انطلاق عملية بيع تذاكر "كان السيدات" بالمغرب    فيديو مباشر يجر شقيقين إلى السجن.. تفاصيل ليلة فوضى وسكر داخل مقر شرطة    استدراكية الباكالوريا.. وزارة التربية تستعين بتقنية أوتوماتيكية جديدة للتصدي للغش    انخفاض مفرغات الصيد بميناء العيون    مصرع خمسيني في انهيار سور ثانوية بإقليم أزيلال    أزيد من 48 بلدا في فعاليات "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    ماجدة الرومي تغالب دموعها في الرباط وتبعث برسالة مؤثرة إلى الملك محمد السادس: حبّنا للمغرب انتماء لا يشبه سواه    الدار البيضاء… توقيف إفريقي بمطار محمد الخامس بحوزته أكثر من 5 كيلوغرامات من الكوكايين    إفران تحتضن الدورة السابعة لمهرجانها الدولي من 23 إلى 26 يوليوز    الدفاع المدني في غزة يعلن مقتل 23 فلسطينيا في غارات إسرائيلية    تدنيس القرآن في قمة الناتو يغضب الجاليات المسلمة بهولندا    غضب واستفهامات بعد وفاة "راعي الغنم" القاصر.. أين الحقيقة؟    اعتقال طالبة " 21 سنة" بالرباط خططت لعملية إرهابية باسم "داعش"    انعقاد الجمعية العامة العادية لغرفة الصناعة التقليدية لجهة طنجة تطوان الحسيمة    قيوح : المغرب يجعل من الربط القاري أداة استراتيجية لتحقيق السيادة الإفريقية    اجماع وبوعادي في معرض تشكيلي مشترك بمشرع بلقصيري    بودشار يمتع الرباط بكورال جماهيري    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    مونديال الأندية: مواجهة مرتقبة بين سان جرمان وميسي.. وبايرن يصطدم بفلامنغو    اعتصام لقوات تابعة لمرتزقة البوليساريو احتجاجًا على التهميش والإهمال الصحي العلم الإلكترونية – متابعة    المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية يدين هجوما مسلحا قرب ثكنة للمينورسو ويحمّل البوليساريو المسؤولية    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن خلال أسبوع    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    أين اختفى الاتحاد الإفريقي..اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية يوقع في واشنطن    نظام إيران يشيع عسكريين وعلماء    وزارة العدل الأمريكية تضغط لإقالة رئيس جامعة    مصادر طبية تنعى 66 من أطفال غزة    عملية توقف "داعشية" بمدينة الرباط    جريمة قتل أم تستنفر الشرطة بمكناس    برلماني جزائري يؤكد التلفيق للمغرب    أخنوش يدعو النقابات إلى اجتماع لجنة إصلاح التقاعد في يوليوز المقبل    ألونسو: دياز يتمتع بروح تنافسية عالية    2419 ملعب قرب مبرمج لتعزيز البنية الرياضية بالمغرب    جمال سلامي    نقاش في جنيف يدين انتهاكات تندوف    المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي: لا الاتحاد ولا أي من دوله الأعضاء يعترف ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة    مونديال الأندية: جماهير غفيرة وأهداف غزيرة في دور المجموعات    زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب قبالة سواحل جنوب الفلبين    البوليساريو تلقت ردا حاسما بعد استهدافها السمارة    رحيل الإعلامية والممثلة المغربية كوثر بودراجة بعد صراع مرير مع المرض    كرة الطائرة / اتفاقية تعاون بين CAVB و AIPS إفريقيا …    بالفيديو.. كاظم الساهر يسحر جمهور موازين في ليلة طربية خالدة    ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9,5%    الذهب يتراجع مع صعود الدولار        ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرة القدم امتداد للحرب..لكن بوسائل أخرى

توصف الرياضة بأنها حق من حقوق الإنسان، وتعرف بأنها مجموعة من الحركات المتناغمة التي يشكل مجموعها نشاطا جسمانيا مقننا ومفيدا، هذا على صعيد الممارسة الفردية، وعندما يتوسع الأمر أكثر، تصبح الرياضة نشاطا اجتماعيا لعله من أكبر وأهم ما أوجدته البشرية من انفعالات ونشاطات وأكثرها جذبا للاهتمام، فالطقوس المحيطة بالرياضة تجعلها شديدة الارتباط بالقيم الرمزية، فلدى بدء المباريات، ولدى منح الميداليات، يعزف النشيد الوطني وترفع الراية، إنه تمرين يجعل الأمر مرتبطا بشرف الأمة ومجسدا للسيادة.
