o يخلّد العالم ومعه المغرب اليوم الإثنين فعاليات اليوم العالمي لمرض الهيموفيليا، فما هو هذا المرض؟ n مرض الهيموفيليا هو داء وراثي يصيب الذكور، مع وجود حالات للإصابة في صفوف الإناث اللواتي منهن من هنّ حاملات للمرض لارتباط الخلل بالجينات، وتحديدا الجين «إكس» الذي يحدد جنس المولود. وهناك نوعان من الهيموفيليا، يحددهما عامل تخثر الدم الذي يعاني الخصاص، 8 أو 9، وجدير بالذكر أنه ولتجليط الدم هناك عوامل متعددة للتخثر التي تنتج «الفيبرين»، وهي مادة بروتينية ليفية بيضاء، فعندما يقع النزيف وينساب الدم من منطقة مجروحة، تتحد جزيئات مولد الليفين، لتكون أليافا طويلة من الليفين، وتصنع هذه الألياف ما يشبه الشبكة التي تغطي بها منطقة الجرح، مما يجعل خلايا الدم الحمراء تتجمع في داخل الشبكة مساهمة في تكوين الجلطة الدموية، وهو ما يتعذر إذا ما كان هناك خلل في أحد عوامل التخثر كما هو الشأن بالنسبة للهيموفيليا، وتحديدا بالنسبة لعامل التخثر 8 الذي يعطينا النوع «أ» من المرض وهو الأكثر انتشارا ، إذ ينتشر بين نسبة حوالي 85 في المئة من المرضى، أو عامل تخثر الدم 9 الذي يؤدي إلى الإصابة بالنوع «ب» الذي تصل نسبة المصابين به إلى ما بين 10 و 15 في المئة. o أين يكمن الاختلاف بين نوعي المرض؟ n الفرق بينهما يكمن في العامل، وفي درجة الخطورة، فالنوع «ب» هو أقل حدة من عامل التخثر «أ»، ويعيش العامل «ب» مدة أكبر بمعدل 12 ساعة مقارنة بالنوع «أ» الذي لا تتجاوز فعاليته 8 ساعات. وهنا أود التوضيح على أن داخل كل نوع منهما، هناك 3 أنماط من الهيموفيليا انطلاقا من عدد العامل عند كل شخص على حدة، فإذا كان اقل من 1 في المئة نكون أمام حالة حادة، وبالتالي يمكن للمريض أن يصاب بنزيف دون التعرض لإصابة أو جرح. أما إذا كان العدد يتراوح ما بين 1 و 5 في المئة فإننا نكون أمام حالة متوسطة للهيموفيليا، لايتعرض صاحبها للنزيف إلا حين إصابته، في حين أن من له أكثر من 5 في المئة من العامل، فهو يصنف ضمن من يعانون من حالة خفيفة، وهذه الفئة قد لا يقع عندها النزيف إلا حين الخضوع لتدخل جراحي. o كيف هي وضعية الداء في المغرب؟ n وفقا لأرقام منظمة الصحة العالمية، فإننا نكون أمام حالة واحدة لمريض بالهيموفيليا أمام كل 5 آلاف ولادة للذكور، وانطلاقا من هذا المعدل فإنه يمكن القول أن العدد التقريبي للمرضى في المغرب يقدّر بحوالي 3 آلاف حالة، لكن هناك فقط حوالي 1100 شخص مريض الذين تمت الإشارة لإصابتهم في وقت سابق بناء على إحصاء أجري، في حين أن فئة عريضة من المرضى هم مجهولون، وهذا ناتج عن كونهم يعيشون بعيدا عن المؤسسات الصحية محرومين من الولوج إلى العلاج، وقد يتوفى الكثيرون منهم دون أن يكونوا على اطلاع بإصابتهم بالمرض. o ماهي خطوات تشخيص المرض؟ n يتم تشخيص المرض عند الأطفال المصابين بالهيموفيليا بنسبة 25 في المئة، حين إجراء عملية الختان، بينما الحالات الأخرى تظهر ملامحها عند بداية تحرك الطفل ومشيه، إذ تظهر زرقة في عدد من مناطق الجسم، كما يمكن أن يحدث النزيف عند التعرض لحادث إصابة منزلية أو غيرها. والنزيف نوعان خارجي وداخلي، وهذا الأخير أخطرهما، وفي أكثر الأحيان يكون النزيف عبارة عن سيلان في المفصل، وخاصة في المفاصل التي تحمل الجسم كما هو الحال بالنسبة للركبة ،إضافة إلى مفاصل أخرى كالكاحل، المرفق، المعصم، وتكمن الخطورة في بقاء الدم الذي من مكوناته الحديد في المفصل فيحدث تآكلا في العظم إلى أن تلتقي العظام وتحتك فيما بينها، لهذا نجد أن أغلب مرضى الهيموفيليا في المغرب هم مصابون بإعاقات حركية، خلافا لما يقع في دول أخرى التي تقوم بعدة مبادرات للحيلولة دون تعرض المريض للنزيف. أخذا بعين الاعتبار كذلك أن سيلان الدم يمكن أن يقع في العضلات، بل وبشكل كبير قد يؤدي إلى الوفاة نتيجة للنزيف الداخلي. o ما هي أبرز التداعيات التي تتهدد الأطفال المصابين؟ n إن الطفل المريض بالهيموفيليا يجد نفسه أمام صعوبات شتى، فهو قد يفارق الحياة في سن مبكرة، وإن هو عاش وفي ظل غياب رعاية صحية يمكن أن ينقطع عن التمدرس، مما يعني بأنه لن يكون بمقدوره العمل، وبالتالي حرمانه من تغطية صحية، خاصة إذا ما انحدر من أسرة معوزة، عوامل مجتمعة تجعل مستقبله غامضا مع مرض له تداعيات لاتنتهي. وجدير بالذكر أنه في المغرب وفي وقت سابق، كان عدد كبير من الأطباء يفضلون عدم التعامل مع مرضى الهيموفيليا لأن التعاطي مع وضعهم الصحي يفرض توفير عامل تخثر الدم الذي لم يكن متوفرا بالشكل المطلوب فضلا عن كلفته الباهظة، فكان يتم اللجوء إلى كميات كبيرة من البلازما مع ما يعنيه ذلك من مخاطر التعرض للعدوى، وهنا يجب أن نعلم أن 30 في المئة من المرضى مصابون بالتهاب الكبد الفيروسي علما بأن الرقم لايتجاوز 0.5 في المئة بالنسبة لكل فئات المواطنين. (*) أخصائي في أمراض الدم