموقف الرسمي، إلا أن أولويات الجزائر الإقليمية الأخرى (ليبيا، الساحل، الطاقة) فرضت إعادة ترتيب الملفات.
اعلان البوليساريو استعدادها للتفاوض مع المغرب، يقرؤه خبراء أنه نتيجة الضغط الداخلي والخارجي عليها في ظل تراجع الحضور الدولي للجبهة في المنتديات والمنظمات، مقابل تنامي الحضور الدبلوماسي المغربي في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. أيضا تصاعد أصوات داخل الجبهة تطالب بمراجعة التكتيكات الحالية والعودة للمسار السياسي تحت مظلة الأممالمتحدة.
تحرك الجبهة يتزامن مع اقتراب عرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء المغربية، إلى جانب تحركات المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، والتي تسعى لإحياء المفاوضات الرباعية أو الثنائية في حال توافق الأطراف.