في الجلسة الثالثة حول «حقوق الإنسان بين التشريعات والسياسات العمومية والممارسات»    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ينفتح على النخب الأكاديمية والباحثين والخبراء والمجتمع المدني في التحضير للمؤتمر الوطني 12    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    مشروع قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة أمام أنظار المجلس الحكومي يوم الخميس المقبل    شقران أمام يلوّح بالتحضير لولاية رابعة لإدريس لشكر داخل الاتحاد الاشتراكي    وفد سعودي اقتصادي رفيع يحلّ بالمغرب لاستكشاف فرص الاستثمار وتعزيز مستوى الشراكة    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري تفند مزاعم استهداف صغار السردين بميناء العيون    معدل البطالة بين السعوديات يتراجع إلى 10.5%    قيوح يؤكد دعم المغرب لتعزيز ممرات النقل بين إفريقيا وتركيا    إيران تشكك في التزام إسرائيل بالهدنة.. وتتعهد بالرد الفوري    كأس العرش: نهضة بركان يطمح إلى التتويج باللقب وأولمبيك آسفي يبحث عن باكورة ألقابه    هل يطوي المغرب صفحة عبد السلام أحيزون؟ من "اتصالات المغرب" إلى مهرجان موازين وجامعة ألعاب القوى    مونديال الأندية.. ميسي في مواجهة باريس سان جرمان الذي حمل قميصه و"لم يكن سعيدا" معه    حمد الله يعد لاعبي أولمبيك آسفي بمكافأة مالية في حال الظفر بكأس العرش    إحباط تهريب كمية كبيرة للأقراص المهلوسة بمعبر باب سبتة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    أكادير.. توقيف مواطنين بريطانيين مبحوث عنهما دولياً بناءً على معلومات من "الديستي    وفد من الدرك الملكي يزور متحف الدرك الوطني الفرنسي في إطار تعزيز التعاون    تطوان تستقبل وفد أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة في زيارة لتعزيز التعاون الثقافي    معهد الموسيقى في تمارة يتوج مساره الدراسي بتنظيم حفل فني    ترامب: اعقدوا صفقة غزة.. أعيدوا المحتجزين    ذكرى استرجاع سيدي إفني، صفحة مشرقة في مسلسل الكفاح البطولي من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية    دراسة ترصد تحديات التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب وتطرح خريطة إصلاح شاملة    "فرحتي كانت عارمة".. بودشار يحتفي بحفل جماهيري تاريخي في موازين    ماجدة الرومي تتألق في الرباط وتلتقي جمهورها المغربي ضمن فعاليات مهرجان موازين    فوضى واغماءات وانتقادات بسبب "البلاي باك" في حفل شيرين بموازين    الشرقاوي ينفي عزمه الترشح لرئاسة نادي اتحاد طنجة والإطاحة بالرئيس الحالي كرطيط    كرة القدم.. المنتخب الإنجليزي يتوج بلقب بطولة أمم أوروبا للشباب    حزب متطرف في إسبانيا يقترح إلغاء برنامج تعليمي يستهدف الحفاظ على الهوية المغربية لدى أبناء الجالية    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال شهور    زلزال بقوة 5,3 درجات يضرب وسط باكستان    طنجة.. إصطدام عنيف يُرسل سائق دراجة نارية في حالة حرجة إلى المستعجلات    جريمتي كانت تنفيذًا لأمر إلهي لإنقاذ إسرائيل من الشر    عاصفة رعدية وأهداف قاتلة .. تشلسي يعبر إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية    مبادرة تستعين بتلاميذ لإقناع "متسرّبين" بالعودة إلى مقاعد الدراسة بالمغرب    المجتمع المدني يُكرم بوجيدة بالناظور    بعد حرب "ال12 يوما" مع إسرائيل.. هل تستطيع إيران إنتاج قنبلة نووية؟    الجامعة تحدد أجل تجديد بطاقة المدرب    سعر صرف الدرهم ينخفض أمام اليورو ويرتفع أمام الدولار    هجوم إعلامي قذر من الجزائر على مالي    أكثر من 2000 مشارك من 3 قارات في مناظرة الذكاء الاصطناعي بالمغرب    غزة وإسرائيل .. هل يفصلنا أسبوع عن وقف الحرب؟    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    أزيد من 48 بلدا في فعاليات "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    إسرائيل تقتل 550 طالبا للمساعدات.. الأمم المتحدة تندّد بنظام "عسكري" لتوزيع المساعدات في غزة    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا ما كان !


دقات شبه عنيفة على الباب. تفضل صاح المدير:
-سيدي إن الدكتور بورجيلة قد أساء الأدب معي هذا الصباح.
-مستحيل بورجيلة رجل متخلق ماذا قال لك؟
-بدرت منه كلمات تخدش الحياء لست أدري ماذا أصابه؟
-هدئي من روعك آنستي سأنظر في الأمر التحقي بجناحك.
