شهدت جهة فاس-مكناس، يوم الأربعاء، انطلاقة تشغيل شبكة الري الكبرى لتزويد سهل سايس بالمياه السطحية انطلاقاً من سد مداز، وذلك في إطار مشروع هيدروفلاحي مهيكل يهدف إلى تعزيز الأمن المائي وتحديث الفلاحة بالمنطقة. ترأس حفل الإطلاق وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد أحمد البواري، بحضور عدد من المسؤولين والمنتخبين والمهنيين. يمثل هذا المشروع أحد أبرز المشاريع البنيوية التي أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ويهدف إلى ضمان تزويد منتظم ومستدام بالمياه لمدار سهل سايس على مساحة تصل إلى 30 ألف هكتار. ويعتمد المشروع على ضخ سنوي لحوالي 125 مليون متر مكعب من المياه انطلاقاً من سد مداز، الذي يبعد بحوالي 90 كيلومتراً عن المنطقة المستهدفة. سيستفيد من هذه الشبكة الجديدة للري ما مجموعه 22 جماعة ترابية موزعة على عمالات فاسومكناس وأقاليم الحاجبوصفرو ومولاي يعقوب، في خطوة تندرج ضمن رؤية وطنية تروم ضمان استدامة الموارد الطبيعية وتعزيز قدرة الفلاحين على التكيف مع التغيرات المناخية. يندرج المشروع ضمن الاستراتيجيتين الوطنيتين "مخطط المغرب الأخضر" و"الجيل الأخضر"، ويهدف إلى التقليص التدريجي من الاعتماد على المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشة المائية بسهل سايس، وتحسين إنتاجية الفلاحة المسقية. كما يساهم في تحسين دخل الفلاحين ودعم التعاونيات والمقاولات الفلاحية الصغيرة، ما يُنتظر أن ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي والجهوي. خلال الحفل، قام الوزير والوفد المرافق له بزيارة ميدانية لعدد من المنشآت الحيوية المرتبطة بالمشروع، أبرزها برج الموازنة العملاق بمنطقة لقْصير بإقليمالحاجب، بارتفاع يبلغ 80 متراً، والذي يساهم في تنظيم ضغط المياه المحولة من السد. كما تمت زيارة منشأتي التنظيم OB3 وOB2. كما شملت الجولة عدداً من الضيعات الفلاحية التي بدأت فعلياً في التزود بالمياه عبر مآخذ فردية متصلة بأنظمة ري بالتنقيط. من بين هذه الضيعات، ضيعة بأغبالو أكورار (إقليمصفرو) مزروعة بأشجار الزيتون على مساحة 8.5 هكتار. المشروع يُنتظر أن يُحدث أثراً مباشراً لفائدة ما يقارب 4500 استغلالية فلاحية. ويشكل متنفساً للفلاحين الذين يعانون من الإجهاد المائي والتغيرات المناخية، حيث سيمكنهم من تحسين إنتاجيتهم وتوسيع نشاطهم، عبر اعتماد أساليب فلاحية أكثر نجاعة واستدامة. تم تمويل هذا المشروع بدعم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD)، إضافة إلى منحة مالية بقيمة 50 مليون يورو مقدمة من الصندوق الأخضر للمناخ والاتحاد الأوروبي. وقد حاز المشروع على جائزة "أفضل مشروع في فئة التكيف مع التغير المناخي" التي يمنحها البنك الأوروبي، في اعتراف بأهدافه البيئية والتنموية. يمثل المشروع نقطة تحول في مسار الفلاحة المسقية بسهل سايس، ويعكس التزام المغرب بتطوير فلاحة مرنة ومقاومة للتقلبات المناخية. كما يشكل نموذجاً يُحتذى به في تدبير الموارد المائية وضمان الأمن الغذائي في سياق التغيرات البيئية المتسارعة.