مباحثات وزير الأوقاف ونظيره السعودي    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    ترامب: اتفاق تجاري "كامل وشامل" مع لندن لتعزيز الشراكة    قطاع الشباب ينظم محطات وطنية كبرى للإدماج التربوي والتكوين بفاس    الدوري الأوروبي .. مانشستر يونايتد وبلباو في معركة حاسمة وتوتنهام يخشى مفاجآت بودو        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مجلس عمالة طنجة-أصيلة يصادق على دعم اتحاد طنجة بمليار و400 مليون سنتيم    أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    انفجار في مدينة لاهور الباكستانية وإسقاط مسيرة هندية    الدرك يحبط محاولة للهجرة السرية    المكتب الإقليمي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان فرع العرائش يدين سرقة شركة النظافة للكهرباء    بوريطة: الملك يعتبر إفريقيا الأطلسية قطبا جيو- استراتيجيا ورافعة للابتكار والصمود    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    الحكومة تراجع مدونة الشغل و تتجه نحو التأطير القانوني للعمل عن بعد    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    إيقاف شخصين يشتبه ارتباطهما بشبكة تنشط في الاتجار الدولي للأقراص المهلوسة وحجز 1170 قرص طبي مخدر    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    بعد عام .. "الاستقلال" يترقب اختيار بركة الأربعة المبشرين باللجنة التنفيذية    الدخان الأسود يتصاعد من الفاتيكان.. الكرادلة لم يتوصلوا لاختيار البابا الجديد    المملكة المتحدة تجدد تأكيد التزامها بتعميق الشراكة مع المغرب    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    "كان" الشباب... المنتخب المغربي ينتظر وصيف المجموعة الأولى لمواجهته في ربع النهائي    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    تعزيزا للسيولة.. بورصة الدار البيضاء تستعد لإطلاق سوق جديدة للمشتقات المالية    مهندس سابق ب"غوغل": غزة تشهد أول "إبادة جماعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي"    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الاتحاد الاشتراكي» تنفرد بزيارة «راس عصفور» .. تفاصيل تسلل العناصر «الإرهابية» من التراب الجزائري ومقتل شهيد الواجب الوطني رشيد هدان
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 29 - 07 - 2011

الساعة تشير إلى حوالي التاسعة والنصف من يوم الجمعة 22 يوليوز2011؛ توصلنا بمكتب الجريدة بوجدة، بخبر تبادل كثيف لإطلاق النار في الشريط الحدودي الليلة الماضية ، وبأن هناك قتيلا وجرحى وطائرة الهيلوكوبتير تحوم في سماء المنطقة.
انطلقنا لتونا لاستجلاء الحقيقة، خاصة وأن مصدرنا أكد لنا بأن الأمر لايتعلق بمواجهة مع مهربين محتملين؛ بل بمواجهة أمنية مع مجموعة إرهابية تسللت عبر التراب الجزائري .
الطريق الثانوية المتوجهة الى تويسيت عبر راس عصفور وسيدي يحيى ،انطلاقا من مدينة وجدة، ضيقة وفي وضعية كارثية.
كان الجو حارا جدا ، وفي الواجهة الأخرى على يميننا، كان الشريط الحدودي ومن ورائه التراب الجزائري؛ تنشط بالمنطقة عمليات التهريب وخاصة البنزين الجزائري؛ حيث تترآى للمرء ، مع غروب الشمس، قوافل البغال المحملة بالقوارير البلاستيكية من مختلف الألوان والمملوءة بالبنزين الجزائري؛ هي رحلة يومية بمواقيت مختلفة بحسب درجات المراقبة.
اجتزنا مقر جماعة راس عصفور والقيادة على جانب الطريق، علق أحد مرافقينا قائلا: أين هي التجمعات السكانية التابعة لهذه الجماعة؟ سؤال وجيه أثار انتباهنا الى كون الأمر يتعلق بتجمعات أسرية متناثرة هنا وهناك ولاوجود لتجمع سكني بالمعنى الحقيقي للكلمة.
