فرنسا تتصدر قائمة مداخيل السفر نحو المغرب في 2024    في طريق المونديال..أسود الأطلس على موعد مع مباراة مصيرية أمام النيجر    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المغرب يعزز أسطوله الجوي ب10 مروحيات متطورة    مجلة ذي إيكونوميست .. المغرب بقيادة جلالة الملك يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    الولايات المتحدة: دونالد ترامب يريد تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب    ارتفاع أسعار الذهب    إقصائيات مونديال 2026 'المغرب-النيجر': مجمع الأمير مولاي عبد الله يفتح أبوابه في الساعة الرابعة عصرا    بعد الأرجنتين والبرازيل والإكوادور.. تأهل أوروغواي وكولومبيا وباراغواي لنهائيات كأس العالم 2026    ملعب الأمير مولاي عبد الله.. إشادة جماهيرية بتحفة رياضية غير مسبوقة    أمير المؤمنين يأمر بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في الزكاة        رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني            بلاغ: أمير المؤمنين يصدر أمره المطاع إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    تحويلات مغاربة الخارج تسجل رقما قياسيا    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين        موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا        غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    كيوسك الجمعة | أكثر من 8 ملايين تلميذ يلتحقون بمدارسهم    شاب يلقى حتفه طعنا إثر خلاف حول نعجة    ليلة إنقاذ بطولية بحي إبوعجاجا بعد سقوط حصان في بئر    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف            معتقلو حراك الريف بسجن طنجة يدينون رمي رجال الأمن بالحجارة.. إصابات واعتقالات    "زرع الأعضاء المطيلة للعمر والخلود"… موضوع محادثة بين شي وبوتين        غانا.. مواجهات وأعمال عنف قبلية تخلف 31 قتيلا وتهجر حوالي 48 ألف مواطن    كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    "النكبة الثانية": 700 يوم من الإبادة في غزة… أكثر من 225 ألف شهيد وجريح    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    التصفيات الإفريقية.. مباراة النيجر حاسمة للتأهل إلى مونديال 2026 (لاعبون)    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    عفو ملكي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    اجتماع حاسم بوزارة الصحة يرسم خريطة طريق لإصلاح قطاع الصيدلة بالمغرب    النباتات المعدلة وراثياً .. الحقيقة والخيال    الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد لتعويض ضحايا حوادث السير... 7.9 مليار درهم تعويضات خلال 2024    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    حكاية لوحة : امرأة بين الظل والنور    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوف الوراثي في مزبلة التاريخ
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 22 - 06 - 2017

توارى اليوم الأحد حادي عشر يونيو 2017، والى الابد، الخوف الوراثي الذي سكن فئات وطبقات عريضة من المغاربة، منذ أزمنة غامرة.
فقد أكدت المغربيات والمغاربة، الذين شاركوا تلقائيا اليوم في المسيرة الوطنية الوحدوية بوسط مدينة الرباط، استجابة لنداء القوى الحية الديمقراطية والسياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية، تحت شعار "وطن واحد، شعب واحد ضد الحكرة"، أن عهد الرعب والخوف الذي زرعته ممارسات السلطة المخزنية -على مر العصور – قد تم إلقاؤه بمزبلة التاريخ.
فعلاوة على أن هذه المسيرة الاحتجاجية التي شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف أنحاء البلاد للمطالبة أساسا بإطلاق سراح قادة انتفاضة الريف وإيقاف المقاربة الأمنية في التعامل مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية للمنطقة ولكل مدن وجهات المغرب، فإنها استطاعت بقوة شعاراتها وسلاسة تنظيمها أن تقلب صفحة جديدة من صفحات تاريخ المغرب الحديث المليء بالصفحات سوداء ومن صور القمع والاضطهاد الجاثم على الذاكرة الوراثية للمغاربة.
فعلى الرغم من المحطات التاريخية التي جسدت جسارة المغاربة في الدفاع عن حوزة الوطن – منذ عهود غابرة وطردهم لمختلف أشكال الاستعمار والتصدي لتجاوزات بعض "خدام الدولة" او لقرارات الدولة بعينها – إلا أن تاريخ القمع الداخلي ظل، وإلى حين قريب جدآ، مانعا من التحرك والتضامن الجماعي لأجل رفع هذا القمع المسلط من طرف المخزن وآلياته الجهنمية على عموما المواطنين، ماديا ومعنويا.
