بيان ختامي: الاجتماع الوزاري المقبل لمسلسل الدول الإفريقية الأطلسية سينعقد في شتنبر المقبل بنيويورك    تصريحات نائبة أخنوش تفجر غضب الأغلبية والمعارضة بجماعة أكادير ومطالب لها بالإعتذار    إضراب المتصرفين التربويين الأربعاء يوحّد المطالب ويرفع سقفها بدعم من النقابات التعليمية الخمس    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم اليوم الجمعة    الذهب يصعد وسط عمليات شراء وترقب محادثات التجارة بين أمريكا والصين    واشنطن: نحن على بعد خطوات من حل لإيصال المساعدات إلى غزة    "هآرتس": واشنطن تضغط على إسرائيل لإبرام اتفاق غزة قبل زيارة ترامب    كيم جونغ يشرف على تدريبات نووية    المنصوري: خمس أسر ضمن "عمارة فاس" رفضت قرار الإخلاء في 2018    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    كيوسك القناة | الحكومة تكشف عدد دفعات الدعم الاستثنائي لمهنيي النقل الطرقي    في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة وتصاعب المطالب بوقف التطبيع.. إسرائيل تصادق على اتفاقية النقل البحري مع المغرب    موجة فرح تعم الولايات المتحدة عقب انتخاب أول بابا من أصل أمريكي    الأمم المتحدة-أهداف التنمية المستدامة.. هلال يشارك بنيويورك في رئاسة منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار    8 قتلى و7 جرحى في حادث انهيار منزل من 4 طوابق بفاس    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    سلطات الملحقة الإدارية الثالثة بالجديدة تواصل التضييق على مستغلي الملك العمومي بفضاء الشاطئ    ساكنة دوار المخاطر بجماعة شتوكة تستنكر إقصاءها من مشروع تعبيد الطرق وتطالب بتدخل عامل الإقليم    بالياريا تُطلق رسميًا خط طنجة – طريفة وتكشف موعد تشغيل باخرتين كهربائيتين    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    فاس.. انهيار مبنى من ستة طوابق يخلف قتلى وجرحى واستنفاراً واسعاً للسلطات    الزلزولي يهدي بيتيس أول نهائي قاري    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    مواجهة حاسمة بين المغرب التطواني وشباب السوالم لتحديد النازل الثاني للقسم الوطني الثاني    اتحاد طنجة يضمن بقاءه في القسم الأول من البطولة الاحترافية    صدام إنجليزي في نهائي الدوري الأوروبي    المغرب يقود إفريقيا الأطلسية نحو نيويورك    فتح تحقيق في ممارسات منافية للمنافسة في سوق توريد السردين الصناعي    أسبوع القفطان بمراكش يكرم الحرفيين ويستعرض تنوع الصحراء المغربية    أكاديمية المملكة تتأمل آلة القانون بين الجذور المشرقية والامتدادات المغربية    سعر الذهب يتأثر باتفاق تجاري جديد    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الشعر الحساني النسائي حاضر في فعاليات الدورة ال18 لموسم طانطان 2025    وزير الأوقاف المغربي يقيم مأدبة غداء تكريما لوزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة    المستشارون يدعون إلى تعديل خريطة الاختصاصات بين المركز والجهات    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء        أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اتجاه مجتمع الحداثة

يبدو أن المغرب يسير بخطى حثيثة وثابتة نحو بناء دولة مدنية عصرية رغم كل أشكال المقاومة والاعتراض للقوى الرجعية المعادية للتجديد الديني وللاجتهاد المستنير، ومما يدعو إلى التفاؤل أن القرارات المتخذة في هذا الاتجاه التحديثي صادرة عن أهم مؤسسات الدولة: المؤسسة الملكية والمؤسسة التشريعية والمؤسسة الحكومية، وبالتالي فهي موضوع إجماع وطني يعكس انخراط المغرب في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان ويجسد الإرادة الجماعية للطبقة السياسية المغربية لتحديث الدولة والمجتمع.
في الأيام القليلة الماضية:
– صدور الظهير الشريف رقم 1.00.350، متعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وبغض النظر عن بنود القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه في الدورة الأخيرة، والتي هي موضوع نقاش لن ينتهي بين نشطاء حقوق الإنسان، فإن حيثيات الظهير تؤكد على «استكمال بناء الدولة العصرية للحق والقانون»، و «أن صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وضمان ممارستها، تعد أمانة دستورية من صميم مهام أمير المؤمنين» الذي يلتزم « بمواصلة العمل على النهوض بحقوق الإنسان وصيانة الحريات وترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز كرامة المواطن ضمن مفهوم شمولي لحقوق الإنسان باعتبارها رافعة قوية لتنمية تتكامل فيها كل أبعاد الحقوق من سياسية ومدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية».