خرجت الممرضة والشر يتطاير من عينيها.
احتار مدير المستشفى في الأمر، الدكتور بورجيلة مشهود له بالانضباط، لا بد أن هناك شيئا ما. أمر في طلبه، في بضع دقائق كانا معا في المكتب.
-ماذا جرى دكتور لقد اشتكت منك ...
تدخل الدكتور بنرفزة وقاطع المدير:
-اسمع سيدي. ضبطت ساعتي على الساعة السادسة صباحا لكن المنبه رن على الساعة الثامنة، لست أدري كيف جرى ذلك. نهضت مسرعا، حلقت دقني، أعددت قهوتي لأن زوجتي غاضبة عند أهلها. ما أن رشفت الرشفة الأولى حتى اندلق كأس القهوة على قميصي وسروالي رجعت واستبدلت ملابسي. اتجهت إلى سيارتي أدرت المحرك لم يشتغل، قصت أقرب ميكانيكي ما أن وصلت إليه انهمر المطر فبلل ثيابي، رافقني مصلح السيارات صعدت مرة ثانية، غيرت ما ابتل، أصلحت السيارة خرجت قاصدا المستشفى، في منتصف الطريق انفجرت عجلة انتابتني موجة خنق ونزلت وأنا أصيح كالمعتوه أثرت انتباه المارة. تركتها هناك وأشرت إلى سيارة أجرة أغلبها مرق من أمامي مملوء وأخيرا وقف سائق طاكسي ركبت وأنا أتميز من الغيظ لم يستخدم العداد، صحت في وجهه، أمرته بالوقوف نزلت واستقلت سيارة أخرى، وصلت إلى المستشفى على الساعة العاشرة والنصف ومن المقرر أن أجري عملية على الساعة العاشرة.
توجهت إل المريض مع الأسف نقل إلى الجناح الآخر وأجريت له العملية لكنها باءت بالفشل ولقي حتفه. دخلت مكتبي ووضعت رأسي بين كفي، ساعتها اقتحمت علي الممرضة الغرفة وسألتني:
-توصلنا من الوزارة بمجموعة من موازين الحرارة أين أضعها يا دكتور.
أجبتها بعصبية:
ضعيها في ...
هذا ما كان.
قبض المدير على ضحكة كادت تنط من بين شفتيه وعزم على تهدئة الأجواء.
انصرف الدكتور وهو يزفر زفرات وعلامات الندم بادية على محياه .
هذا ما كان !
تزينت كالعادة. نفس التوقيت خرجت من الحي العتيق، تمشي الهوينى. بدلتها تعانق جسدها عناقا حارا، ساقاها تسر الناظرين، حقيبة صغيرة لا تفارقها، شعرها منسدل على الكتفين، جسد آسر. اتجهت إلى البلاطو قرب مدرسة شاركو. هناك أطلقت ساقيها للرائحين.
الساعة التاسعة ليلا لا تخلف الميعاد تحترم وقتها. عاكستها السيارات حامت حولها الأعناق وأسالت اللعاب وكل ما من شأنه أن يسيل.
كالعادة لا تدلف إلى أول سيارة تعاكسها، تختار حسب هواها لا تركب إلا لمن أعجبها رأسه هذا ما باحت به لصديقتها التي تقتسم معها بيتا ضيقا في حي القلعة.
تحس بداخلها نشوة عارمة حينما ترفض الصعود إلى سيارة ويظل صاحبها يحوم كالكلب كما تسميه لصديقتها التي تقبع في البيت تحرس ابنتها. لا يخرجان معا، يتناوبان على اصطياد الكلاب ويتقاسمان ما جادت به محفظة الكلب، وكل ليلة تحكي لصديقتها ما جرى، كل ليلة في شأن حسب مزاج كل كلب، هناك الجواد وهناك المقتصد وهناك البخيل، لكنها لا تفرط في حقها، أجرتها معلومة زيادة على وجبة عشاء وعلبة سجائر شقراء وأربعة قنينات جع لا تتجاوزها مخافة أن تفقد وعيها.
ما زالت تدرع الشارع جيئة وذهابا تصلح زينتها بين لفينة والأخرى، تحصي عدد السيارات التي تعاكسها. ما أكثرها الليلة، لم يعجبها أي كلب، تريتت كي تحصل كلب سمين تحكم من خلال رؤوسهم وسياراتهم، أصحاب الرؤوس الغليظة يثيرون اشمئزازها تنعتهم بالبلادة، والرؤوس الصغيرة بالمعتوهين والمتوسطة رؤوسهم يثيرون شهوتها.
اقتربت منها سيارة، خرجها منها كلب توجه نحوها تبادلا الحديث، اختلفا على الأجر تركها وصفق باب السيارة بعنف، تتبعته بنظرات ازدراء بصقت على الأرض وتابعت المسير.