عرجنا على منزل أحد أبناء المنطقة السيد عبد الله الزناني؛ بادرناه بالتحية؛ لم يتوجس منا خيفة ، كما هو معروف هنا، فقد كان برفقتنا أحد أبناء المنطقة والذي كان يعرفة تمام المعرفة، قيل لنا بأن سكان هذه المنطقة جد حذرين ولايثقون في الغريب، فكل غريب يتواجد هنا بالشريط الحدودي إما أنه مهرب أو أنه تاجر مخدرات؛ فما الذي سيجعل الواحد يغامر بالتوجه الى الشريط الحدودي؟
بالنسبة لذلك اليوم فالأمر يختلف؛ فقد سبقتنا مختلف القوات المرابطة بالمنطقة، مادام أن الأمر يتعلق بمحاولة تسلل غير عادية لعناصر إرهابية جزائرية.
سألناه عن حقيقة ماحدث الليلة الماضية، اكتفى بالقول بأنه لايعرف التفاصيل، وبأنه سمع دوي إطلاق الرصاص ولزم بيته وسط أسرته ، حرصا على سلامته، خاصة وأن شبكات التهريب تنشط ليلا.
شخصيا تأكدت أنه يعرف التفاصيل لكون المنزل الذي شهد الحادثة يقابله في الجهة الأخرى، ولكونه أقرب جار لمكان الحادث ، لكن إحجامه عن الكلام كان لأسباب أمنية، خاصة وأن المنطقة جد حساسة.
تعيش العائلة في منزل من الطين والحجارة، غير مرتبط لا بالماء ولا بالكهرباء، فالمكان شبه خال ولا وجود لتجمع سكاني بمعنى الكلمة ، كما قلت من قبل. التف حولنا الأبناء ، فنادرا مايحظون بمثل هذه الزيارة وهم بدورهم يستطلعون الأمر .
نصحنا بزيارة مكان الحادثة إن أردنا معرفة التفاصيل، خاصة وأن مختلف العناصر الأمنية متواجدة بالمكان؛ شكرنا له النصيحة وتوجهنا صوب مكان الحادثة.
مابين نصيحة عامل الإقليم وضرورة الترخيص
صادفنا عامل إقليم جرادة وهو عائد لتوه من مكان الحادثة، بادرنا بالسلام، قدمني مرافقي له وبأنني قادم من مركز الجريدة بالدار البيضاء؛ ابتسم قائلا: لم كل هذا التعب، كان حريا بك أن تبقى في الدار البيضاء ونتكفل نحن بإيصال المعلومات إليكم في المركز.
شكرته على تفهمه، وأضفت قائلا بأنه لاضرر في أن نتعب للحصول على المعلومة من مصدرها مباشرة .
أمدنا ببعض المعلومات عن الحادثة بشكل جد مقتضب: « يتعلق الأمر بأربعة إرهابيين مسلحين اجتازوا الحدود ليلة الثلاثاء؛ ربطوا الاتصال بإحدى العائلات استولوا على موادهم الغذائية و أمدوا رب الأسرة بالمال ليتكلف بشراء المواد الغذائية لهم وغادروا ضاربين له موعدا جديدا؛ كانوا مسلحين ويلبسون الزي الأفغاني، لحيهم طويلة؛ قام رب الأسرة بالتبليغ عن الأمر؛ تم نصب كمين لهم ، وفي ليلة الجمعة فاجأتهم العناصر الأمنية وتم تبادل إطلاق النار استشهد خلاله أحد عناصر القوات المساعدة المرابضة بالشريط الحدودي، كما جرح أحدهم وتمكنوا من الفرار والدخول الى التراب الجزائري».
هي معلومات رسمية إذن أمدنا بها السيد العامل وأخبرنا بأنه بإمكاننا الحصول على المزيد من المعلومات من صاحب المنزل ومن العناصر الأمنية المتواجدة بعين المكان.
تابعنا طريقنا؛ لكن بمجرد وصولنا، تأكد لنا بأن كلام السيد العامل كان ل «المحاباة» فقط؛ فقد مُنعنا من مزاولة عملنا والاستماع الى الشاهد الرئيسي وجمع المعطيات حول الموضوع ، بحجة ضرورة توفرنا على ترخيص مسبق من السلطات المحلية. أخبرنا المسؤول الأمني بأن السيد العامل هو شخصيا من وجهنا الى هنا للمزيد من المعلومات، وبما أن القناة التلفزية «ميدي آن تيفي» تقوم بالتصوير فالأمر واضح، إذ لا يمكن أن يرخص لمنبر إعلامي دون آخر.. تشبث بضرورة حصولنا على الترخيص المسبق ولم يتوقف عن الاتصال بمقر عمالة جرادة وفي كل مرة كان يقال لنا بأنهم ينتظرون التعليمات من الرباط. أدركت حينها بأننا قد نقضي الساعات من دون الحصول على الإذن ؛ تحركت بعيدا عن أعين الجميع وشرعت في تجميع المعطيات الأولية، ليس فقط عن الحادثة ،بل حول المنطقة بأسرها.
