هل تتخوف الدولة الجزائرية من تسريبات ويكيلكس ؟ يبدو أن هذا التساؤل جدي، وقد طرحه الصحافيون الجزائريون على الوزير الأول، احمد أويحيى، على إثر اجتماع بالبرلمان، في الأسبوع الأخير من شهر دجنبر من السنة الماضية. ورغم جوابه بأن بلاده « لا تشعر بأي حرج» من هذه التسريبات، إلا أنه أضاف «لقد كنت أنا أيضا سفيرا، وكلنا نعرف مهمة السفراء»، في إشارة منه الى كتابة تقارير استخباراتية سرية عن البلدان المعتمد بها ... غير أن تطمينات أويحيى لا تشاطرها العديد من الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر، حيث من المنتظر أن ينشر الموقع المذكور 1099 وثيقة دبلوماسية، عن العلاقات بين السفير الأمريكي في الجزائر والمسؤولين في هذا البلد. ويحتمل أن تتضمن هذه الوثائق معلومات عن الروابط الخاصة التي تربط كبار رجالات الدولة الجزائرية، بالولايات المتحدةالأمريكية، التي تحظى بموقع متميز، نظرا لتبادل المصالح والمنافع المحيطة بالغاز وصفقات بيع الأسلحة. وكانت وثائق ويكيلكس قد أثارت زوبعة في العلاقات التونسية - الجزائرية، عندما نشرت الصحافة تصريحات، نسبت الى رئيس تونس، زين العابدين بن علي، في مارس 2008، عندما قال لنائب كاتب الدولة المكلف بالشرق الأوسط و شمال إفريقيا، دافيد ويلش بأن «الجزائر هي المسؤولة عن عرقلة بناء المغرب العربي، بسبب موقفها في نزاع الصحراء». وأضاف، حسب الوثائق، أن « على الجزائر أن تقبل انه لن تكون هناك دولة مستقلة في الصحراء الغربية!» وهاجمت الصحافة الجزائرية على إثر ذلك، تونس، بل وهناك من أوحى إليها بتهديد هذا البلد المغاربي، بتصدير الإرهاب الى حدودها ! وتعمل الصحافة الجزائرية على توظيف ما يتسم تسريبه من وثائق ويكيلكس ، للدفاع عن سياسة بلدها الداخلية والخارجية، مثلما حصل عندما نشرت وثائق عن تحويل مشبوه لتمويلات الفرانكفونية، من طرف الرئيس الغابوني الراحل عمر بانغو، لصالح الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، والحالي، نيكولا ساركوزي. ووصفت الصحافة الجزائرية بانغو، بالديكتاتور، بينما علقت مواقع الكترونية على هذا الوصف بالتذكير، أن الجزائر لا تعيش في جنة الديمقراطية، وأنها هي أيضا تقع تحت ديكتاتورية العسكر، الذين ينهبون خيراتها ! واعتبرت وسائل إعلام غابونية أن مهاجمة بانغو، تأتي على خلفية مساندته للمغرب في ملف وحدته الترابية، ونفس الأمر ينطبق على شيراك و ساركوزي. ومن المنتظر أن تثير وثائق ويكيلكس مزيدا من ردود الأفعال، والتوترات داخل الدول، وفي ما بينها أيضا، خاصة و أن هناك، وثائق كثيرة ما زالت لم تنشر، ويتخوف الكل مما ستحمله من أسرار. لذلك يزداد الجدل حول القضايا التي يثيرها موقع ويكيلكس ، فهناك من يعتبر أنه، بدون الخوض في مدى مصداقية الوثائق، إلا أن هناك مبدأ أساسيا لابد من الدفاع عنه، ويتعلق بالحق في الخبر، و هو الموقف الذي دافعت عنه الفيدرالية الدولية للصحافيين، معتبرة « أنه من غير المقبول محاولة منع المواطن من الاطلاع على المعطيات»، مدينة محاولات الإدارة الأمريكية منع التسريب. أما منظمة «مراسلون بلا حدود»، فإنها دافعت عن نفس الحق في الخبر، بل إنها فتحت اكتتابا لدعم أصحاب الموقع، تجاه المضايقات التي يتعرضون لها حاليا.