حزب التقدم والاشتراكية يؤكد أن أفضل أسلوب للتعامل مع التعبيرات الاحتجاجية الشبابية السلمية هو الحوار والإنصات والاحتضان    أسطول الصمود يشارف على سواحل غزة وإسرائيل تعلن أنها بصدد اعتراضه    البطولة: اتحاد طنجة يعود بنقطة من الرباط بتعادله مع الجيش الملكي    الدار البيضاء- سطات.. الملك يعطي انطلاقة أشغال إنجاز مشروع تضامني لاستقبال وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الأمراض العقلية    قاض برئاسة النيابة العامة: متابعة حوالي 193 شخصا مشتبها فيه على إثر مظاهر العنف والتخريب والتحريض التي عرفتها بعض مدن المملكة مؤخرا    الأحرار يعبر عن استعداده للتفاعل إيجابا مع مختلف التعبيرات الشبابية ويستغرب محاولة بعض الأطراف السياسية السطو على طموحات الشباب    شبيبات أحزاب الأغلبية تنسق لمتابعة "التعبيرات الشبابية" وتسطير خطة عمل مشتركة    تقديم 123 معتقلا أمام النيابة العامة في الرباط على خلفية احتجاجات "جيل زد"        ارتفاع بنسبة 25 في المائة في عدد الأيام شديدة الحرارة بعواصم العالم    إبراهيم دياز يعود للتألق مع ريال مدريد ويسجل في دوري الأبطال بتقييم 7.4    إقبال جماهيري غير مسبوق.. 42 ألف متفرج يحجزون مقاعد ودية المغرب والبحرين    أشرف حكيمي تحت ضغط بدني يفوق الحدود    انتخاب المغرب عضوا في مجلس منظمة الطيران المدني الدولي    بعد أحداث عنف وتخريب.. العدالة والتنمية يدعو إلى التهدئة    ليلى بنعلي: الهيدروجين الأخضر رهان واعد تعول عليه المملكة لتحقيق انتقال طاقي مستدام    الخلفي يوضح آليات التدخل الأمني    الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية: تدخلات القوات العمومية في بعض الحالات كان الخيار الأخير بعد استنفاد كل السبل الأخرى    صادرات الفوسفاط تصل إلى 64,98 مليار درهم بنمو 21,1%    الداخلية: إصابة 263 عنصرا من القوات العمومية و23 شخصا في احتجاجات "جيل Z"    وزارة الداخلية: تدخلات القوات العمومية ركزت على صون النظام العام وحماية المواطنين    قرصنة المكالمات الهاتفية تطيح بصيني بمطار محمد الخامس    المراقبة ترصد عدم تطابق "ثروات مهندسين" مع التصريحات الضريبية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    واشنطن تبدأ سحب جنود من العراق    "أوبن إيه آي" تطلق شبكة اجتماعية في سوق مشبعة    زخات رعدية مرتقبة يومي الأربعاء والخميس بعدد من مناطق المملكة    الكوكب المراكشي ينهي تعاقده مع رشيد الطاوسي بالتراضي    ترامب يمهل حماس 4 أيام للرد على خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة    تفجير انتحاري يخلف قتلى بباكستان    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عائدات السياحة المغربية تصل إلى 87.6 مليار درهم في أول 8 أشهر من 2025    حقوق الإنسان عند الله وعند النسخ الرديئة للإله..        