إن المغرب الذي اكتشف، منذ صدمة 16 ماي 2003، أنه لم يعد في مأمن من ضربات الإرهاب، ما فتئ يواجه بحزم هذه الظاهرة التي تتفاعل فيها العوامل الداخلية مع المؤثرات الخارجية ، انطلاقا من مقاربة جديدة للشأن الديني ترمي الى ترسيخ ملامح اسلام معتدل ووسطي ، فضلا عن تأهيل ترسانته القانونية والجنائية للتكيف مع الأبعاد الجديدة لظاهرة الإرهاب ، كظاهرة معولمة ومتحولة ، واعتماد سياسة أمنية استباقية تركز على اليقظة والبحث عن المعلومة ، سواء في علاقة مع الداخل أو عبر شراكات مع الأطراف الإقليمية المعنية بالخطر الإرهابي . لقد كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أول من تأذى من الإرهاب و أدى ضريبته حين تسللت أيادي التطرف لاغتيال الزعيم الاتحادي عمر بنجلون في منتصف سبعينات القرن الماضي . ولهذا اعتبر نفسه، من يومها، منخرطا في المواجهة السياسية لهذه الظاهرة التي تتغذى على الكراهية والحقد والعنف، المؤطر من طرف الغلو المذهبي والتطرف الديني ، وهو انخراط تمليه المرجعية الحداثية للحزب وانتماؤه لقوى تقدمية تسعى لبناء مغرب المساواة والديموقراطية والتطور الحضاري . إن هذه المواجهة السياسية تتطلب تعبئة اجتماعية واسعة لمختلف مكونات المشهد السياسي والمدني المغربي، ولكل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية، التي تعتبر سلامة بلادنا خطا أحمر لا يجوز المساس به، يقودها في ذلك إجماع على المرجعية الديموقراطية والحقوقية كآليات لتدبير الاختلاف والتنافس السياسي، وتنطلق من روح المواطنة التي تقر بالمساواة وعدم التمييز على أسس اجتماعية أو دينية أو سياسية او جنسية . لقد عاشت الشقيقة تونس، مؤخراً ، عدوانا إرهابيا استهدف مسارها الديموقراطي، من خلال استهداف أمكنة لها دلالة رمزية على حضارة البلد وسيادته ، كما عرفت بلادنا عملية تفكيك لشبكة إرهابية كانت تخطط لاستهداف استقرار المغرب من خلال مواقع وشخصيات سياسية ومدنية، وتبين من خلال هذه الوقائع أن المشروع الإرهابي لما يسمى" الدولة الاسلامية " بات يهدد أمن العديد من الدول في الشرق والغرب، ينضاف الى ما تعيشه بلاد الساحل ودول جنوب الصحراء من توترات إرهابية خطيرة .. ارتباطا بهذا الواقع المقلق، قرر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عقد يوم دراسي حول موضوع " الإرهاب ، التحديات وسبل المواجهة " ، رغبة منه في تجديد التزامه بمواجهة الإرهاب فكرا وممارسة ، والدفاع عن قيم الحداثة والديموقراطية في بعديها السياسي والثقافي ، وهي مناسبة كذلك للتأكيد على إرادة الاستمرار في جو التعبئة السياسية الذي نهجه حزبنا في ظل دستور 2011 ، كمرجعية لتأطير الوعي السياسي، وحمل المواطنين ومجموع القوى الحية في البلاد ، على الانتظام كقوى مؤثرة وفاعلة في هذه المرحلة الدقيقة، منطلقين في ذلك من التساؤلات التالية : -ما السبيل الى تعبئة وضمان انخراط كل مكونات المجتمع المدني في المواجهة المبدئية للإرهاب والتطرف الديني ؟ - ماهي حدود المعالجات التي انخرطت فيها الدولة منذ 2001، على المستوى الأمني وعلى مستوى الحقل الديني ، لمواجهة الإرهاب ؟ - ما هي مسؤوليات المثقفين والمفكرين في خلق الشروط المعرفية لهذه المواجهة ، وفي إشاعة ثقافة التنوير وقيم الحداثة والديموقراطية في شقيها السياسي والثقافي ؟ - ماهو تقييمنا للسياسة التشريعية المعدة لمواجهة الإرهاب والتطرف ، و هل تتوفر على آليات قانونية كفيلة بالتصدي الحازم لهذه الظاهرة الخطيرة و المتشعبة ؟ - ما هي المتغيرات الاستراتيجية التي مست محيطنا الإقليمي والتي تشكل حضنا جديدا للفكر الإرهابي المتطرف ؟ - ما هي سبل المواجهة الإعلامية والثقافية والمدنية والسياسية الناجعة للخطر الإرهابي ؟ وماهي مسؤولية كل الأطراف في ذلك ؟