تحتفل اليونسكو كل عام بالنساء والرجال الذين يبعثون الروح في الشعر كواحد من أرقى أشكال التعبير اللغوي والثقافي. فالشعر أنشودة حرية تؤكد الهوية بالإبداع. فضلا عن أنه أهزوجة تصدح بها أعمق مشاعرنا، ويقول الشاعر والدبلوماسي البرازيلي جواو كابرال دي ميلو نيتو في هذا الصدد: »الشعر هو كل كلمة تنبع من الشعور، حتى ولو لم نردها أن تكون شعرا«. وكلمات القصائد وإيقاعها تصور أحلامنا بالسلام والعدل والكرامة، والشعر يمنحنا القوة والرغبة في النضال من أجل تحقيقها. ووضعت شعوب التاريخ كافة شكلا من أشكال الشعر ومارسته إما لنقل معارفها وأساطيرها وقصصها شفهيا - مثل الفيدا ومسيرة راما في الهند، وتوراة العبريين، وملحمتي الإلياذة والأوديسا عند اليونان، والكثير من النصوص الفلسفية والدينية الأخرى - وإما للتعبير عن مشاعرها، أو التحدث عن حياتها اليومية، أو لمواجهة المحن أو للتسلية. وفي يومنا هذا، تتيح أشكال الشعر المعاصرة، بدءا بالكتابات على الجدران وانتهاء بالمسابقات الشعرية، فرصة للشباب حتى يمارسوا الشعر ويجدوه، وبذلك يفتح الباب المفضي إلى مساحة جديدة للإبداع. وتتطور أشكال الشعر، إلا أن النفح الشعري بقي على حاله. ويصف شكسبير الشعر بأنه »هذه الموسيقى التي يحملها كل شخص في طيات ذاته« وبعد عدة قرون، يقوم مؤلف موسيقى الجاز وسفير اليونسكو للنوايا الحسنة، هيربي هانكو، الذي عين أستاذا للشعر لعام 2014 في جامعة هارفارد، بقراءة نصه المعنون »حكمة مايلز ديفس« مذكرا بأوجه التقارب بين الشعر والأدب والموسيقى. والشعر بوصفه تعبيرا عميقا عن الفكر الإنساني، وفنا عالميا، هو أداة للحوار وللتقارب، لأنه يتيح الاطلاع على تعبير أصيل ينتمي الى هذه اللغة، ولأن نشر الشعر ييسر الحوار والتفاهم بين النثقافات. وللشعر دور رئيسي يتجلى كل مرة في حماس الشعوب للاحتفال بالتراث الثقافي غير المادي، وباللغة الأم والتنوع الثقافي. ولهذا تشجع اليونسكو على دعم الكتاب والمترجمين وقارضي الشعر، وتدعو إلى ذلك، كما تحث على أن ننهل من أعمالهم الذوق الجمالي والإلهام اللازم لبناء السلام. (*) المديرة العامة لليونسكو 21 مارس 2014