في خطاب سامٍ أمام البرلمان، وضع الملك محمد السادس مبدأً جوهريًا في صلب المشروع الوطني للمغرب: تأطير المواطنين ليس مهمة الحكومة وحدها، بل مسؤولية جماعية تشاركية تعكس نضج الدولة والمجتمع معًا. كانت هذه العبارة بمثابة رسالة سياسية بليغة، تُعيد تعريف العلاقة بين المؤسسات والمواطنين، وتدعو إلى تعبئة شاملة من أجل ترسيخ وعي جماعي يواكب مسار التنمية والديمقراطية. الملك شدد على أن تأطير المواطنين والتعريف بالمبادرات العمومية والقوانين، خصوصًا تلك التي تمس الحقوق والحريات، لا يمكن أن يبقى حكرًا على الحكومة، لأن نجاح أي سياسة عمومية يتوقف على مدى انخراط الفاعلين السياسيين والمؤسساتيين والمجتمعيين في شرحها وتأصيلها داخل المجتمع. وأوضح أن البرلمان والأحزاب السياسية والمنتخبين والإعلام والمجتمع المدني جميعهم معنيون بهذه المهمة الوطنية، باعتبارهم جسورًا بين الدولة والمواطنين، ومسؤولين عن تقوية الثقة في العمل المؤسساتي، وتحويل النقاش العمومي إلى قوة اقتراح وتنوير. في هذا السياق، ذكّر الملك بندائه السابق إلى تسريع وتيرة "المغرب الصاعد"، عبر إطلاق جيل جديد من البرامج التنموية التي تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني، مؤكداً أن نجاحها لن يتحقق إلا بوعي جماعي متجذر في قيم المواطنة والمسؤولية. كما دعا الملك النواب إلى استثمار السنة الأخيرة من ولايتهم في العمل بجدية ومسؤولية، لتسريع المصادقة على القوانين واستكمال المشاريع المفتوحة، بعيدًا عن الحسابات الانتخابية، وبروح من الالتزام تجاه الوطن والمواطنين. الملك محمد السادس لم يكتف بالتنبيه إلى ضرورة العمل، بل وجّه رسالة سياسية دقيقة حين قال إن التنمية لا تعرف تنافسًا بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، لأن الغاية الواحدة هي تحسين حياة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. وبلغة واقعية صريحة، أكد أن التنمية المحلية هي المعيار الحقيقي لقياس تقدم المغرب، وأن النموذج التنموي لن يكتمل إلا حين يشعر المواطن في كل ربوع البلاد بأنه شريك حقيقي في التنمية، مستفيد من ثمارها، ومدرك لمسؤولياته تجاه الوطن.