– صدور بلاغ للديوان الملكي القاضي بأحقية المرأة المغربية بممارسة مهنة العدول،»بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية…
– مصادقة الحكومة المغربية على مشروع قانون بشأن محاربة العنف ضد النساء، وهو الأول في تاريخ المملكة بعدما بقي النقاش حوله معلقا منذ اقتراحه سنة 2013. وقد جاء في البيان الحكومي، أنّ مشروع القانون يستند إلى «الحقوق التي كرّسها دستور المملكة، والذي نصّ على المساواة والنهوض بحقوق المرأة وحمايتها وحظر ومكافحة كلّ أشكال التمييز».
– تصريح وزير العدل محمد اوجار الذي أكد على احترام الحريات الفردية والحياة الخاصة، بما فيها العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين وإفطار رمضان، شريطة احترام الفضاء العام، وتأكيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، أنه لا يمكن مصادرة حرية العقيدة، وأن هناك ضوابط للتوفيق بين حرية المعتقد وتعاطي المجتمع مع ذلك.


في غضون أسبوعين تواترت قرارات ومواقف وقوانين تصب جميعها في ترسيخ حقوق الإنسان، وحماية الحريات الفردية وتوسيع مجالها، ودعم المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال تأويل متقدم لأحكام الشريعة.
لقد جاء في بلاغ الديوان الملكي القاضي بحق المرأة في ممارسة العدولية أن القرار تم بناء على " الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية". وفي ديباجة الظهير الشريف المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورد أن " صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وضمان ممارستها، تعد أمانة دستورية من صميم مهامنا السامية بصفتنا أميرا للمؤمنين. كما أنها تجسيد لأسس حضارتنا وثقافتنا وقيمنا الإسلامية السمحة، ولالتزاماتنا الدولية بخصوص حماية حقوق الإنسان، وصونها، والنهوض بها باعتبار كل منها مرجعية في هذا الشأن".
ومن الواضح أن هذه القرارات تمحورت حول موضوعين هما في العمق مترابطان أقوى ارتباط: موضوع حقوق الإنسان ولاسيما مسألة الحريات الفردية، وتحقيق المساواة بين الجنسين من خلال تمكين المرأة من مزيد من الحقوق وحمايتها من العنف بكل أشكاله. ومما لا ريب فيه أن تزامن تنزيل هذه القوانين والتعبير عن هذه المواقف ليس أمرا اعتباطيا أو مجرد مصادفة، وإنما هي قوانين ومواقف تندرج ضمن مقاربة سياسية/ قانونية لتنزيل مقتضيات دستور 2011 تنزيلا ديمقراطيا سيتيح للمغرب السير قدما نحو مجتمع الحداثة التي بدون شيوع قيمها النبيلة لا يمكن قيام مجتمع ديمقراطي بالمعنى السوسيو ثقافي للديمقراطية التي تسعى حركات الإسلام السياسي إلى اختزالها في الانتخابات.
وإذا كانت الدولة بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية قد وضعت المغرب على سكة الحداثة في أفق بناء دولة مدنية ينعم فيها المغربي بحريته كاملة، غير منقوصة، في ظل دولة القانون والمساواة وحقوق الإنسان، فإن مسؤولية منظمات المجتمع المدني في الدفاع عن هذا التوجه وترسيخه وتنميته، من خلال عمل تثقيفي/ توعوي مستدام وقادر على تحويل القوانين والمبادئ إلى ممارسات يومية، مسؤولية ثابتة وضرورية وحاسمة.
دعاة التطرف الديني على اختلاف أطيافهم لن يهدأ لهم بال من أجل تقويض المشروع الديمقراطي الحداثي، وهاهم يشنون حربا "دينية" شعواء ضد الأشخاص والمؤسسات، متأبطين سيوف التكفير ورماح التشكيك في العقيدة، وهي حرب خطيرة واستراتيجية، لا يمكن مواجهتها دون تعبئة كل حاملي وحاملات قيم الحداثة والتقدم في كل المجالات، ثقافية وفنية ورياضية، ناهيك عن الأحزاب السياسية الديمقراطية. ولأن الحداثة رؤية للعالم والوجود الإنساني في كل أبعاده، جوهرها حرية الفكر والجسد والإبداع فإن المقاربة التشريعية/ القانونية ليست بالكاد كافية لانتصارها في مجتمع يعاني من "فوات تاريخي" حسب تعبير ياسين الحافظ (الهزيمة والاديولوجية المهزومة)، لذلك، لا مناص من إنجاز ثورة حقيقية في التعليم والتربية ومجمل مؤسسات التنشئة والتثقيف الجماهيري، صحيح أن الحداثة "تيار جارف" تصعب مقاومته (عبد لله العروي) لكن هي أيضا فعالية بشرية وإنجاز إنساني.

