يحتفل المغاربة اليوم بذكرى ميلاد صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، وهي مناسبة لا تستحضر فقط فرحة الميلاد، بل تفتح المجال لتجديد الاعتراف بمسار استثنائي ارتبط بالدفاع عن حقوق المرأة وحماية الطفولة. فمنذ سنواتها الأولى، ارتسمت ملامح شخصية فاعلة في الشأن الاجتماعي، تحمل على عاتقها قضايا أساسية تمس جوهر المجتمع المغربي. منذ أن عهد إليها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني سنة 1981 برئاسة المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية، برز اسم الأميرة للا مريم كصوت نسوي راسخ في خدمة الوطن. ثم تعاقبت المسؤوليات، فترأست الاتحاد الوطني لنساء المغرب، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، إضافة إلى انخراطها في دعم أنشطة "اليونسيف" ومبادرات جمعيات متعددة ذات الصلة بالطفولة. ولم يكن هذا الالتزام مجرد حضور بروتوكولي، بل تحول إلى عمل متواصل حظي بإشادة دولية واسعة. فقد منحتها منظمة اليونسكو سنة 2001 لقب سفيرة النوايا الحسنة، كما وشحها الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الكبرى، وتوجت بميدالية مؤسسة الحريري. وفي سنة 2010، حصلت على جائزة "النساء الرائدات عالميا"، اعترافا بدورها في النهوض بالمرأة المغربية والعربية والإفريقية وتمكينها من المساهمة في مسار التنمية. ويظل حضور الأميرة للا مريم حاضرا بقوة في الساحة الوطنية والدولية، سواء من خلال رئاستها لأنشطة رسمية أو تمثيلها جلالة الملك في محافل بارزة. فقد ترأست مؤخرا احتفالات مرور ثلاثين سنة على إحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل، كما أشرفت على تخليد الذكرى الخامسة والعشرين لبرلمان الطفل بجامعة محمد السادس بالرباط، في مبادرات تعكس حرصها على ترسيخ ثقافة المشاركة والمسؤولية لدى الأجيال الناشئة. إن سيرة الأميرة للا مريم هي صورة عن التزام راسخ، جعل منها أيقونة للعمل الاجتماعي والإنساني داخل المغرب وخارجه، ورمزا لقيمة العطاء الذي يتجاوز الحدود، ليصنع أثرا يمتد عبر الأجيال.