أكد المشاركون في أشغال المؤتمر العالمي السادس لبيئة المدن، الذي اختتمت أشغاله اليوم الثلاثاء بالرباط، على ضرورة بلورة منظومة متكاملة من التشريعات لإدارة المدن الساحلية وفق رؤية شمولية تدمج الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وشددت توصيات المؤتمر، الذي ناقش على مدى يومين، سبل تدبير مخاطر التغيرات المناخية بالمدن الساحلية، على تفعيل البرامج التربوية المتعلقة بالإدارة المستدامة للبيئة الساحلية،وذلك في إطار المحور الأول، المتعلق باستراتيجيات وسياسات وتشريعات إدارة المدن الساحلية والبيئة البحرية للتخفيف من آثار التغير المناخي. كما أوصى المشاركون، في التقرير الختامي الذي قدمه السيد محمد فتوحي، رئيس لجنة التعمير وإعداد التراب والبيئة بمجلس جماعة الرباط، والأستاذ الباحث في مجال البيئة والتنمية المستدامة، بضرورة وضع استراتيجية وخطط عمل عربية تتكامل مع الأهداف الإنمائية الدولية للفترة ما بين 2015- 2030، داعين إلى العمل على استدامة تنظيم المؤتمر لتبادل الممارسات والمبادرات والتجارب والمستجدات المرتبطة بالمدن الساحلية، وتنسيق التواصل وتحسيس الفاعلين بضرورة الانخراط في مؤتمر المناخ (كوب 22) لإسماع صوت المنتخبين والحكومات المحلية. ودعوا أيضا إلى حشد التأييد الدولي لدعم الدول الكبرى لنظيرتها الفقيرة، من أجل التوعية بإشكاليات العدالة المناخية، وتدبير المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية خاصة في المدن الساحلية. وفي إطار المحور الثاني، المتعلق بالتطوير الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمناطق الساحلية، تضمنت التوصيات ضرورة مراعاة الموروث الثقافي والتاريخي في إدارة التراث الساحلي للمدن، والاستفادة من الخبرة العلمية ومؤسسات البحث العلمي. كما أكد المشاركون على ضرورة دعم وتبادل أفضل التجارب والخبرات العلمية في مجال التدبير المستدام للمدن الساحلية، وإنشاء مراكز مهنية لتطوير الكفاءات والموارد المؤهلة القادرة على الإدارة الفاعلة للمدن الساحلية، منادين بضرورة دعم عجلة التطوير العمراني والاقتصادي مع الحفاظ على البيئة الساحلية، إلى جانب دراسة التأثير البيئي طيلة مراحل المشاريع التنموية. وبخصوص المحور الثالث المتعلق بأفضل منظومات جمع المعلومات في البيئة الساحلية والبحرية وأنظمة دعم القرار المساندة لمواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي وحماية البيئية والمناطق الساحلية، تم التأكيد على بناء أنظمة المعلومات من أجل التمكين من اتخاذ القرارات الرشيدة، التي تضمن التنبؤ المبكر بالمخاطر المحدقة بالمدن الساحلية، فضلا عن تسهيل تبادل البيانات بين مختلف الجهات الفاعلة في إدارة المدن الساحلية. كما أوصت خلاصات المؤتمر بتنفيذ برامج الرصد البحري والإنذار المبكر، ووضع خطط مناسبة، فضلا عن تعزيز التعاون محليا وإقليميا ودوليا، خاصة مع المنظمات غير الحكومية والجهات العلمية. أما في إطار المحور الرابع، المرتبط بإدارة البيئة البحرية والساحلية وحمايتها من آثار التغير المناخي، تمت الدعوة الى تطوير برامج السياحة المستدامة، وتوسيع استخدامات الطاقات النظيفة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص من أجل الانخراط في الانتقال الطاقي. كما أكدوا على ضرورة التشبيك بين جميع هيئات الشراكة المختصة في مجال تدبير المدن الساحلية. وفي كلمة خلال اللقاء، أكدت السيدة حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة والمبعوثة الخاصة لمؤتمر (كوب 22)، على الالتزام بضرورة تغيير نمط تدبير المدن الساحلية على الخصوص، معتبرة أن موضوع المؤتمر يندرج في صلب النقاش في إطار الإعداد لاستقبال مؤتمر المناخ. وأشارت إلى أن اتفاق باريس يسائل ويلزم الدول بضرورة تغيير كل ما يتسبب في التغيرات المناخية، انطلاقا من أنماط التصنيع والاستهلاك، وكذا سبل التفكير بشأن تهيئة المجالات وأنماط التنقل، وتغيير "النمط الحضاري"، مؤكدة على ضرورة تغيير الممارسات وتربية الجيل الناشئ على الانخراط ضمن ثقافة التغيير من أجل الحد من التغيرات المناخية، وتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة أساسا عن وسائل النقل البحري والتجاري الدولية، والتصنيع والنفايات. وركزت على دور التنوع الإحيائي للمحيطات في تأمين الأمن الغذائي من خلال تزويد حوالي ثلث ساكنة الكوكب بالبروتينات، ولكن أيضا المجال الصحي، من خلال توفير مركبات العديد من الأدوية. وأضافت أن الابتكار سيمكن من تقديم الحلول لعالم الغد، مشددة على أن عمل الدول لا يكفي بل يتعين انخراط الجماعات الترابية والقطاع الخاص في التدبير المستدام لملف الحد من التغيرات المناخية. يذكر أن المؤتمر، الذي عرف مشاركة شخصيات وفاعلين على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، من قادة ووزراء وممثلين عن الحكومات المركزية والبلديات، والقطاعين الخاص والعام ورجال الأعمال، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المعنية، استهدف توفير فرصة استثنائية لمسؤولي المدن للالتقاء وتبادل الخبرات الجماعية، والانخراط في حوار مفتوح لمناقشة الأفكار والبحث عن الحلول الناجعة لإدارة السواحل والبيئة البحرية، لضمان تنمية مستدامة للمدن العربية بالخصوص. كما شكل المؤتمر أيضا مناسبة لكل القطاعات المعنية، للنظر في نهج أوسع وأشمل لسياسات وتشريعات وخطط وبرامج الإدارة المتكاملة للسواحل وحماية البيئة البحرية، والتخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية على مستوى المدن، لإيجاد حلول واستراتيجيات طويلة المدى، تضمن التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للحواضر العربية. الحدود