وبعد مدة جاء الترخيص، لكن يبدو أن السلطات المحلية كانت قد لقنت جيدا صاحب المنزل لكي يكون هناك تطابق في المعطيات الرسمية وبمصطلحات لايمكن لبدوي في هذه النقطة الحدودية، أن يستعملها؛ لكننا كنا بحاجة الى تدقيق أكثر في الموضوع.
تفاصيل الحادثة
لقد تسلل أربعة مسلحين جزائريين إلى التراب المغربي عبر الشريط الحدودي «راس عصفور» التابع إداريا لإقليم جرادة وبالضبط بمنطقة حاسي الطويل ، أخبرنا مرشدنا بأنهم كانوا يراقبون المكان ويستطلعونه وبأنهم بعد أن تأكدوا من خلو المنطقة من حرس الحدود، وأمّنوا الطريق راقبوا تحركات السيد محمد بن الحاج قدور بن ابراهيم؛ البدوي البسيط والذي يعيش على الفلاحة ورعي الماشية وعائدات الأسرة المهاجرة خارج التراب الوطني.
رصدوا تحركاته قبل أن يباغتوه داخل منزله ليلة الثلاثاء و قدموا أنفسهم كمجاهدين جزائريين، تسللوا الى التراب المغربي للتزود بالمؤونة، مؤكدين بأنهم لا مشاكل لهم مع المغرب ولا النظام المغربي .
هم في العقد الثالث من العمر؛ ملتحون ويلبسون الزي الأفغاني ومسلحون بأسلحة رشاشة؛ كانوا يتحركون في المكان بحيطة وحذر.
عرضوا على السيد محمد بن الحاج مبلغا ماليا قدره 30 ألف دينار جزائري، أي ما يناهز 3 آلاف درهم مقابل التكفل بتزويدهم بالمؤونة وطمأنوه بأنهم لا يريدون إذايته فلا مشاكل له معهم وبأنه سيجني المال من وراء تعامله معهم.
أظهر تعاطفه معهم وسايرهم في الحديث لكسب ثقتهم؛ لم يظهر لهم أي تردد في القيام بما طلب منه ليقينه بأن الأمر جدي وليس بالهزل، وبأن أي رد فعل عنيف منه قد يؤدي ثمنه باهظا وقد تكون حياته في خطر.
حملوا معهم بعض المواد الغذائية التي وجدوها في المطبخ وغادروا ضاربين له موعدا يوم الخميس ليلا.
في اليوم الموالي، ومع طلوع الشمس، سارع محمد بن الحاج الى إشعار السلطات المحلية بتفاصيل زيارة العناصر المسلحة، وبمطالبهم، وبالرغم من كون الأمر يتعلق بمجموعة إرهابية قد تكون تنشط في الشريط الحدودي، تم تكليف المخزني الشهيد رشيد هدان، كحارس قرب منزل محمد بن الحاج وطلب منه أن يخبر السلطات عبر الهاتف بمجرد قدوم العناصر المسلحة.
وفي ليلة الجمعة؛ عاد المسلحون إلى منزل محمد بن الحاج؛ جاؤوا بدابة لنقل المؤونة؛ وبمجرد أن لمحهم رشيد هدان، اتصل برؤسائه يبلغهم بالأمر ، فتحركت مجموعة من حرس الحدود الى المنطقة؛ تأخرت في الحضور، وعنما عاود رشيد هدان، الاتصال أثار انتباه المسلحين من بعيد فصوبوا رشاشاتهم تجاهه، فأصابوه إصابة مباشرة، وقتها ظهرت أضواء سيارات القوات الأمنية المغربية وفرت العناصر المسلحة، بعد أن شرعوا في تبادل إطلاق النار معهم، ويبدو من آثار الدم أنهم أصابوا أحدهم الا أنهم تمكنوا من الفرار داخل التراب الجزائري.
نقل رشيد هدان إلى مستشفى الفارابي بوجدة في حالة احتضار وتوفي بعد الوصول اليه مباشرة.
