تعيش المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير أوضاعا متأزمة وغير مسبوقة، في ظل صمت تام من رئاسة جامعة ابن زهر والوزارة الوصية، مقابل اتساع رقعة الاحتجاجات داخل المؤسسة.
ونظم عدد من الأساتذة، اليوم الثلاثاء 9 دجنبر 2025، وقفة احتجاجية أمام مقر المدرسة للتنديد بما وصفوه ب"الاختلالات البنيوية وتدهور المناخ البيداغوجي"، بينما يواصل الطلبة وأولياء أمورهم اعتصاما مفتوحا بمقر رئاسة جامعة "ابن زهر " للمطالبة بتنفيذ حكم قضائي نهائي، مشيرين إلى أن المدرسة تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى "فضاء متوتر" تُغلق فيه مختبرات، وتُثار فيه نزاعات بيداغوجية وقانونية بشكل متكرر، ما أثّر سلبا على جودة التكوين وعلى المناخ الجامعي برمّته.
وبلغت الأزمة ذروتها بعد امتناع إدارة المؤسسة إلى حدود اليوم عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية، والقاضي بإلغاء نتائج الامتحانات النهائية للسنة الثانية من الأقسام التحضيرية وإعادة المداولات وفق الضوابط البيداغوجية.
وأرفق الحكم بغرامة تهديدية ثقيلة تصل إلى 30 ألف درهم عن كل ساعة تأخير، ورغم ذلك لم تُباشِر الإدارة ترتيب الآثار القانونية والبيداغوجية، ما أدخل الموسم الجامعي في نفق مجهول، وترك عشرات الطلبة خارج مقاعد الدراسة منذ أشهر.
وأكد الطلبة أن الوضع الحالي يعني ضياع سنة جامعية بالكامل، في "سابقة خطيرة" بمؤسسة هندسية من هذا الحجم، معتبرين أن التعثر "تعطيل ممنهج" لحقوقهم ومبدأ تكافؤ الفرص.
ومنذ صدور الحكم، خاض الطلبة وأولياء أمورهم، سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام أبواب المؤسسة، رافعين شعارات تُطالب ب"احترام القضاء وإنصاف المتضررين"، تلاها دخولهم في اعتصام مفتوح داخل رئاسة جامعة ابن زهر، في خطوة تكشف عمق الأزمة واتساع حالة القلق داخل الأسر.
وعبر أولياء الأمور عن غضبهم الشديد من "الغموض الذي يطبع الملف"، محذرين من أن استمرار الوضع يهدد التوازن النفسي للطلبة ومستقبلهم الدراسي والمهني، ومطالبين بتدخل عاجل من وزارة التعليم العالي لإعادة الأمور إلى نصابها.
وتحدث عدد من الطلبة عن معاناة نفسية حادّة جراء هذا الوضع، معتبرين أن المسار الدراسي داخل المؤسسة أصبح "تجربة مُجهدة تُشبه مساراً تعذيبياً لا مساراً علمياً"، على حد وصف بعضهم.
ولم تعد الأوضاع المتدهورة بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، محصورة في الجوانب البيداغوجية فقط، بل امتدت، بحسب شهادات أساتذة وطلبة إلى تفكك داخلي وصراعات إدارية وقضائية جعلت المؤسسة تحضر في المحاكم أكثر مما تحضر في المحافل العلمية.
وفي نفس السياق، دعا أساتذة وفاعلون جامعيون إلى تطبيق صارم للقانون وتفعيل الهياكل البيداغوجية للمؤسسة، معتبرين أن إنقاذ ENSA أكادير لم يعد قضية فئوية بل قضية وطنية تتعلق بمستقبل مهندسين يحتاجهم سوق الشغل الوطني.
ويرى متابعون أن الأزمة الحالية تُهدد صورة المؤسسة وسمعة الجامعة، خاصة وأن المدرسة تُعتبر إحدى أهم ركائز التكوين الهندسي بالجنوب، ومفخرة لجامعة ابن زهر منذ تأسيسها.
وفي غياب أي بادرة لتهدئة الوضع واحترام منطوق الحكم، يبقى مصير السنة الجامعية لطلبة السنة الثانية مُعلّقاً بالكامل، بينما تتسع دائرة الغضب يوماً بعد يوم، كما يتوقع أن يتجه الملف نحو تصعيد أكبر إذا استمر التجاهل الإداري وتواصل تأخر تنفيذ القرار القضائي.