مهنة الصيدلة تعيش أزمة مادية ومعنوية ولاتحتلّ مكانتها المستحقة من هي السعدية متوكل؟ السعدية متوكل من مواليد 1965.11.6 بمنطقة اولاد سعيد بسطات، متزوجة، بنتان وابن، أكبرهم إيمان التي تبلغ من العمر 23 سنة، وأصغرهم صلاح الذي يبلغ من العمر 17 سنة. كيف جاء اختيارك لدراسة الصيدلة؟ في الحقيقة كنت محتارة بين دراسة الطب والصيدلة، لكن يمكن لتأثري بأخي الأكبر الذي كان يدرس الصيدلة بفرنسا قد أكون حسمت في دراسة الصيدلة، واستقر رأيي على هذا الاختيار الذي أعتز به، بالنظر لنبل هذه المهنة عبر التاريخ، وللأدوار التي يقوم بها الصيدلاني، إنسانيا، اجتماعيا ومهنيا. كيف هو واقع مهنة الصيدلة اليوم؟ للأسف مهنة الصيدلة اليوم تعيش أزمة خانقة، ماديا ومعنويا، فهذا القطاع لم يتم منحه المكانة التي يستحقها، ولم يتم التعامل معه بالأهمية التي يتطلبها، وعلى امتداد الحكومات التي تعاقبت لم يتم العمل الجدي من أجل أن تكون لنا سياسة دوائية تؤمن بأهمية القطاع بالنسبة لصحة المرضى، وتترجم الخدمات التي يقدمها الصيدلاني من خلال التوعية والتتبع والمساهمة في التربية الصحية للمواطنين، والعلاجية للمرضى. وبالتالي فنحن أمام قطاع مهمل، تغيب نظرة فعلية للنهوض به، وفي الوقت الذي تعرف فيه الصيدلة في الدول الكبرى تقدما مهما، نجد أنها ببلادنا تعني من جملة من الأعطاب في هذا الصدد، ضدا عن توصيات منظمة الصحة العالمية والفيدرالية الدولية للصيدلة، التي تعطي أهمية قصوى للصيدلة وللمريض على حد سواء، الصيدلاني الذي له دور أساسي في عملية التلقيح، الوقاية ضد الأمراض، تتبع المرضى المزمنين، الذين يرتفع عددهم وتزداد حدة الأمراض بحكم ارتفاع أمد الحياة، وهي الأمراض التي تتطلب تتبعا مخافة تعرض المرض بها لمضاعفات، والانتباه للآثار الجانبية للأدوية التي يتناولونها، لهذا يجب تقوية الصيدلاني من الناحية العلمية والمادية، وهنا أريد تسليط الضوء على نقطة بالغة الأهمية ومحورية ويتعلّق الأمر بالتكوين الأساسي والتكوين المستمر، هذا الأخير الذي تقوم به النقابات علما انه يجب على الهيئات القيام به، لكنها لاتقوم بذلك في ظل غياب دعم من الدولة لتحقيق هذه الغاية. إن علوم الصيدلة تتطور بسرعة كبيرة وكذلك الأمراض، فإذا كانت هناك أمراض فتاكة قد تم القضاء عليها بفضل الطب، فإن أخرى ظهرت، كالروماتيزم، السرطان، أمراض القلب والشرايين، الأمراض المناعية، الربو، وهي مجموعة أمراض تتطلب من الصيدلاني أن يتأقلم معها علميا ومعنويا، وأن يستفيد من تكوين صحي، وحين يزاول مهنته في فضاءات معينة، تفتقد للعديد من الشروط المساعدة، لكنه يقبل بهذه التضحية للمساهمة في الأمن الصحي للمواطنين، لذا يجب الحرص على أن يتم ضمان العيش الكريم له، وأن يتم اتخاذ إجراءات مصاحبة، وهو ما ينتفي بكل أسف، كما هو الحال بالنسبة للرقم القافل الذي لم يتم اعتماده لحدّ الساعة، فإذا كانت الصيدلية قريبة من المواطن، فإن شروط استمرار فتح هذه الصيدلية وضمان حياتها وتواجدها اقتصاديا هي مسؤولية ملقاة على عتق الدولة لضمانها. إلى جانب ماسبق هناك أزمة أخلاقية في القطاع من طرف بعض الصيادلة الذين في سعيهم للتغلب على الأزمة المادية هم يمسون بأخلاقيات المهنة ولايهتمون بها، فقطاع الصيدلة عاش ولسنوات حالة من التسيب، ومرحلة من الفوضى، التي ساهمت فيها أقلّية من الصيادلة، علما أن مهنة الصيدلة يجب أن تحتفظ بنبلها العلمي والأخلاقي، وهو ماتسعى لتحقيقه الأغلبية، التي تريد تخليقها والنهوض بها، التي تؤكد شغفها للعلم والتكوين المستمر، وبالتالي فالصورة ليست قاتمة بشكل مطلق، مادامت هناك إرادة تحتاج للدعم. نقطة أخرى تستحق تسليط الضوء عليها، والتي تتعلق بمستقبل هذه المهنة والصيادلة الشباب، الذين يتكونون في مجال الصيدلة في دول متعددة خارج المغرب، والذين سيطرقون أبواب بلدهم يوما، وبالتالي يُطرح سؤال عريض في هذا الصدد، حول ما الذي تم إعداده لهم على مستوى سوق الشغل، في وقت يعرف القطاع تأزما في ظل غياب تصور وحلول للمشاكل المطروحة، فالعدد قابل لان يتضاعف من هنا ل 5 سنوات المقبلة، فأين سيشتغل هؤلاء؟ أخذا بعين الاعتبار أن مهنة الصيدلي لاترتبط بالصيدلية الخاصة فحسب، فالصيدلاني يجب أن يكون حاضرا في كل المؤسسات الاستشفائية، ليس في مركز واحد فحسب، بل على صعيد كل المصالح الاستشفائية وأن يواكب الطبيب في الوصفة، ويساهم في الصيدلة السريرية، والحال أن عددهم هو ضئيل في المستشفيات العمومية، باستثناء المستشفى العسكري بالرباط، حيث يتبين الدور المحوري للصيدلاني في الجراحة والإنعاش وغيرهما، يساعد في ترشيد الدواء، وتتبع حالات مقاومة المضادات الحيوية وما إلى ذلك، وهو الواقع الذي يختلف اختلافا كبيرا عن جارتنا تونس الشقيقة، التي تعتبر متقدمة بشكل كبير في هذا الإطار خلافا لنا نحن.