فٓجّرٓ الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، تسريبات جديدة، تحت إسم «أوراق الجنة» التي تتحدث عن أسرار الملاذات الضريبية لكبار أثرياء العالم، نشرتها الصحيفة الألمانية، «سودويتش تسايتونغ»، التي كانت قد طلبت من هذا الاتحاد، التحقيق في المعطيات التي حصلت عليها. ويتعلق الأمر بمعلومات خطيرة عن الكثير من أثرياء العالم، من بينهم ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، وأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء الكندي، جاستين ترودو، واللورد أشكروفت، النائب السابق لرئيس حزب المحافظين، ووزير التجارة الأمريكي، ويلبر روس، الذي عينه الرئيس ترامب، بعد أن قدم له خدمات في مجال الأعمال... يتعلق الأمر ب13,4 مليون وثيقة، تحقق فيها عشرات وسائل الإعلام، وستنشر تفاصيلها بشكل تدريجي، على شاكلة «أوراق باناما»، وتدور كلها حول ما يسمى ب»الجنات الضريبية»، التي يلجأ إليها أثرياء العالم من أجل التهرب من أداء الضرائب في بلدانهم، بعدد من الجزر الصغيرة، أغلبها تقع تحت وصاية بريطانيا. الخلاصة الرئيسية لهذه التحقيقات، هي أن الأثرياء يؤدون الضرائب أقل من الفقراء، لأنهم يتوفرون على الوسائل الكافية للتهرب الضريبي، بل أكثر من ذلك، فإن الخصاص الذي يسجل في استخلاص الضرائب، يتم تعويضه من استغلال الفقراء. غير أن مايهم، كذلك، في هذا العمل الصحافي، هو الأسلوب الجديد الذي تطور في صحافة الاستقصاء، والذي يعتمد على تشكيل مجموعات من الصحافيين لاتحاد من أجل البحث والتقصي، في قضايا تهم الرأي العام، وبالخصوص في القضايا المتعلقة بالمال والأعمال، والثراء غير المشروع، وتبييض الأموال والتهرب من الضرائب... المنهجية التي يشتغل بها هذا الأسلوب الجديد في العمل الصحافي، هي أن تطلب إحدى الجرائد العالمية من هذا الاتحاد مساعدتها على فحص الوثائق والمعطيات التي تحصل عليها، أو العكس. وتعتمد هذه التحقيقات على تسريبات متعددة المصادر، لذلك لا يمكن نشرها وتعميمها قبل التحقيق في مدى صحتها. ويمكن القول إن هذا النوع من الصحافة، سيهز العالم، ومن بين تجلياته ما حصل في نموذج «ويكيليكس» التي أحرجت الكثير من المسؤولين في العالم، وكذا «أوراق باناما»، التي تسببت في استقالات مسؤولين وعزل آخرين، إذ يعيش العالم عصر تدفق المعلومات، حتى تلك التي يعتبر أبطالها وأصحابها أنهم في منأى عن أي مساءلة.