يظهر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، انجذابا متزايدا منذ سنوات، إلى الأفكار التي طرحتها الروائية والفيلسوفة الروسية-الأمريكية آين راند.
وراند، هي صاحبة الرواية الشهيرة أطلس مستهجن (La Grève)، التي مجّدت الرأسمالية المطلقة والفردانية المتطرفة.
وبات هذا التأثر الفكري ينعكس بوضوح على خطاب ماسك السياسي وخياراته المثيرة للجدل، ولا سيما بعد تحالفه المؤقت مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتصريحاته الأخيرة التي اعتبرت "التعاطف" أكبر تهديد للحضارة الغربية.
ووفق تقرير موسع نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن ماسك استلهم من راند نموذج "رجل الأعمال المخلّص" الذي يضع مصلحته الفردية فوق أي اعتبار جماعي، في عالم أدبي يُصوَّر فيه الإيثار كقيد قاتل، والريادة الاقتصادية باعتبارها القوة الوحيدة القادرة على إنقاذ المجتمع من الانهيار.
وتوضح الصحيفة، أن "هذا الإرث الفكري، وجد صدى عميقا لدى تيارات اليمين الأمريكي والحركات الليبرتارية، وصولا إلى بعض أوساط وادي السيليكون".
وآين راند، المولودة في سانت بطرسبورغ عام 1905، هاجرت إلى الولاياتالمتحدة عام 1926 هربا من النظام البلشفي، عُرفت برفضها الصريح لسياسات "الصفقة الجديدة" للرئيس فرانكلين روزفلت، معتبرة إياها بوابة نحو الاشتراكية.
وفي روايتها "أطلس مستهجن"، تطرح فكرة أن النخبة من المبدعين ورواد الأعمال هم المحرك الحقيقي للاقتصاد، وأن الجماهير والدولة لا تفعل سوى استنزاف جهودهم.
هذه الرؤية، بحسب التقرير، كانت حجر الأساس لخطاب ماسك في تبرير سياساته الاقتصادية، ومنها إلغاء برامج مساعدات إنسانية أثناء توليه فترة وجيزة "إدارة الكفاءة الحكومية" (DOGE) عام 2025، بحجة توجيه الموارد لمشاريع بعيدة المدى مثل استعمار المريخ.
وتشير "لوموند"، إلى أن ماسك، على غرار شخصيات راند الروائية، يتبنى صورة "رجل عصامي" يتنصل من أي هوية أو انتماء، ويرى في نفسه نموذجا للمبتكر الذي لا يدين بالفضل لأحد.
ومنذ 2020، تضاعفت الإشارات المباشرة وغير المباشرة لأعمال راند في تغريداته ومنشوراته، فيما يرى بعض حلفائه السابقين، مثل المستثمر الشهير مارك أندريسن، أنه بات أقرب إلى شخصية "جون غالت" الأسطورية.
ورغم أن خبراء فكر راند يؤكدون أن بطلها الروائي يرفض ممارسة السلطة، لكن يسعى ماسك علنا إلى التأثير السياسي.
وتجدر الاشارة إلى أن العلاقة بين ماسك وترامب انتهت بمواجهة كلامية حادة في يونيو/حزيران 2025، أعقبها إعلان ماسك تأسيس "حزب أمريكا"، في خطوة وصفتها "لوموند" بأنها امتداد لصراع بين خيال سياسي مستوحى من الأدب ومصالح واقعية متقلبة.
وبينما يرى البعض في هذا المسار تجسيدا لفلسفة راند عن "التمرد على الدولة"، يرى آخرون أن ماسك يوظف هذا الإرث الروائي كأداة لتعزيز صورته العامة، أكثر من كونه مشروعا فكريا متماسكا.