وجه جلالة الملك القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أمس الأحد، «الأمر اليومي» للقوات المسلحة الملكية٬ وذلك بمناسبة الذكرى الحادية والستين لتأسيسها. وفي هذا الإطار استحضر جلالة الملك، بمشاعر الاعتزاز، كل الملاحم والمآثر الخالدة في سجل القوات المسلحة الملكية، منوها بالمكانة المرموقة التي تبوأتها والسمعة الطيبة التي تتميز بها، كجيش محترف يستجيب لمتطلبات العصر. وأضاف جلالته أن الدور النبيل والمشرف ذا البعد الإنساني والتضامني، الذي تضطلع به القوات المسلحة الملكية في مجال تدبير المخاطر والكوارث الطبيعية، يستمد روحه ومغزاه من الرؤية الملكية التي تنشد ترسيخ تقاليد متينة داخل المؤسسة العسكرية العتيدة في تفاعلها مع محيطها الوطني، والتي تتعزز في كل تدخلاتها الميدانية ببلوغ غاياتها المثلى من الخبرة والفعالية وحسن التنظيم. وفي هذه المناسبة الغالية عبر جلالة الملك للوحدات العسكرية المرابطة في التخوم بأقاليمنا الجنوبية، وكذا للوحدات الخاصة العاملة في مراقبة الحدود البرية والجوية والبحرية، عن مشاعر رضا جلالته لما يتسمون به من الروح العالية ومن الصبر والصمود في تأدية الواجب بمهنية فائقة وتجرد كامل، متحدين بذلك كل الصعاب في سبيل حراسة حصوننا والسهر على تأمينها وحمايتها. كما أن العمل الجاد والمسؤول، يضيف جلالته، الذي أبانت عنه مختلف القوات المشاركة في تنفيذ مخططات أمنية ذات صبغة استباقية وردعية، تجعلنا نخص بالتنويه والتقدير كل الأطر وعناصر سائر الوحدات العسكرية والأمنية على استماتتهم ومثابرتهم في مهامهم اليومية، مع ما يتطلبه ذلك من تخطيط سليم وتنسيق دقيق مسبق، هدفه تحصين وطننا داخليا وخارجيا، ضد كل ظواهر الإرهاب والهجرة السرية والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وأكد جلالة الملك أيضا أنه وفي غمرة العودة المباركة للمغرب إلى موقعه الطبيعي والشرعي داخل مؤسسة الاتحاد الإفريقي، تجدر الإشارة بل التذكير بأن التعاون العسكري مع محيطنا الإفريقي لم يعرف الفتور أبدا بل زاد عمقا وزخما منذ عقود. فقد بقي بلدنا، يضيف جلالته، متشبثا بعرى وأواصر بعده الإفريقي، وفيا لمبادئ الانفتاح وروح التعاون والتضامن داخل القارة الإفريقية، تماشيا مع ما تأصل في ثقافتنا الوطنية وتوجهنا الاستراتيجي في هذا الميدان المعتمد على مبدأ الشراكة جنوب-جنوب، والمنبعث من انتمائنا الإفريقي المتجذر في تاريخنا وهويتنا. وأضاف جلالة الملك أن «انخراط المملكة في الجهود الأممية لتحقيق الاستقرار وزرع قيم التعايش السلمي بين الشعوب، خصوصا في إفريقيا، هو نموذج آخر لتشبثتا بهذه القيم التي مازالت تحمل مشعلها كل من تجريداتنا العسكرية المنخرطة في عمليات حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى، وكذلك دأبها في نطاق العمل الإنساني الجبار الذي تقوم به مختلف الأطقم الطبية التابعة للمستشفى الميداني بالزعتري بالمملكة الأردنية الشقيقة والمستشفى الميداني الذي أصدرنا تعليماتنا السامية بنشره حديثا في جوبابجنوب السودان. وإننا لننوه بالعاملين بهذه المستشفيات على فعاليتهم في تأدية واجبهم الإنساني بكل تفان ونكران للذات». واعتبر جلالته أن «ما يشهده العالم اليوم من الطفرات التكنولوجية، المستخدمة في كافة المجالات العسكرية، ليجعلنا نواصل العمل الحثيث للرفع من مؤهلات وقدرات القوات المسلحة الملكية على مستوى نظم القيادة ومراكز التكوين عبر مدها بكل الوسائل المادية والبشرية، لبلوغ أعلى درجات الجاهزية والاستعداد للقيام بواجباتها باحترافية ومهنية، مع النجاعة المثلى في التفعيل المستمر لآليات التقييم الداخلي للبرامج العسكرية، بما يضمن لجيشنا القدرة على مواجهة كل التحديات الآنية والمستقبلية». وحث جلالته الضباط وضباط الصف والجنود على اكتساب المزيد من التأهيل والفعالية في إطار اللجان المشتركة للتعاون العسكري مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات التي نقاسمها نفس القيم والمبادئ من خلال تبادل الزيارات والمشاركة في الدورات التكوينية في كل المجالات الحيوية، بهدف تطوير مؤهلات العنصر البشري لقواتنا المسلحة الملكية وتمكينه من استيعاب المفاهيم والتقنيات الحديثة وحسن تطبيقها.