كشفت صحيفة واشنطن بوست أنها أطلعت وثائق سرية مُسربة للاستخبارات الأمريكية توضح رصد انتشار فاغنر في القارة السمراء مما يثير قلق المسؤولين الأمريكيين والدول الغربية حول هذا الانتشار و التوغل. و من اللافت للانتباه أن أنشطة فاغنر تتصاعد في مناطق الأزمات بالقارة الأفريقية ودولها التي تجتاز أوضاعا غير مستقرة، حيث تتوجه للتركيز على الاعتماد على شركاء محليين ينتمون إلى نخب عسكرية وأمنية أو ميليشات . و تدعم جماعات مناوئة للمجتمع المدني والنخب و الأحزاب المدافعة عن الديمقراطية. وتسعى فاغنر لاختراق الدول الأفريقية الحليفة للغرب عبر استغلال مظاهر التذمر و الاستياء من الغرب، كما يحدث في عدد من دول غرب أفريقيا حيث تستغل روسيا بشكل فعّال التذمر المحلي من النفوذ الفرنسي. و تتحرك المجموعة بقوة لإنشاء تحالف من الدول المعادية للغرب في إفريقيا ، حيث يقوم المرتزقة الروس بإثارة اضطرابات باستخدام قدراتهم شبه العسكرية والمعلومات المضللة لدعم حلفاء موسكو، وفقًا لوثائق المخابرات الأمريكية السرية المسربة. و إستطاعت مجموعة فاغنر أن تكسب موطئ قدم إستراتيجي في ثماني دول أفريقية على الأقل، من بين 13 دولة تنشط فيها ، على رأسها السودان وليبيا مالي و جمهورية أفريقيا الوسطى ، و كذلك الجزائر . و يعزو محللون هذه التوجهات إلى دور فاغنر في استراتيجية روسيا بالقارة الأفريقية، حيث تتوسع كمزود رئيسي بالأسلحة من جهة، وكحليف للأنظمة المستبدة من جهة ثانية، إذ تتولى القيام بمهمات أمنية و عمليات دعم لتلك الأنظمة و مرافقة النخب العسكرية و مساعدتها على مواجهة أي اضطرابات أو احتجاجات . كما تقدم نفسها كشبكة متخصصة في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة. اضافة إلى ذلك ، فإن فاغنر تنشط في بيئات استبدادية تفتقر إلى الديموقراطية حيث يعد الفساد أسلوب حياة، لأنها تدرك تماماً أن بإمكانها القيام بالكثير من دون محاسبة ، وهو ما يجعلها لا تنشط في بيئات ديموقراطية. لذلك وجدت في الجزائر أرضية خصبة لتوسيع نفوذها. بشكل عام، تُصوّر الوثائق فاغنر كقوة غير مقيدة نسبيًا في إفريقيا، مما يوسع وجودها وطموحاتها في تلك القارة ، و خلصت إحدى هذه الوثائق المخابراتية أنه نتيجة لذلك، من المحتمل أن يزيد بريغوجين رئيس فاغنر من ترسيخ شبكته في بلدان متعددة، و يقوض قدرة كل دولة على قطع العلاقات مع خدماته وتعرض الدول المجاورة لأنشطته المثيرة للاضطرابات . و توفر مجموعة فاغنر حلًّا لأنواع المشاكل التي يتورط فيها القادة الديكتاتوريون الأفارقة وهي مواجهة الديمقراطيين والتي تساعدهم من خلال التلاعبً بصناديق الاقتراع، أومحاربة نوع وحشي من حركات التمرد على غرار السيناريو الذي حدث في جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب ليبيا. إلى جانب ذلك كشفت إحدى الوثائق المسربة، أن فاغنر تستخرج الموارد في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا والسودان. بالإضافة إلى كونها مصدرًا للذهب و اليورانيوم والموارد الأخرى، فإن القارة الإفريقية هي سوق للأسلحة الروسية وتكنولوجيا الطاقة النووية والعقود الأمنية، حيث استفادت روسيا من نفوذها مع القادة العسكريين في مختلف الدول التي يقودها العسكر، على غرار ما وقع في السودان حيث تم الاتفاق على استكمال قاعدة بحرية في بورتسودان بحلول نهاية سنة 2023، وفقًا للوثائق. يذكر أنه في يناير الماضي ، صنفت وزارة الخارجية فاغنر كمنظمة إجرامية عابرة للحدود، مع نمط من السلوك الإجرامي الخطير الذي يشمل المضايقات العنيفة للصحفيين وعمال الإغاثة وأفراد الأقليات ومضايقة وعرقلة وترهيب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى، فضلاً عن ارتكابها جرائم اغتصاب وقتل في مالي .