ايت قمرة.. سيارة اجرة ترسل سائق دراجة نارية الى المستشفى    مجلس الحكومة يصادق على رفع التعويضات العائلية الشهرية إلى 100 درهم في القطاع الخاص    الصحراء المغربية.. الأمين العام الأممي يجدد دعوته إلى الحوار بين المغرب والجزائر    الدكتوراه تقترب من معاهد التمريض    الرباط ضمن أفضل خمس وجهات عالمية في 2026    تداولات بورصة البيضاء تنتهي حمراء    جامعة الكرة تقيم حفلا تكريميا على شرف المنتخب الوطني المغربي للشباب    ميسي يلعب في ميامي حتى 2028    بلجيكا تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي تضع جهة الصحراء "في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية"    طقس الخميس.. سحب كثيفة وكتل ضبابية بعدد من المناطق    رئاسة النيابة العامة تقدم "دليل معايير التكفل بالأطفال في وضعية هجرة" بشراكة مع "اليونيسيف"    القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء توضح ل"اليوم 24" أسباب تأخر مواعيد مقابلات الفائزين في قرعة أمريكا    وفاة الفنان محمد الرزين إثر معاناته مع المرض    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    الفنان محمد الرزين في ذمة الله    جدد المغرب وبلجيكا، اليوم الخميس، التأكيد على إرادتهما المشتركة في تعميق شراكة استراتيجية ومهيكلة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وتقارب وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الكبرى    "ميتا" تقرر إلغاء 600 وظيفة في قسم الذكاء الاصطناعي    جلالة الملك يبعث ببرقية تهنئة للأخ الكاتب الأول إدريس لشكر    تحت الرعاية الملكية السامية.. التزام مغربي متجدد لبناء فلاحة إفريقية صامدة ومبتكرة    الرباط تخصص لهم استقبالا شعبيا كبيرا .. أبطال العالم فخورون باستقبالهم في القصر الملكي ويعبرونه حافزا للفوز بألقاب أخرى    كرة القدم ..المغرب يستضيف بطولة " فيفا يُوحِّد: سلسلة السيدات" لعام 2025 يوم 26 أكتوبر الجاري (فيفا)    فقدان آخر للفن..رحيل الفنان محمد الرزين عن 79 عاماً    وللفوز أجنحة الفرح    زياش يوافق على حمل قميص الوداد    الجمعية المغربية لحماية المال العام تتهم الحكومة بحماية "المفسدين" وتعلن تضامنها مع رئيسها الغلوسي    سائق "إسكوبار الصحراء": "مشغلي كان يملك سيارتين تحملان شارات البرلمان حصل عليهما من عند بعيوي والناصيري"    عاجل.. سكتة قلبية تنهي حياة أشهر "بارون المخدرات بدكالة" حمدون داخل سجن سيدي موسى بالجديدة...    بيلينغهام يمنح ريال مدريد فوزا صعبا على يوفنتوس في دوري الأبطال    المسابقات الإفريقية.. الأندية المغربية في مواجهات مصيرية للعبور إلى دور المجموعات    الحكومة تصادق على مرسوم يحدد شروط إنتاج الطاقة الكهربائية ذاتياً    الاتحاد الأوروبي يقر حزمة من العقوبات على روسيا تشمل حظرا على واردات الغاز    مذكرة توقيف دولية ثالثة يصدرها القضاء الفرنسي ضد بشار الأسد المنفي في روسيا    هنري يرشح المغرب للتتويج بالمونديال    تسارع ارتفاع أسعار النفط بعد العقوبات الأميركية على مجموعتي النفط الروسيتين    في مديح الإنسانية التقدمية، أو الخطاب ما بعد الاستعماري وفق مقاربة فلسفية ايتيقية    وجدة: حين يصبح الحبر مغاربياً    تنوع بصري وإنساني في اليوم السادس من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    توأم تونسي يحصد لقب الدورة التاسعة من مبادرة "تحدي القراءة العربي"    شباب "جيل زد" يجددون احتجاجاتهم يومي السبت والأحد.. ومطلب الإفراج عن المعتقلين على رأس الأولويات    المؤسسات والمقاولات العمومية: استثمارات متوقعة لعام 2026 تقارب 180 مليار درهم    البنك الدولي: المغرب يفرض نفسه كقطب تجاري ومالي إقليمي بإفريقيا    التعاونيات تبرز أصالة وجودة المنتوج المغربي بمعرض أبوظبي للأغذية    التجويع يفرز عواقب وخيمة بقطاع غزة    عناصر الأمن الإيرلندي ترشق بالحجارة في دبلن    سكان أكفاي يطالبون بمنتزه ترفيهي    العطلة المدرسية تعيد النقاش حول أهمية التوازن بين الراحة والمراجعة    كمبوديا تعلن تفكيك عصابة للاحتيال الإلكتروني    مصادر أممية تتوقع تقليص ولاية بعثة "المينورسو" في الصحراء المغربية    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    نجاحات كرة القدم المغربية، ثمرة رؤية ملكية متبصرة (وسائل اعلام صينية)    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب وفيلم: قصة عشق
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 18 - 11 - 2016

كيف تنقضي الفصول. كيف يقضي هؤلاء الناس حياتهم في هذا المكان. من أين يحصلون على المتعة والمرح. ما الذي يقلقهم. كيف يأكلون، يشربون، ينامون، يعملون. أو أصل إلى مكان لا يعيش فيه أحد. لنقل، الصحراء. هنا أتخيّل البدو يتنقلون هائمين هنا وهناك،
أو أتخيّل الصيادين يمرون أحيانًا. أو أول كائن بشري مرّ من هنا وألقي نظرة على تلك الجبال، وتلك البحيرة، وهذا السهل الواسع المرتفع.
