بوريطة يجري سلسلة من المباحثات على هامش القمة ال15 لمنظمة التعاون الإسلامي    نشرة إنذارية.. موجة حر مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    الجزيرة: القرار الإسرائيلي "فعل إجرامي"    الدرهم طلع مقابل الدولار    إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل    قمة بانجول.. عرض وثائقي حول الذكرى ال 50 لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي ودور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك    فينسيوس يسخر من لامين يامال    "نوستالجيا" تحصد جائزة الجم للمسرح    حقيبة يد فاخرة بسعر سيارة .. استثمار ذو وزن    برنامج دعم السكن ومشاريع المونديال تنعش قطاع البناء خلال اوائل 2024    فيدرالية الناشرين تحذر من تردي أوضاع الصحافيين وتنتقد انغلاق قطاع الاتصال    برلماني يسائل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات..    وثائقي يسلط الضوء على 6 ألوان فنية شعبية بضفاف وادي درعة    التأكيد على أهمية تطوير الشراكة بين الإيسيسكو والسنغال في التربية والعلوم والثقافة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    هل زيادة 1000 درهم في الأجور قادرة على مواكبة نفقات الأسر المغربية؟    عشرات آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب لإتمام صفقة الرهائن بالتزامن مع استمرار المفاوضات    ‪أخرباش تحذر من سطوة المنصات الرقمية    ڤيديوهات    زلزال يضرب دولة عربية    تفتيش شابة بمحطة قطار أصيلة يسفر عن مفاجأة مثيرة    لشكر يدعو لتمتيع أقاليم درعة بامتيازات الصحراء ويشبه عطش زاكورة بحراك الريف    موعد خروج زوجة الدكتور التازي من السجن    مسؤولونا ما عندهمش مع لمرا. ها شكون خدا بلاصة شكون فالهاكا. ها اللي دخلو جداد: غربال وعادل وبنحمزة ولعروسي وها فبلاصة من ورئيسا النواب والمستشارين ختارو غير الرجالة    قلعة مكونة تحتضن الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري    رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية    وضعية الماء فالمغرب باقا فمرحلة "الإنعاش".. نسبة ملء السدود وصلت ل32 فالمية وبدات فالتراجع    الفنان الجم يكشف حقيقة إشاعة وفاته    مهرجان سينما المتوسط بتطوان يعلن أسماء الفائزين بجوائز دورته ال29    استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز    البطولة الإفريقية ال18 للجمباز الفني بمراكش: المغرب يحتل المرتبة الثانية في ترتيب الفرق في فئة الذكور    بطولة السعودية.. ثلاثية ال "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية    طنجة.. مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس" يرفع شعار الإبداع والتلاقح الفني        قاتل والده بدوار الغضبان يحاول الانتحار بسجن سيدي موسى بالجديدة    فيتنام تسجل درجات حرارة قياسية فأبريل    السعودية حكمات بالحبس 11 العام على مناهل العتيبي غير حيت دعمات حقوق المرا.. و"امنيستي" كتطالب بإطلاق سراحها    لشكر ينتقد "عقلية العنف" لنظام الجزائر ويطالب الحكومة بالعناية بجهة درعة    بطولة انجلترا: إيبسويتش تاون يعود للدوري الممتاز بعد 22 عاما    جائزة ميامي للفورمولا واحد : فيرستابن يفوز بسباق السرعة    اللعابا د فريق هولندي تبرعو بصاليراتهم لإنقاذ الفرقة ديالهم    رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان ربح ولاية ثالثة تاريخية    أخبار سارة لنهضة بركان قبل مواجهة الزمالك المصري    من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟    إدارة المغرب التطواني تناشد الجمهور بالعودة للمدرجات    موريتانيا حذرات مالي بعدما تعاودات الإعتداءات على مواطنيها.. ودارت مناورات عسكرية على الحدود    التوقيع على ثلاث اتفاقيات للتنمية المجالية لإقليمي تنغير وورزازات    دراسة.. نمط الحياة الصحي يمكن أن يضيف 5 سنوات إلى العمر    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة … أمي نانا … تعود بجرة عسل و سمن
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 14 - 04 - 2017


في دفتر الرسم ترسمين وردة…
خذي الألوان الزاهية . لا . أقصد الألوان الباردة . حاولي أن تبعثري دفقات شعورك على هذا البياض . لا تخجلي ، فالإبداع قطعة من دهشة ، يليها انتحار .
كانت صغيرتي الهاوية و العاشقة لرعشة الوجود ، تجلس أمامي . وتملأ مَرْسمها بألوان الطيف .أحمر . أزرق . أصفر . وأخضر.
أطالت بُرعم الوردة حتى انتصف الورقة . لا . هذا طويل جدا … مسحت الابداع ، وأعادت الكرَّةَ من جديد. فإلى سلة المهملات ، إذن ، بالأوراق المعجونة تعج . بالمحاولات الفاشلة تطفح .
حذاري من الإطار ! فللصورة و الرسم إطار و دعامة ؛ دعامتك صور شاردة هاربة تصارع الضوء ، تنفلت من عِقال و تغوص في عتْمة . شجرة في ضوء أو ضوء في شجرة. أخذت عزيزتي الأقلام كلها ، قربت رؤوسها من البياض . رسمت جذع شجرة ، أصلها ثابت ، وفي السماء فرعها ، بها المقام يعلو و يعلو ….