وهبي: مباراة البرازيل فرصة لتأكيد قوة المنتخب المغربي    الذهب يسجل مستوى قياسيا بدعم من الإقبال على الملاذ الآمن بعد إغلاق الحكومة الأمريكية    "صيادلة المغرب" يدعون للاحتجاج و يحذرون من إفلاس وشيك للقطاع    احتجاجات جيل Z بالمغرب.. أخطاء متبادلة بين الأمن والمحتجين تفتح الباب أمام الفوضى    بعد زفافه المثير بالناظور.. بارون المخدرات "موسى" يسقط في قبضة الأمن    طقس الأربعاء.. رياح قوية بطنجة وزخات رعدية بالأقاليم الجنوبية    الولايات المتحدة تدخل رسميا في حالة شلل فدرالي    "الباريار" يبث الأمل في سجناء    الخطابي في المنفى من منظور روائي.. أنثروبولوجيا وتصوف وديكولونيالية    "نغمات الحوافر" تطرب الجديدة.. وسرب مغربية تنافس على جائزة محمد السادس    حقيقة الجزء الخامس من "بابا علي"    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يواصل التألق بفوز عريض على سهل مارتيل    حول الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد عرض الشريط المغربي المبهر باللغة الأمازيغية الريفية "وداعا كارمن" بدبي: التنافس على الجائزة الكبرى للمهرجان العربي يكاد ينحصر بين الأفلام المغربية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 12 - 2013

هل ستنحصر المنافسة حول الجائزة الكبرى للمهر العربي بالدورة العاشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، بين الأفلام المغربية، وبشكل شرس؟ ذلك هو السؤال الذي يطرحه أكثر من متتبع هنا بدبي، بعد عرض رابع الأفلام المغربية الطويلة المشاركة في تلك المسابقة، المتمثل في فيلم "وداعا كارمن" للمخرج المغربي الشاب (الخجول جدا والذمث الأخلاق) محمد أمين بن عمروي. ذلك أن هذا الفيلم، الرفيع جدا على مستوى الصنعة السينمائية (إنتاج مغربي، بلجيكي، إماراتي)، ليس فقط أنه مشرف للسينما المغربية بين باقي سينمات العالم، بل إنه جعل المغرب يربح مخرجا سينمائيا محترفا بكل مقاييس الإحترافية. ومنذ إطفاء أنوار قاعة العرض رقم 12 بمول الإمارات، أصبحت قصة السينما المغربية، كما عبرت عن نفسها من خلال الأفلام الطويلة المشاركة موضوع نقاش كبير هنا بدبي، كونها ترسخ لملامح مدرسة سينمائية عربية عالية الجودة فنيا وتقنيا، مواضيع وشكل مقاربات جريئة. وأصبح من المؤكد الآن، أن المنافسة ستشتد بين فيلم "الصوت الخفي" لكمال كمال، بكل البهاء الفني الرفيع المتضمن فيه، وبين فيلم "وداعا كارمن" للمخرج الشاب محمد أمين بن عمروي، الباهر على مستوى الصنعة السينمائية والقوي موضوعا وحبكة وتقنيات تصوير وإخراج.
لقد شكل شريط "وداعا كارمن" المفاجأة ليلة الإثنين، كون لا أحد كان يعرف شيئا عن مخرجه ولا عن قصة الشريط، خاصة وأنه شاب مغربي مهاجر منذ طفولته الأولى إلى بلجيكا، وأن بروكسيل عموما ليست عنوانا أروبيا لمجيئ مبدعين سينمائيين مغاربة مثلما هو الحال مع بلاد موليير (باريس ومارسيليا وليل وأورليون) أو مع إيطاليا وألمانيا والدول الإسكندنافية. وحين بدأت تتلاحق مشاهد الشريط، وتكبر قصته أمام الشاشة الكبرى للعرض، كان الحضور الكبير للجمهور (هنا الناس تقف في طوابير لدخول قاعات السينما) يلج بفرح إلى لحظة إبداع سينمائية مبهرة، كما لو أنها أفاقت العيون المتتبعة من رتابة المشاهدة إلى ذكاء الإنتباه. لقد استشعر الجميع مع توالي الدقائق، أنه أمام عمل سينمائي محترف يوقظ في الدواخل كل رادارات الإنتباه والتلقي، ويجعل الخاطر يفرح بشئ واحد حاسم هو: متعة السينما. لأن المخرج المغربي المغربي الشاب، لم يترك ولو تفصيلا صغيرا من التفاصيل الواجبة لتأثيث الفضاء العام للصورة دون أن يوفر له مستلزماته الفنية الواجبة. هنا كان الرجل صارما فنيا. ومن نقط قوته أنه قام بكل ذلك بدون حدلقة وبدون مبالغات زائدة، بل فقط بما تستوجبه العملية الإبداعية من شروط تحقق للسينما أن تكون سينما.