من الذي رسم أول خارطة
في العالم؟
«تجد نفسك بدون سيارتك الفاخرة، وتجد نفسك بدون منزلك الجميل، كما تجد نفسك بدون زوجتك الرائعة، ثم تسأل نفسك كيف أحتفل؟» هذه الجملة هي افتتاحية فيلم «صورة مجسمة للملك A Hologram for the king» للمخرج Tom Tykwer وبطولة Tom Hanks الغني عن الألقاب. بالعودة إلى الجملة الافتتاحية نجد أنها تعبر عن فحوى الفيلم: يرصد الفيلم الصادر منتصف العام حال نموذج أمريكي بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا.
في رأيي فإن تلك القضية هي الأولى التي تفرض نفسها على هذا الفيلم. إنه الحلم الأمريكي الذي ينتهجه أغلب سكان الدولة الأمريكية ذات ال51 ولاية، فكما عُرف منذ بداية القرن فالأمريكي الناجح هو من يملك الحلم الفردي بتحقيقه النجاح المادي، بامتلاكه وظيفة مرموقة ومنزل بمنطقة مرموقة وزوجة ومظهر حياة رفيع، هذا الحلم الذي بدأ يأتي بعكس هدفه، مع الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تلك الدولة التي تعد الأعظم في العالم.
فيلم صورة مجسمة للملك يقدم «آلن» الذي يقوم بدوره توم هانكس وهو رجل مهزوم على المستوى المهني والحياتي، ويحاول لملمة أشلاء روحه وعمله بالذهاب إلى السعودية لعرض مشروع شركته على الملك من خلال وساطة من قبل أحد الأمراء، ورغم كونه رجلًا أمريكيًا، بحسب الصورة النمطية، حيث امتلاك النفوذ والقوة والجاذبية، نجده رجل لا يملك أيًا من تلك الصفات، فهو رجل مهزوز لا يملك الثقة الكافية، كما أنه لا يملك أي تأكيدات حول مدى قبول مشروعه من قبل الملك، في إشارة واضحة إلى الواقع الأمريكي الذي يتهاوى أمام التقدم الصيني، كما يصدر الفيلم لمشاهده.
تعود قصة الفيلم إلى الكاتب الأمريكي «DAVE EGGERS» ويقدم السيناريو والحوار مخرج الفيلم Tom Tykwer، وتعتمد الحبكة على عدة نقاط، انطلاقًا من الفشل الذريع الذي يصيب حياة آلن وحتى لقاء الثقافات على أرض المملكة العربية السعودية -فحسب الفيلم فإن أحداثه تدور بكاملها على الأراضي السعودية فيستهلها بوصوله على متن طائرة تحمل الحجاج والمعتمرين-.
ورغم أن الفيلم واجه العديد من الانتقادات لاسيما من السعوديين، الذين رأوا بالفيلم إهانة لهم وتصويرهم على أنهم يعيشون على هامش الحضارة العالمية ولا يملكون من التحضر ذرة، إلا أن الفيلم -في اعتقادي- ليس بهذا السوء في تصويره للسعوديين.
إذ بحسب مشاهدتي للفيلم فإنه يقدم السيئ بالطرفين، بداية من تهاوي الشخصية الأمريكية، ووصولًا إلى سلبيات المجتمع السعودي، ممثلة في النظرة للمرأة وتصوير ملامح السطحية لدى الشباب السعودي وغياب المدنية عن بعض المناطق في المملكة. ويمكن للبعض أن يقول هذه صورة سيئة عن المملكة، ولكن الفيلم في رأيي يقدم الوجهين معًا.
