كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير جديد يرصد آراء أرباب المقاولات حول الظرفية الاقتصادية، عن ملامح التحولات التي شهدها الاقتصاد الوطني خلال الفصل الأول من سنة 2025، خاصة في قطاعات الصناعة بمختلف فروعها وقطاع البناء، كما سلطت الضوء على التوقعات للفصل الثاني من السنة ذاتها. الصناعة التحويلية: انتعاش خجول وسط صعوبات في التموين أشارت معطيات التقرير إلى تسجيل تحسن طفيف في الإنتاج داخل قطاع الصناعة التحويلية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية. ويعزى هذا التحسن أساسًا إلى الأداء الجيد لقطاعات الصناعة الكيماوية، والصناعات الغذائية، وصناعة المواد غير المعدنية. في المقابل، سجلت أنشطة أخرى تراجعًا، مثل صناعة الملابس، والأجهزة الكهربائية، ومنتجات المطاط والبلاستيك. أرباب المقاولات في هذا القطاع وصفوا وضعية دفاتر الطلبات ب"العادية"، بينما ظل عدد مناصب الشغل مستقرًا، كما بلغت نسبة استغلال الطاقة الإنتاجية حوالي 74%. غير أن التحديات لم تغب، إذ أبلغت 37% من المقاولات عن صعوبات في الحصول على المواد الأولية، خصوصًا المستوردة، فيما وصف 23% من أرباب المقاولات وضعيتهم المالية ب"الصعبة"، وهي نسبة ترتفع إلى 44% في قطاع صناعة الجلود والأحذية. الصناعات الاستخراجية والطاقة والبيئة: أداء متفاوت بين الفروع في قطاع الصناعات الاستخراجية، سجل التقرير ارتفاعًا في الإنتاج نتيجة زيادة نشاط استخراج الفوسفاط، رافقه ارتفاع في أسعار البيع وتحسن نسبي في التوظيف. أما قطاع الطاقة، فقد شهد انخفاضًا في الإنتاج بسبب تراجع نشاط إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز، وهو ما انعكس سلبًا على الأسعار والتوظيف أيضًا. وفي المقابل، حافظ قطاع البيئة على استقرار في الإنتاج، لا سيما في خدمات الماء، مع استقرار مماثل في مناصب الشغل ودفاتر الطلب. البناء: تحسن نسبي واستقرار في التوظيف قطاع البناء بدوره عرف انتعاشًا ملحوظًا خلال الفصل الأول من سنة 2025، مدفوعًا بتحسن في أنشطة الهندسة المدنية والبناء المتخصص، بينما حافظ قطاع تشييد المباني على استقراره. ورغم هذا التحسن، لا تزال بعض المقاولات تواجه عراقيل في التزود بالمواد الأولية، بنسبة بلغت 11%، في حين أشار 27% من المقاولين إلى صعوبات مالية. وقد استقرت الطاقة الإنتاجية المستغلة في هذا القطاع عند 72%، مع تسجيل استقرار في عدد العاملين. نظرة إلى المستقبل: تفاؤل حذر للفصل الثاني من 2025 بالانتقال إلى التوقعات الخاصة بالفصل الثاني من السنة، يتوقع أرباب مقاولات الصناعة التحويلية تسجيل نمو جديد في الإنتاج، خاصة في قطاعات صناعة السيارات، والصناعات الغذائية، والكيماويات. ومن المرجح أن يستقر التوظيف في هذا القطاع خلال الفترة نفسها. في المقابل، يتوقع مقاولون في قطاع الصناعات الاستخراجية تراجعًا في الإنتاج، نتيجة انخفاض منتظر في نشاط الفوسفاط، مع ترقب استقرار في التشغيل. أما قطاع الطاقة فيُرتقب أن يسجل نموًا في الإنتاج بفضل تحسن منتظر في أنشطة الكهرباء والغاز، بينما قد يشهد عدد المشتغلين فيه انخفاضًا. قطاع البيئة سيحافظ، حسب التوقعات، على وتيرة مستقرة في إنتاج وتوزيع الماء، إلى جانب استقرار متوقع في عدد العاملين. قطاع البناء: استمرار النشاط واستقرار التشغيل وبالنسبة للبناء، تبدو التوقعات إيجابية، حيث ينتظر أن يعرف النشاط ارتفاعًا إضافيًا خلال الفصل الثاني، خاصة في مجالات الهندسة المدنية والبناء المتخصص، مع ترقب استمرار استقرار مناصب الشغل. تعكس هذه المؤشرات الظرفية نوعًا من التعافي التدريجي في بعض القطاعات الإنتاجية بالمغرب، رغم التحديات المرتبطة بالتزود بالمواد الأولية والوضعيات المالية لمجموعة من المقاولات. كما تشير التوقعات إلى موجة من التفاؤل النسبي لدى الفاعلين الاقتصاديين، خصوصًا في قطاعي البناء والصناعة التحويلية، ما قد يساهم في دعم النشاط الاقتصادي الوطني في المدى القريب.