تدور قصة الشريط، في شمال المغرب قرب مدينة الناظور (لكن فضاء التصوير الذي بقي محافظا على ملامح ما تحتاجه القصة الفنية كان هو مدينة أصيلة)، سنة 1975، وبالضبط في الفترة ما بين تاريخ إعلان الملك الراحل الحسن الثاني لقرار المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء، وبين وفاة فرانكو واستعادة المغرب لصحرائه. هذا على مستوى التأطير الزمني، الذي لم يتم اختياره اعتباطا، بل تم اختياره بوعي، لأن السنة تلك ((1975 هي سنة تحول كبرى في غرب المتوسط، حيث دخلت إسبانيا زمن الديمقراطية في الضفة الشمالية للمضيق، ودخل المغرب زمن الحرب لاستكمال وحدته الترابية في جنوبه. أما على مستوى القصة الرئيسية للشريط، فهي تحكي قصة الطفل "عمار" اليتيم الذي اضطرت والدته بضغط من شقيقها للزواج من مهاجر مغربي ببلجيكا، وسافرت مع زوجها إلى بروكسيل، وتركت صغيرها مع شقيقها المدمن على الخمر والمخدرات في بيتهما بالناظور، ما جعل اليتم يتضاعف، وبدأت الحياة تشحذ في الطفل ذاك معنى المقاومة في محاولة عيش. ولأن السماء كثيرا ما تكون رحيمة بيتماها (من أبناء الحياة)، فإنها قد جعلت من حظه أن تكون شابة إسبانية "كارمن" جارته رفقة شقيقها الممتلكين للسينما الوحيدة بجبل العروي قرب الناظور حينها، وهي التي سترعاه عاطفيا من خلال أخذها إياه كل يوم لمشاهدة الأفلام الهندية التي تعرضها تلك القاعة السينمائية "سينما الريف" (أكد لي المخرج المغربي الشاب أن قصة شريطه واقعية في الكثير من تفاصيلها وأن فيها الكثير من سيرته الذاتية). فكانت رفقة كارمن تلك، هي البوابة التي فتحت أمامه الشغف بالصورة والصوت، ومع توالي قصة الشريط، كنا نستعيد جميعا قصة علاقتنا كمغاربة مع السينما، بذات الشغف الجميل الذي كان في السبعينات والثمانينات. ولم يخطئ أحد النقاد السينمائيين العراقيين، الذي شاهد الشريط، وكذا مخرج سوري مهاجر إلى أوسلو، حين أجمعا معا على أن للسينما العالمية فيلم "سينما باريديزو" للمخرج الإيطالي تورناتوري، وللعرب اليوم فيلم "وداعا كارمن".
قوة الفيلم، الممتع جدا هذا، آتية أيضا من أبطاله الذين اختارهم المخرج كلهم من الشمال المغربي ومن مدن الريف، حيث الحركة المسرحية قوية هناك، وملامحهم جميعهم من ملامح أهل الريف المغاربة، ولغة الشريط كله هي اللغة الأمازيغية بلسانها الريفي. وهذا أعطى للفيلم مسحة أخرى مختلفة فنيا وتواصليا. ومن خلال تحرك الشخوص برزت قوة المخرج في التحكم في ممثليه وتوجيههم، مثلما أن الديكور العام المصاحب لا خطأ فيه بالمرة في ما يرتبط بالسيارات والدراجات وأدوات المطبخ واللباس وتسريحات الشعر وشكل البناء. وتوظيف الأرشيف الوثائقي سينمائيا الذي يعود إلى تلك السنة ((1975 من التلفزيون المغربي ومن التلفزيون الإسباني ومن أفلام السينما الهندية. ما هو مؤكد، بعد نهاية "وداعا كارمن" أن المغاربة ربحوا مخرجا سينمائيا جديدا، عالي التكوين ورفيع الصنعة السينمائية، مثلما تعزز ريبرتوار السينما المغربية بفيلم يدخلها إلى العالمية. من هنا معنى الوعد الذي تشكل هذه السينما عربية ومتوسطيا وإفريقيا اليوم، كما هو على كل لسان في دبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.