ذلك أنه من الصواب جدا التذكير بمحطات الرعب هذه والخوف التي زرعها جهاز الدولة التقليدية في نفوس وفي ذاكرة المغاربة، حتى جعلت الكثيرين منهم يتراجعون عن المطالبة بحقوقهم المشروعة كلما تذكروا الحملات القمعية المنظمة حيال أناس سابقين، لم يكن مصيرهم سالما.
وتجاوزا لما شهده مطلع انتشار الإسلام من المشرق إلى المغرب، حيث لا زالت واقعة رحلة القيادي العسكري الأمازيغي "كسيلة" من المغرب الى تونس لقتل القائد عقبة بن نافع تثير الكثير من الأسئلة والاستغراب حول فضاعة ما يحتمل اقترافه من طرف ابن نافع في حق المغاربة،
آنذاك، لتجعل كسيلة يتحمل مشاق وأعباء الطريق ليقوم بفعلته تلك!.
وتجاوزا كذلك لما يحتمل اقترافه من قبل الجيش الذي استقدمه، من اليمن، قادة الدولة الموحدية من فضاعات قبل حوالي ألف عام جعلت المغاربة القاطنين بالسواحل يفرون هلعا للاحتماء بالمناطق الجبلية ؟!
تجاوزا لكل هذا "يحكى" أن أحد السلاطين المغاربة قطع رأس أحد العبيد بسبب انزياح المظل الكبير، الذي كان يحمله، واقتحام أشعة الشمس رأس السلطان على حصانه مما جعله يسل سيفه ويطيح برأس العبد! ".
إن تذكر حبس قارة الرهيب و الغريب الأطوار في مدينة مكناس الذي لا يعثر على إثر لمن ألقي بداخله تجعل رواية قطع رأس العبد بهذه الصورة البشعة، أقرب إلى الحقيقة !.
فعلى امتداد التاريخ "التقليدي" القديم للمغرب تجسد العديد من المآثر التاريخية خصوصا قصبات القواد، دائعي الصيت، الذي كانوا يحكمون المناطق والقبائل بالحديد والنار، شهادة حية على الفضاعات المرتكبة في حق الأهالي.
والمقصود بالضبط من ذلك المطامير التي كان يحفرها القواد(على عمق بئر بدون درج) بداخل مقرات إقامتهم بالقصبات، حيت يلقون بالسجناء ومعارضيهم بداخلها في انتظار العفو أو الموت بداخلها.
كما يتردد لدى الكثيرين في تلك الفترات قبل دخول عهد الحماية والاستعمار أن هؤلاء الحكام قواد المناطق كانوا يدفنون السجناء والمعارضين لسياستهم بداخل الأسوار العريضة للمدن أو البنايات الكبيرة.
وحتى فيما بعد الاستقلال، وخلال ما أطلق عليه سنوات الرصاص. يتذكر المغاربة بقرف واشمئزاز مواقع الرعب المنظم، السيئة الذكر، في كل من "تازمامات" و"درب مولاي الشريف"" وقلعة مكونة " و"دار المقري" والدار الحمراء" و"الكوربيس" وغيرها من الأماكن السرية والمعروفة آنذاك.
وكل هذه المواقع في عهد سنوات الرصاص لم تكن تختلف عن مواقع الرعب التي شيدها الحاكمون قواد المناطق والقبائل، والذين لا زالت الكثير من أسمائهم تتردد في أوساط العامة بتلك المناطق، وظل تأثيرهم النفسي على الساكنة ممتدا لزمان!
لقد شكلت كل هذه المحطات، التي نستعرضها باختصار اليوم، جزءا رهيبا من الذاكرة الجماعية الموروثة، التي جعلت فئات مهمة وكبيرة من المغاربة تنظر في مناسبات عدة بتشاؤم إلى المستقبل، قبل أن تتحطم هذه الصورة في المسيرة الوطنية الوحدوية ليوم أمس الأحد من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
إن ظاهرة من هذا الحجم المؤثر في الفعل الجماعي وفي تشكيل النفسية الجماعية الوراثية تستحق بالفعل دراسة أكاديمية على مستوى علم النفس الاجتماعي، من أجل فهم أكثر لمجتمعنا المغربي التواق إلى الارتقاء بسلوكه الحضاري والتربوي، حيث يمكن سد الخصاص في هذا المجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.