لقد اختلطت كرة القدم على الخصوص بعبق السياسة الحابلة بمصطلحات تحفيزية، وبالتالي لا غرابة في أن نجد أن القاموس الموظف في الكتابة الصحفية، وخصوصا قبل وبعد مباريات كرة القدم، يحفل بمصطلحات عسكرية بحتة من خلال الحديث عن الهجوم والدفاع وصد الهجوم واحتلال أرض الخصم وتحطيم المقاومة، وتشبيه اللاعبين بالكتيبة العسكرية، إضافة إلى كلمات من قبيل الاستراتيجية والتكتيك، فضلا عن تشبيه التسديدات القوية للاعبين بالقذائف. وبناء على ذلك، فمباراة في كرة القدم هي حرب بأسلحة حضارية، بل إن لاعبا ألمانيا سابقا أصبح يعمل في ما بعد في مصالح الاستخبارات الألمانية، قال معلقا بعد أن تابع فوز باييرن مونشغلادباخ الألماني على سانت إيتيان الفرنسي بهدفين لصفر في المنافسات الأوربية «هل لاحظتم كيف جاء تسجيل الهدفين، فالأول تم عبر تسرب من الأجنحة، في حين أن الثاني جاء من خلال عملية هجومية من الوسط، وهي الطريقة ذاتها التي هزم بها الألمان فرنسا في الحرب العالمية، فالتسرب عبر الأجنحة هو مرادف لخطة شييفن، التي قادت الجيوش الألمانية سنة 1914 إلى مشارف باريس، والهجوم عبر الوسط، هو مرادف لخطة مانستاين التي كانت وراء سقوط فرنسا سريعا سنة 1940 أمام ألمانيا».
ولا يقتصر الأمر على الصحافة، بل يمتد الأمر إلى الفرق نفسها، إذ أن خلفيات السياسة والحرب تحضر لدى المدربين من أجل تحفيز اللاعبين، فمدرب المنتخب الانجليزي آلف رامساي صرح بهدوء قبل مباراة ربع نهاية كأس العالم 1970 بالمكسيك «لماذا ستهزمنا ألمانيا بما أنها لم تنجح في ذلك طيلة 69 سنة وثلاثة حروب جمعت بلدينا؟»، وهو ما يتماشى مع الوصف الذي أوردته يومية «التايمز» الانجليزية قبل نصف نهاية كأس أوربا سنة 1996، إذ قالت «كرة القدم امتداد للحرب بوسائل أخرى»، وهذه المقولة مقتبسة من قاعدة كلوزويتز «الحرب امتداد للسياسة بوسائل أخرى».
وسنة 1970، لم يجد عميد منتخب بلاد الغال فيل بينيت بدا من تغيير طريقه تحميسه للاعبين قبل مواجهة انجلترا، إذ قال «قبل حوالي 1500 سنة من الآن، لوث الأنجليز أرضنا، استغلوا خيراتنا، اغتصبوا نساءنا...أيها السادة، بعد زوال اليوم سنلعب ضد انجلترا».
إن المفردات الموظفة والتي تحيل على القواميس الحربية تأتي انطلاقا من رغبة الصحافي خلق حماس معين وإعطاء معنى لكتابته من خلال الخروج بها من الطابع الروتيني إلى النمط القصصي الذي يحمل روحا معينة، لكن إذا كانت هذه الروح سيتناولها المثقف على أن حدودها تنتهي عند حد إغلاق الصحيفة، فإن المتلقي العادي، حتى لا نقول، الضعيف ثقافيا، يتبناها بشكل عميق ويستنبطها من حيث لا يشعر، وتصبح متحكمة في سلوكاته إلى درجة محاولة تصريفها وسط باقي زملائه، كما هو الحال بالنسبة لمقولة «المباراة مسألة حياة أو موت»، علما أن هذه المقولة تقال عادة في النضالات ذات الطبيعة القيمية والمرتبطة بالدفاع عن البلد أو تحرير منطقة مغتصبة.
وإذا حاولنا إعطاء تقييم للصحافة الرياضية المغربيةّ، فأعتقد أنها مازالت تمارس رصانة كبيرة إذا ما قارناها مع نظيرتها المصرية على الخصوص، فالصحافة المغربية قلما تسعى إلى التهييج في حالة الخسارة، بل إنها تصب غضبها على المدرب واللاعبين والجامعة ولا ترمي باللائمة على الحكم والخصم وظروف من خيال خصب، وأتذكر كيفية تناول الصحافتين المغربية والمصرية لمباراة بين منتخبي البلدين سنة 1996 في إطار تصفيات كأس إفريقيا ببوركينافاصو، والتي جاءت متزامنة مع الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر 1973، إذ مقابل معالجة رصينة من الصحافة الوطنية تفاجأت بعناوين ومناشيطات في الصحافة المصرية تحصر المباراة في خندق ضيق «سنقلم أسود الأطلس»، «الفراعنة ستعبر إلى الضفة الأخرى»،، في إشارة إلى إنجاز عبور قناة السويس.
يبقى فقط مع تكرار حالات الشغب في الملاعب، أن تعمل الصحافة الرياضية على تفادي بعض المقالات «التسخينية» للجمهور خصوصا في مباراة الديربي، والتركيز في كل مرة على الطابع الفرجوي للمباراة بعيدا عن التعصب والعنف.
* باحث جامعي في القانون
والسياسات الرياضية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.