أن ترتفع الاصوات أمام المجازر المرتكبة اليوم في غزة، اقولها بكل مسؤولية, واجب على عاتق فرنسا. فرنسا المتشبثة بقوة بوجود وأمن اسرائيل، لكنها لا يمكن ان تنسى الحقوق والواجبات المخولة لاسرائيل بوصفها دولة قائمة... كيف يمكن ان نفهم اليوم دعوة فرنسا الى «ضبط النفس» عندما يقتل الاطفال عنوة ومع سبق الإصرار؟ كيف نفهم إحجام فرنسا عندما يتعلق الأمر بتحقيق دولي حول جرائم الحرب المرتكبة من الجانبين؟ كيف نفهم ان يكون أول رد فعل لفرنسا على اساس رئيسها هو الدعم اللامشروط لسياسة اسرائيل الامنية؟ هناك حق في السلام, هو نفسه بالنسبة لجميع الشعوب، والامن كما تبحث عنه اليوم اسرائيل يتم ضد السلام، وضد الشعب الفلسطيني وبدل البحث عن السلام، ليس هناك سوى دوامة القوة التي تقود الى الحرب الدائمة, تختلف حدتها بشكل او بآخر. ودولة اسرائيل محكومة بشن عمليات دائمة في غزةوالضفة الغربية وهي استراتيجية رهيبة لانها تحكم على الفلسطينيين بالتخلف, والمعاناة رهيبة, لأنها تحكم على اسرائيل بأن تصبح تدريجيا دولة عنصرية، عسكرية ومشيدة، انها دوامة جنوب افريقيا في عهد الابارتهايد قبل دوكليرك ومانديلا ,دوامة يحكمها القمع الرهيب والإفلات من العقاب والبانتوستانات. هناك حقيقة ثانية يجب قولها بقوة وبأعلى صوت: لا يمكن ان تكون هناك مسؤولية جماعية لشعب على تصرفات البعض. لا يمكن أن نتذرع بكون حماس تستعمل المدنيين من أجل حجب حقيقة أن هؤلاء المدنيين يقتلون, خاصة واننا رفضنا الاعتراف والإقرار بأنه في سنة 2007 أن هؤلاء المدنيين صوتوا لصالح حماس، على الاقل لصالح جناحها السياسي. و لنذكر الولاياتالمتحدة البلد الوحيد الآخر في هذا العام الذي يتصرف بهذه الطريقة. والحقيقة الثالثة التي تلهب الشفاه وأريد الاعلان عنها هنا: نعم، هناك رعب في فلسطين وفي الضفة الغربية، رعب منظم وممنهج تطبقه القوات المسلحة الاسرائيلية,كما يشهد بذلك العديد من الضباط والجنود الاسرائيليين الذين يثير حنقهم الدور الموكول لهم الاضطلاع به. ليس هناك شريك في فلسطين، لأن أنصار السلام همشوا بشكل ممنهج عبر استراتيجية حكومة اسرائيل, ومنطق القوة وفر بالامس الشرعية لحماس ضد فتح. و يوفر اليوم الشرعية للمتطرفين الراديكاليين في حماس أو في الجهاد الاسلامي. والتخلي عن شريك من أجل السلام، يعني الانخراط في منطق لن يكون فيه سوى الخضوع أو التصفية. لم يعد هناك شريك من أجل السلام في إسرائيل, لأن أنصار السلام حكم عليهم بالصمت والتهميش. و الشعب الإسرائيلي هو شعب الذاكرة والكرامة والشجاعة. ولكن استحوذ منطق أخرق اليوم على دولته، منطق يقود الى تدمير امكانية حل الدولتين الوحيد الممكن، واحباط وخنوع جزء من الشعب الاسرائيلي اليوم هو أكبر خطر. وأصوات اموس اورز وستيرنهيل او ايلي بارنافي و حدها تصيح في الصحراء، أصوات يغطيها هدير المروحيات. لم يعد هناك كذلك شريك على الساحة الدولية بسبب كثرة الاحباطات وكثرة مخططات السلام المقبرة. ونتساءل عن جدوى الرباعية، ولم تعد هناك جدوى من دبلوماسية دفتر الشيكات الاوربية التي تقتصر فقط على الاداء من أجل إعادة بناء البيوت الفلسطينية التي قصفت بالامس والتي ستقصف مجددا من جديد، عندما تنفق الولاياتالمتحدة ملياري دولار سنويا من أجل تمويل القنابل التي تهدم هذه البنايات. والآلية الأولى من أجل صحوة المجتمع الاسرائيلي هي العقوبات, وذلك يمر عبر تصويت مجلس الامن الدولي على قرار يدين عمل اسرائيل وعدم احترامها للقرارات السابقة وعدم احترامها للقانون الانساني ولقانون الحروب... الآلية الثانية وهي العدالة الدولية، فالامر المستعجل اليوم هو منع ارتكاب جرائم حرب. ومن أجل ذلك حان الوقت للاستجابة للطلبات الفلسطينية بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية. أما الآلية الثالثة المتوفرة للمجتمع الدولي هي آلية الفصل , وفي غياب القدرة على التفاوض حول حل, لابد من فرض هذه الآلية عن طريق وضع غزةوالضفة الغربية والقدس الشرقية تحت انتداب الاممالمتحدة... سيكون من مهامها اعادة تقويم الاقتصاد والمجتمع في هذه الاراضي عبر مخطط مساعدة قوي وعبر حماية المدنيين. وسيكون هدفها كذلك إعادة احياء الحوار بين الفلسطينيين وضمان انتخابات حرة في مجموع هذه الاراضي. وبفضل هذه النتائج، ستدعم هذه الآلية محادثات السلام مع اسرائيل من خلال رسم خطوطها العريضة. ليس من حقنا الارتكان الى الحرب الدائمة ,لأنها ستواصل عدواها في المنطقة بأكملها. * الوزير الأول الفرنسي سابقا