نظرت إلي وقالت :
صفصافة ، إذن . لا. كلبتوس … تحط فوقها أغربة ، تبني أعشاشها القديمة ، تعلمنا أبجديات الكلام و الدفن.
متى ستزهر الصفصافة؟
أجبتها : عندما تعود أمي نانا بجرة عسل و سمن .
تطل نانا من الربوة ، تقطع أحواض النعناع والبتولة الطرية ، مختالة في قميصها الأرجواني المشدود على خاصرتها ؛ أقدامها تغوص و تغوص في وحل طيني . عيونها خفيضة . تسرع . وتسرع.
قلت لها :
اُرسمي لحاء الصفصافة . يقيها من ندى الأنداء .
وضعت الأقلام جانبا ، أخذت اللبد وغطت الساق بطبقات من لحاء ملون . وقالت : الآن … سيلهو بيل بفروه الأبيض الناصع كالثلج ، سيخمش بأظافره … هذا اللحاء .
أكيد ستسمع له عرينا و عواء وصهيلا ، أغان كلها تعرفني.
على الورق الأبيض وضعت الألوان ، خربشت زرقة السماء ؛ خطوطا مائلة و أخرى أفقية. مع إشراقة أمل ، وفي مهب الريح تسافر غيمة يتيمة … شمسٌ صفراءُ تطل خجولة ، شمس في يوم غائم .
آه ! لم أرسم لها تلك الإبتسامة المدموغة في تاريخ الفن الإنساني ، تشبه بسْمة ، تشبه قفْزة تقفز ، و تقفز ؛ إنها الموناليزا . أخذت اللون الأصفر ودَرَجتِ الفم بعناية .
الفم مَزْموم ، لا يتكلم ، لا يبتسم ، ينحي … كالبَرَد تطل منه أسنانٌ بيضاءُ … لعاب يسيل ويسيل … قُطيرات رُضابية لطَّخت صفاء الورقة و زرقة السماء.
يدَّائية هذه الفتاة ، صَبَويّة ، تعبث بأناملها فوق القماش … تنشر الصباغة على اليمين وعلى اليسار. فوق الصفصافة ، لازالت الشمس منتصبة و مبتسمة . حط فوقها سرب من القطا ، نشر أجنحته البنية الهلالية ؛ كي يغازل بها أشعة الشمس.
من على الصفصافة أرسلت القَطَوَاتُ ألحانا عذبة في سمفونية واحدة ، في جدب واحد ، في نفس أوحد.
لونت الحروف الموسيقية المتماوجة في سدى من الخطوط ، تشبه الدعامة .
قالت : الحرف الأول فَا …
اِهتز السَّدَى كأوتار الرَّباب .
على إيقاع رقصات أسراب القطا ، تتبادل الأمكنة و الأزمنة .
قلت لها: لم تعجبني رقصة تراسل الأمكنة هذه .
فالقطا طائر هجير، لا يرسو إلا بأرض بها ماءٌ و عشبٌ و هواءٌ جديد .
جذور هذه الصفصافة ، إذن ، لن تتحمل أسراب القطا المهاجرة.
قالت : الحرف الثاني سِي …
إذا ما هاجرت أسراب القطا ؛
يتغير لون السماء … يصير أرجوانيا.
تتزاحم في الضوء، وفي السراب تنشر أجنحتها البنية . وتعود من شموخ و سُموق الأعالي ؛ لتقتات من فتات أطعمة فاسدة ، أهملتها أمي نانا في صحونها البالية.
اٌرسمي لها صحونا قشيبة … واملئي لها كل الأقداح بالماء الزلال .
وضعيها في الظل الظليل… تتنعَّم فيْئا.
قالت : الحرف الثالث لا…
عندما تعود أمي نانا ، ذات العيون الخفيضة ، تكون الساقية قد يبِسَتْ من الماء . وبعض شجيرات الدفلى المربوطة جنب الدار ، قد أوشكت على الكساد . تدلت منها الأوراق الصفراء و السيقان الخاوية ؛ فأصبحت مشتلا لمختلِف ألوان الحشرات ، التي تعشق اليُبْسَ و اليَبَابَ. تقلب أمي نانا وجهها الشاحب في وشاح لهُدْب النجوم ، تتوضأ بِعَبير ريَّاها ، وتقتفي أثر أسراب القطا المهاجرة ، تاركة لها رسائلَ مشفَّرة لا تفهمها إلا أمي نانا .
أمي نانا تقطع الأحراش في مد البصر.
خياشيمها ذات المغاور الكُحْلية سكنت فيها ريحٌ شرقية مالحة . فوق الأثافي الخامدة و المعفرة رمادا ، وضعت أمي نانا وعاء نحاسيا تملأُ نصفه ماء ، ونصف الآخر تمزجه بحليب شاة وحيدة القرن . تترك الوعاء يتوشَّح صحنا سماويّا به إحدى عشْرة نجمة قطبية ، عند مطالع الضحى تخبو أضواؤها.
قلت : اُرسمي أمي نانا تتفقد تميمتها النحاسية ، المعلقة على صدر الصفصافة .
قلت : اُرسمي شمسا تظلل الشموس .
قالت وردتي: سأرسم في دفتر الرسم وردة . و سأرسم قَطَيَات عائدة إلى وُكُنَاتها ، وهي تحمل جِرارا من العسل والسمن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.