قامت عناصر من الجيش بتمشيط المنطقة بدعم جوي عبر طائرة عمودية تابعة للدرك الملكي، لكن من دون جدوى.
قالوا لنا إرحلوا
كل من صادفناهم هنا بحاسي الطويل، كانوا يتساءلون بشأن « طبيعة تعامل السلطات الأمنية و الادارية مع خطورة الوضع بالمنطقة، ومدى ارتباط ذلك بتداعيات الحادث، ومقتل عنصر القوات المساعدة و فرار العناصر الإرهابية، وكذا تهديد سلامة سكان الشريط الحدودي » ، فلماذا لم يتم تكثيف الحراسة بمجرد التوصل بإشعار محمد بن الحاج الذي يوجد منزله على بعد أقل من كيلومتر من الشريط الحدودي في الوقت الذي يبعد أقرب مركز للحراسة المغربية بمسافة بعيدة عن الشريط الحدودي ووسط السكان للاحتماء بهم على ما يبدو؟
وأين هو «الكمين» ، الذي تحدث عنه المسؤولون، «إذ على ما يبدو، فإن الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية لم تقدر خطورة الوضع، ولربما هذا مادفع بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية لكي تقرر الاستماع الى الشاهد الرئيسي على ماحدث لمعرفة حقيقة ماوقع؟ وقد علمنا ، في هذا السياق ، أيضا، بأن الاستماع طال أيضا مسؤولين أمنيين بالمنطقة لتحديد المسؤوليات؟
السكان الذين تحدثنا إليهم كانوا جد مستائين من الوضع الأمني بالشريط الحدودي، خاصة وأن هذه ليست هي المرة الأولى التي تقع فيها مثل هذه الحوادث؛ فقد سبق للشيخ الرمضاني ، الذي صادفناه في عين المكان، أن تعرض لموقف مماثل قبل سنوات عندما باغتته مجموعة مسلحة وطلبت منه أن يقودهم الى نقطة حدودية معينة، لعلمهم بأن السكان على دراية تامة بتضاريس المنطقة ، فقادهم في اتجاه مركز أمني بالحدود، بعد أن كان قد أرسل أحد أبنائه ، على وجه السرعة، لإخبارالقوات المغربية، وعند الاقتراب من المركز انبطح أرضا وتم تبادل إطلاق نار، قتلت خلاله المجموعة بكاملها، ونجا هو من موت محقق.
حوادث تقع بشكل متقطع تتطلب اعتماد استراتيجية أمنية لحماية السكان، والذين يعتبرون بمثابة «الحماة الحقيقيين للحدود» ، والذين عوض تشجيعهم على الاستقرار في أراضيهم ، يحثونهم على الرحيل ومغادرة الشريط الحدودي. يقول محمد بن الحاج: «لقد قالوا لي إرحل ضمانا لأمنك، ولكنني باق هنا ولن أغادر أرضي ومنزلي، ولدت هنا وترعرعت هنا ، ولايمكنني أن أغادر أرضي، يريدونني أن أرحل ليرتاحوا هم في كراسيهم، لن يكون هذا، إننا هنا باقون وعليهم توفير الحماية لنا».
السكان استحسنوا تحركات العناصر الأمنية بالمنطقة والتي انطلقت ، مؤخرا، حيث تحركت فرق للخيالة، لكنهم واثقون بأن الأمر لن يعدو أن يكون مجرد رد فعل محدود لن يدوم طويلا!
فالسكان خبروا تعامل المسؤولين معهم؛ يضيف محمد المرسلي، أحد أبناء المنطقة وأحد الفاعلين بها: يقولون للسكان هنا إرحلوا ! فكيف لهم أن يرحلوا وهم يعيشون لعقود من الزمن؛ كيف لنا أن نرحل ونحن أبناء هذه المنطقة، نحن بحاجة الى تنمية حقيقية الى جانب الأمن، بحاجة الى أن تتحرك المنطقة اقتصاديا واجتماعيا ».
«راس عصفور» موقع استراتيجي «يسيل اللعاب»
لم تستبعد جهات مطلعة أن تكون العناصر المسلحة تتوغل بشكل دائم الى داخل التراب المغربي من أجل عقد صفقات للتهريب و استغلال عائداتها ، كما لم تستبعد أن تكون الحادثة التي وقعت ، مؤخرا، مجرد حادثة عرضية وبأن هناك خلايا منظمة تسعى الى تحويل الحدود الشرقية للمغرب الى قاعدة تموينية لفلول العناصر المسلحة بالتراب الجزائري.
