تم تعميم الدعوات على الفايسبوك كما جرت العادة على ذلك للدعوة لخروج الحركات الشبابية يوم 13 يناير 2013 الى « الميادين» من أجل احتلالها و الاعتصام بها، من أجل « التغيير الجذري» و ما إلى ذلك من الشعارات التي حملها بيان الدعوة للخروج في هذا اليوم، و بعد مراجعة النقاش الدائر على الصفحات الفيسبوكية لهذه « الحركة» او لهاته الدعوة ان صح التعبير، فقد وصلت إلى نتيجة أني لن أخرج يوم 13 يناير للأسباب التالية: منزلش يوم 13 يناير لأن الأمر يتعلق بدعوة مجهولة المصدر و المرجعية سواء الفكرية أو الاديولوجية...اننا أمام دعوة يتواجد فيها الكثير من المساحات البيضاء، الفارغة التي تحتاج للوضوح خصوصا في مثل هاته الدعوات التي تعمم للخروج للشارع. منزلش يوم 13 يناير، لأن الأمر يتعلق هنا بمطالب عامة غير واضحة، فالدعوة تتعلق ب « الاعتصام في الميادين» و من أجل « التغيير الجذري» فما هو التغيير الجذري المقصود به في هذا البيان و هاته الدعوة، هل الأمر يتعلق بتغيير الاوضاع الاجتماعية أو السياسية....أم هما معا؟ هل الأمر يتعلق بالمطالبة بتغيير جذري « للنظام»؟ ما المقصود بالتغيير الجذري في هذا البيان؟ بالعودة للنداء سنجده لا يجيب عن هذا المطلب و لا يدققه، بل جعلوه مفتوحا على الشارع.....و إذا ذهبنا في هذا الاتجاه، ونزل الناس للشارع و أولوا هذا الشعار بشكل مخالف للخلفية التي يحملها هل سيتم فرض إرادة «المنظمين» لهذا اليوم الاحتجاجي أم سيتم الانصياع و الخضوع لرغبة « الجماهير» ؟؟ منزلش يوم 13 يناير، لأننا عشنا حراكا لمدة سنتين و أكثر تمثل في حركة 20 فبراير و حققت « في اعتقادي» جزءا كبيرا من مطالبها من خلال « إسقاط الحكومة السابقة وحل البرلمان» اللذين لم يكملا ولايتيهما، ومن خلال تغيير الدستور تغييرا كبيرا شمل جل المفاهيم التي كانت تؤسس لملكية تنفيذية، و حولتها إلى ملكية تتقاسم السلط مع باقي المؤسسات، و جعلت من رئيس الحكومة رئيسا لجهاز تنفيذي بسلطات حقيقية و واضحة غير متداخلة مع سلطات الملك.....بالتالي فقد حقق هذا الحراك جزءا غير يسير من مطالبه ، التي تحتاج اليوم الى التحيين خصوصا فيما يتعلق بالشق الاجتماعي الذي مازال يحتاج لنضال حقيقي. منزلش يوم 13 يناير، لأن المغرب قطع شوطا ديموقراطيا مهما و يحتاج الى تعزيزه من خلال تقوية النضال الديموقراطي الى جانب النضال « الشعبي»، فالاول هو مكمل و استمرار و قد يكون ترجمة للثاني داخل مؤسسات الدولة، و أي فصل بينهما يجعل من هاته المطالب مجرد صدى في مهب الريح.... منزلش يوم 13 يناير، لأن النداء و أصحابه الذين صاغوه لم يستوعبوا بعد ما يحدث بالمنطقة العربية، لأنهم في بيانهم ربطوا بين السياق المغربي و بين السياق العربي من خلال اعتبارهم كون « اللحظة التاريخية التي تمر بها المنطقة اليوم تعتبر مفصلية في رسم آفاق المستقبل» و هو ربط غير صحيح و غير ذي معنى، فلا المنطقة عاشت ثورات حقيقية بالمعنى المحدد لهذا المصطلح فكريا و اديولوجيا، و لا كانت هناك أداة ثورية في الميادين العربية، بل ما عاشته هو انتفاضات أدت الى سقوط رؤوس الانظمة و تم تعويضها بمن هم أكثر استبدادية و رجعية من الأنظمة السابقة، و ما يحدث اليوم في مصر لخير دليل على ذلك و يكفي فقط العودة للدستور الذي طرح على الاستفتاء هناك و الذي حول الرئيس المصري الى « فرعون» جديد، و لم يحقق هذا الاستفتاء الا 23 في المئة كنسبة مشاركة فيه، مما يعني أنه رغم ما يصطلح عليه ب «اللحظة الثورية» التي تعيشها مصر لم تحفز المصريين على المشاركة الشعبية في الاستفتاء.....بالتالي فهذا الربط بين ما يعيشه المغرب و بين ما تعيشه المنطقة أحيانا من انتاج نماذج لأنظمة استبدادية حقيقية « مصر»، و أخرى مازال يراوح مكانه من خلال استمرار التقتيل القبائلي و العشائري « ليبيا و اليمن» و نموذج أخير هو ما تعيشه سوريا من حرب اهلية حقيقية حيث تدمر فيها بنية الدولة التحتية و أيا كان الرابح فيها فإنه لن يحكم الا على أنقاض الدمار.....فأي نموذج قد يحتذي به أصحاب البيان؟ و أين هي اللحظة التاريخية التي تمر منها المنطقة و التي قد تعتبر محفزا للمغاربة للخروج للشارع و « الميادين»؟ منزلش يوم 13 يناير، لأن المغرب يحتاج لمطالب سياسية و اجتماعية واضحة تجعل من السياق الديموقراطي المغربي هو السياق الوحيد و الموجه لكل عمل جماهيري، شعبي....بأفق واضح و بأدوات نضالية أوضح لا تختفي وراء الحواسيب و المواقع الوهمية،و ليس الى حركات « وهمية»، « هلامية». منزلش يوم 13 يناير لأن البيان الذي تحدث عن وجود « الشروط الموضوعية لقيام الثورة» لم يوضح لعموم المواطنين ما هي هاته الشروط، فالأمر لا يتعلق بشعارات كالتي يتم ترديدها أحيانا بزخم عاطفي، بل نحن أمام بيان يحمل موقف و يدعو للقيام برد فعل « نضالي» و هذا الرد الفعل يجب أن يكون له ما يؤطره سواء من الناحية « المفاهيمية» او النظرية و الواقعية أيضا و هو ما لا نجده بالبيان نفسه.....الذي هو أقرب منه للبيانات الطلابية التي قد تحمل جل المواقف و في اتجاه الجميع من « النظام اللاوطني...الى الاصلاحيين....» من البيان السياسي الذي قد يعبر عن توجه واضح و مواقف أوضح تؤطرها مرجعية على الأقل تؤسس بشكل منهجي للموقف و للدعوة التي يتم اطلاقها، و هو ما يفتقده هذا «النداء». منزلش يوم 13 يناير....لكن هذا لا يعني تبرير أي عنف قد تتم بواسطته مواجهة أية حركة مطلبية شبابية، بل هو مرفوض و غير مطلوب، فالمغرب الديموقراطي أقوى و أذكى في طريقة استيعابه لمثل هاته التعبيرات الشبابية.