تجاوزالحدود رغم اختلاف الطرفين إلا أن «آلن» وطبيبته «زهرة حكيم» السعودية تنشأ بينهما لغة تفاهم تتحول فيما بعد إلى علاقة حب، تلك العلاقة التي تفسر -بأحداث الفيلم- أنها وجه من أوجه التعويض الذي تكفله الحياة، فآلن الذي فشل في حياته العائلية وتركته زوجته ويعتبر نفسه غير مفيد لابنته من طرف، وفي الطرف الآخر تقف زهرة التي تسعى للطلاق من زوجها في بلد يصعب بها ترتيب مثل تلك الأمور، علاقة الحب التي تنشأ بين الطرفين في الخفاء تحمل معها ملمحًا لبداية حياة جديدة يعبر لها كل من آلن وزهرة، وكأن الحياة تفتح لهم عالمًا جديدًا، رغم أنه خفي وسري.
يغلف الفيلم جانبًا من السياسة، في تصوير المنافسة بين الصين وأمريكا التي لم تعد متكافئة كما كانت في العقود الماضية، بل يصور الفيلم حقيقة الوضع الاقتصادي الأمريكي، وتقدم الجانب الصيني وانطلاقه نحو الاستحواذ على الاقتصاد العالمي بصفقات لا تقبل التراجع عنها.
يمتاز الفيلم بصورته المميزة ل» Frank Griebe»، فالكادرات الواسعة للصحراء تمنح المشاهد الشعور بالأريحية والصفاء، كما تخدم الحبكة الكوميدية، ولا يتقاعس التصوير عن توضيح الملامح المتباينة ما بين لقاء الثقافات.
أما عن الخلفية الموسيقية فكعادة الأفلام الغربية التي تدور في الشرق نجد ألحان كل من «Johnny Klimek وTom Tykwer» تحمل ملامح من النغمات والآلات الشرقية التي تتماشى مع الصورة، كما أنها تجمع بين الشرق والغرب من خلال الألحان.
مونتاج الفيلم ل»Alexander Berner» ميز إيقاع العمل الذي لم يتجاوز الساعة ونصف، وهي مدة كافية لتحمل معها ملامح التكثيف في القصة التي تشير للكثير من الحكايات والتفاصيل بداخلها. فاعتمد المونتاج على القطع السريع الذي حول الفيلم إلى لقطات مرنة متلاحقة تُحمس المشاهد للمتابعة.
يعتبر التمثيل نقطة قوة في العمل، بداية من المخضرم Tom Hanks الذي قدم بدور الأجنبي الذي يحاول التسلل بقدراته البسيطة إلى أحد المجتمعات العربية، فاستطاع Hanks أن يقدم دور الرجل الذي يمثل ردة الفعل، فهو لا يعتبر رجل أفعال وإنما رجل ردات الفعل، حياته تقوم كلها على ردة فعل كبيرة، يحاول تغيير هذا النمط ببقائه مع زهرة التي تحول حياته.
أما المجهود الأكبر في الفيلم فيعود لدور السائق يوسف الذي قام بدوره Alexander Black الذي يحمل على عاتقه القدر الأكبر من الكوميديا بالفيلم، ويجسد مع هانكس ثنائيًا كوميديًا ملحوظًا يضيف على الفيلم ملمحًا كوميديًا مميزًا.
وأما عن دور زهرة فتقوم به Sarita Choudhury في دور بسيط نسبيًا لا تضيف الكثير من التمثيل بل كان الأداء الأضعف، ووجدنا أنه رغم أن الفيلم يقدم عددًا من الشخصيات السعودية إلا أنه لم يحظ بأي ممثل من أصول سعودية، وجسد الشخصيات السعودية ممثلين عرب أمثال ظافر العابدين وخالد ليث وأميرة السيد وجميعهم ممثلون عرب يقدمون أدوارًا عربية في السينما العالمية.
كان من المنتظر من مخرج فيلم Perfume وفيلم Run Lola Run أن يقدم عملًا أكثر زهوًا من فيلم وصية للملك، ولكن الفيلم يأتي فى النهاية متماسك الأركان وإن كان لا يمكن اعتباره من بين أفضل أفلام 2016. ورغم نجاح الصورة والحبكة إلا أن هناك حلقات ضعف عديدة لم تأهله ليكن ضمن الأفلام المنتظرة للعام. لكن أهم ما ميز الفيلم هو استراق النظرة على الشرق والغرب ورؤيته الإنسانية المصورة بحس الكوميديا السوداء لواقع إنساني أليم يتوه وسط الصراعات الاقتصادية والسياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.