مصادر إعلامية جزائرية أكدت أن مصالح الأمن هناك رصدت منذ أيام تحركات إرهابية نشيطة على مستوى الجهة المقابلة لجبل راس عصفور، وهو الذي يشكل امتدادا طبيعيا للشريط الحدودي المشترك بين الجزائر و المغرب، حيث يطل على مدينة وجدة من جهة الشمال الشرقي.
ذات المصادر، نقلا عن جهات أمنية، أكدت أن عمليات التمشيط التي باشرتها قوات الجيش الجزائري قبل أشهر بمنطقة الغرب الجزائري، قد حملت نشطاء مسلحين الى التوغل الى منطقة الأحراش الغابوية القريبة من «مركز «الزوية الحدودي» ، ولا يُستبعد، حسب شهادات متواترة، أن تكون قد توغلت الى داخل التراب المغربي بمناطق تابعة لجماعات رأس عصفور و بني حمدون، بغرض التزود بالمؤونة أو هربا من ملاحقات فرق الجيش الجزائري.
وتتحدث ذات المصادر عن قيام العناصر الارهابية المسلحة بربط اتصالات مع خلايا الدعم وأباطرة المخدرات من أجل التزود بالدعم والبحث عن سبل لإعادة بعث خلايا الدعم بمنطقتي مغنية وبني بوسعيد، وهو أمر نفاه السكان هنا، معتبرين أن كل أبناء المنطقة هم الدرع الحامي للتراب الوطني، وهو مادفع بالسيد محمد المرسلي ، الذي رافقنا طيلة الجولة بالمنطقة، الى التأكيد على أن السكان هم الذين يحرسون السلطة أيضا والتي أنشأت مراكز حدودية في مواقع متأخرة من الشريط الحدودي هناك.
وبالفعل فعلى طول الطريق المؤدية من وجدة الى راس عصفور، كنا نلحظ منازل على الشرىط الحدودي في حين أن مراكز حراسة الحدود في أماكن بعيدة عن الشريط الحدودي، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات السكان هنا ويسيل لعاب العناصر المسلحة الجزائرية!
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن الجهة المقابلة لمنطقة راس عصفور في الجانب الجزائري، تعتبر من أهم معاقل بقايا أتباع جماعة حماة الدعوة السلفية وزحفهم إلى مناطق آمنة بالجهة الغربية من الجزائر وانتشارهم في معاقل عبارة عن أدغال غابوية كثيفة،
وتتخوف السلطات المغربية من قيام العناصر الارهابية المسلحة بربط اتصالات مع خلايا الدعم وأباطرة التهريب بالمغرب من أجل التزود بالمؤونة، وهو مانفاه سكان المناطق الحدودية لجريدة الاتحاد الاشتراكي، معتبرين أنفسهم حماة للحدود، مطالبين بإنشاء مراكز مراقبة على الشريط الحدودي مباشرة.
كل من صادفناهم هناك لم يخفوا تذمرهم واستياءهم من الوضع؛ حركة دؤوبة للدراجات النارية في اتجاه تلة مقابلة تدخل في صميم نفوذ التراب الجزائري. في بعض نقاط «راس عصفور» تقترب الطريق الثانوية من الحدود الجزائرية إلى ما يقل عن الكيلومترين، على رأس كل مائة متر أو أقل يلوح تاجر في المحروقات المهربة من الشقيقة الشرقية للعابرين ، مشيرا إلى سلعته المعروضة في الطريق في حرية تامة. إذا وصلت إلى المكان، ستلاحظ أيضا وجود عدد من الأطفال الذين يعوضون الكبار في عرض البنزين على المارين أو نقله، المدرسة لا تعني هنا أكثر من مكان قد يحرم الأسر من مدخول إضافي.
غادرنا المكان وفي ذهننا الكثير من الأسئلة التي لن نجد لها إجابات، لأن هناك من يعتبر أن الحديث عن حقيقة مايقع في الشريط الحدودي من الجانبين، قد يفتح الباب على عناصر جديدة، الأكيد أنها ستكون صادمة لامحالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.