تعود الجزائر اليوم إلى دائرة الاهتمام الدولي بعد تصاعد دعوات الحراك الشعبي من طرف جيل Z على منصات التواصل الاجتماعي، في مشهد يعكس غضبًا عميقًا تراكم منذ سنوات نتيجة هيمنة المؤسسة العسكرية على السلطة وفشل الحكومات المتعاقبة في تلبية مطالب المواطنين. الشباب الجزائري، الذي يعاني من بطالة مرتفعة بلغت 29.76% بين فئة 18 إلى 24 عامًا في 2024، أصبح في طليعة المطالبين بالتغيير، معتبرين أن المستقبل الذي يطمحون إليه لا يمكن أن يتحقق إلا بكسر احتكار السلطة من قبل الجيش. تتزامن هذه المطالب مع مؤشرات فساد مرتفعة، حيث سجلت الجزائر 34 نقطة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، ما يضعها في المرتبة 107 عالميًا ويكشف عن حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المواطنين يوميًا. في المقابل، يواصل النظام العسكري تمسكه بالسلطة، ويهيمن على مفاصل الدولة، مما يعقد المشهد السياسي ويزيد من فجوة الثقة بين الشعب والحكومة. رغم القمع والرقابة المشددة، إلا أن الأصوات المطالبة بالتغيير تتزايد، ويقودها ناشطون بارزون مثل محمد العربي زيتوت وأمير DZ ومحمد السيفاوي، الذين دعوا إلى وحدة القوى المدنية والسياسية ومشاركة الشباب في التظاهرات من أجل استعادة السيادة الشعبية. التحليلات تشير إلى أن استمرار هذا الوضع دون استجابة حقيقية قد يؤدي إلى تصعيد شعبي أوسع، ويضع النظام أمام اختبار تاريخي بين التراجع وإعادة بناء مؤسسات مدنية ديمقراطية أو مواجهة غضب شعبي متصاعد. الجزائر اليوم على مفترق طرق، والشباب يعيد كتابة تاريخ البلاد بصوت عالٍ، مؤكدين أن زمن الهيمنة العسكرية على حساب حقوق المواطنين قد ولّى، وأن إرادة الشعب هي العامل الحاسم في رسم مستقبل الدولة.