الشارع خال، المصابيح متوهجة، هذا مكانها تعودت عليه، عرفت فيه وهي سائرة تتأمل. سمعت صوت دراجة نارية تمر بجانبها ويد امتدت كلمح البصر إلى حقيبتها انتزعتها بعنف وفرت.
صرخت، سبت، لا حياة لمن تنادي.
في الغرفة بالحي العتيق، صديقتها تهدئ من روعها:
-صافي البورطابل يخلفو الله ولاكارت جمعي الأوراق أو عاوديها. حفظك الله من ضربة ديال الموس. الشفارة يا اختي ما كاين غير القتيل، مشات ديك الايام اللي كنت تخرجي وقت ما بغيتي، ولى الكريساج بنهار، الوقت خيابت.
رن هاتف صديقتها: أجابت.
-لا وفاء مريضة الليلة وأقفلت الخط.
هذا ما كان !
شخت على ما يبدو، هذا ما تشير به المرآة التي أمامي، إنها مقياس العمر، ترى وجهك فيها صباحا لأنه غالبا ما نرى وجوهنا فيها صباحا. وهناك من يرى وجهه كل حين خصوصا إذا كان له شعر جميل رطب يخاف عليه من التشوه.
المرأة وحدها تحمل معها المرآة في حلها وترحالها لتصلح مكياجها، شعرها، هندامها. المرأة والمرآة لا يفترقان بينهما حب بل ود جلي للعيان. من المستحيل أن تظل المرأة بلا مرآة، تخاف أن تفقد زينتها، هي جهاز إنذارها، تراقب بها التجاعيد، دبيب الشعيرات البيضاء إلى الفودين.
في الطفولة البنت والولد ينظران في المرآة من أجل اللعب يقلدان القطط والقردة وغالبا ما ننهاهما عن اللعب.
في طفولتي منعوا علي النظر في المرآة. التأمل في الوجه يورث الخبل.
في سن البلوغ المرآة تبوح بالأسرار، تحدث عن أخبار الفتاة، توحي لها بأنها جميلة، دميمة، مقبولة. ولا تثق إلا بها، مهما قيل عنها ومهما ألقي في سمعها. المرآة هي الردار الوحيد الذي تؤمن به المرأة، المقياس الذي لا يخطئ.
***
« سلوى، في ربيع العمر تتأمل البحر مساء يوم ماطر، عيناها تطفران بالدمع، تذكرته، رحل عنها إلى هناك ما وراء الخضم رحل بدون رجعة، عاشت معه قصة حب جارفة أمضيا صيفا كاملا ركضا على الرمال انبطحا، جلسا على الصخور، رشفا من كل كأس، أطلقا لروحيهما العنان، استرخيا تحت سقف واحد.
انتهت عطلة الصيف انتهى كل شيء، البحر أمامها ترى فيه كل ما جرى من ركض وتقبيل ولعب ولهو. أحبته. هنا التقيا ثم افترقا. تعلقت به لم يبقى لها سوى البحر تقصده لتستعرض الذكريات فتذرف ما شاء لها من الدموع ثم تخرج مرآتها من حقيبة اليد، تصلح مكياجها تتأمل جفنيها تجفف دمعها وتعود إلى حالتها».
***
رمى بملخص المشهد من المسلسل على كرسي بجانبه ورجع إليها.
-لعلي كبرت يا سلوى، أرى التجاعيد تحتل وجهي والشيب يزحف إلى الشعر واللحية والشنب، أشد ما أكره هو بياض الشنب، إنه مجرد لطخة على الوجه.
الممثلون وحدهم تظل وجوههم مضيئة، شابة وشعرهم أسود على الدوام. اللهم إذا اقتضى الدور شعرا أشيب.
جالسان في غرفة المكياج يتأمل وجهه أو مرة يلعب دوره بشعره الحقيقي سيطل على المشاهدين بشعره الحقيقي في دور والد سلوى التي هجرها حبيبها.
-على ما يبدو أنني شخت؟ ردد على مسامع سلوى
-لا مازالت شابا يافعا. أخبرني يا أستاذ آخر مشهد سأردف الدموع وأصلح مكياجي وأغادر الشاطئ هذه هي النهاية؟
-تماما تلك هي النهاية نهاية فيلم مغربي رومانسي. وأكيد سيثير اليافعين فنحن لسنا أقل شأنا من المسلسلات المكسيكية والتركية نستطيع أن نبحر في عالم الرومانسية ونثير الأحاسيس أليس كذلك يا سلوى؟
-لست سلوى أمازلت مندمجا في ملخص السيناريو؟
-عفوا سامية.
بالخارج !
سمعا صياح المخرج نبيل الطيبي. نهضا واتجها إلى مكان التصوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.