يبدو أن المغرب يسير بخطى حثيثة وثابتة نحو بناء دولة مدنية عصرية رغم كل أشكال المقاومة والاعتراض للقوى الرجعية المعادية للتجديد الديني وللاجتهاد المستنير، ومما يدعو إلى التفاؤل أن القرارات المتخذة في هذا الاتجاه التحديثي صادرة عن أهم مؤسسات الدولة: المؤسسة الملكية والمؤسسة التشريعية والمؤسسة الحكومية، وبالتالي فهي موضوع إجماع وطني يعكس انخراط المغرب في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان ويجسد الإرادة الجماعية للطبقة السياسية المغربية لتحديث الدولة والمجتمع.
في الأيام القليلة الماضية:
– صدور الظهير الشريف رقم 1.00.350، متعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وبغض النظر عن بنود القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه في الدورة الأخيرة، والتي هي موضوع نقاش لن ينتهي بين نشطاء حقوق الإنسان، فإن حيثيات الظهير تؤكد على «استكمال بناء الدولة العصرية للحق والقانون»، و «أن صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وضمان ممارستها، تعد أمانة دستورية من صميم مهام أمير المؤمنين» الذي يلتزم « بمواصلة العمل على النهوض بحقوق الإنسان وصيانة الحريات وترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز كرامة المواطن ضمن مفهوم شمولي لحقوق الإنسان باعتبارها رافعة قوية لتنمية تتكامل فيها كل أبعاد الحقوق من سياسية ومدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية».
– صدور بلاغ للديوان الملكي القاضي بأحقية المرأة المغربية بممارسة مهنة العدول،»بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية…
– مصادقة الحكومة المغربية على مشروع قانون بشأن محاربة العنف ضد النساء، وهو الأول في تاريخ المملكة بعدما بقي النقاش حوله معلقا منذ اقتراحه سنة 2013. وقد جاء في البيان الحكومي، أنّ مشروع القانون يستند إلى «الحقوق التي كرّسها دستور المملكة، والذي نصّ على المساواة والنهوض بحقوق المرأة وحمايتها وحظر ومكافحة كلّ أشكال التمييز».
– تصريح وزير العدل محمد اوجار الذي أكد على احترام الحريات الفردية والحياة الخاصة، بما فيها العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين وإفطار رمضان، شريطة احترام الفضاء العام، وتأكيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، أنه لا يمكن مصادرة حرية العقيدة، وأن هناك ضوابط للتوفيق بين حرية المعتقد وتعاطي المجتمع مع ذلك.


في غضون أسبوعين تواترت قرارات ومواقف وقوانين تصب جميعها في ترسيخ حقوق الإنسان، وحماية الحريات الفردية وتوسيع مجالها، ودعم المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال تأويل متقدم لأحكام الشريعة.
لقد جاء في بلاغ الديوان الملكي القاضي بحق المرأة في ممارسة العدولية أن القرار تم بناء على " الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية". وفي ديباجة الظهير الشريف المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورد أن " صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وضمان ممارستها، تعد أمانة دستورية من صميم مهامنا السامية بصفتنا أميرا للمؤمنين. كما أنها تجسيد لأسس حضارتنا وثقافتنا وقيمنا الإسلامية السمحة، ولالتزاماتنا الدولية بخصوص حماية حقوق الإنسان، وصونها، والنهوض بها باعتبار كل منها مرجعية في هذا الشأن".
ومن الواضح أن هذه القرارات تمحورت حول موضوعين هما في العمق مترابطان أقوى ارتباط: موضوع حقوق الإنسان ولاسيما مسألة الحريات الفردية، وتحقيق المساواة بين الجنسين من خلال تمكين المرأة من مزيد من الحقوق وحمايتها من العنف بكل أشكاله. ومما لا ريب فيه أن تزامن تنزيل هذه القوانين والتعبير عن هذه المواقف ليس أمرا اعتباطيا أو مجرد مصادفة، وإنما هي قوانين ومواقف تندرج ضمن مقاربة سياسية/ قانونية لتنزيل مقتضيات دستور 2011 تنزيلا ديمقراطيا سيتيح للمغرب السير قدما نحو مجتمع الحداثة التي بدون شيوع قيمها النبيلة لا يمكن قيام مجتمع ديمقراطي بالمعنى السوسيو ثقافي للديمقراطية التي تسعى حركات الإسلام السياسي إلى اختزالها في الانتخابات.
وإذا كانت الدولة بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية قد وضعت المغرب على سكة الحداثة في أفق بناء دولة مدنية ينعم فيها المغربي بحريته كاملة، غير منقوصة، في ظل دولة القانون والمساواة وحقوق الإنسان، فإن مسؤولية منظمات المجتمع المدني في الدفاع عن هذا التوجه وترسيخه وتنميته، من خلال عمل تثقيفي/ توعوي مستدام وقادر على تحويل القوانين والمبادئ إلى ممارسات يومية، مسؤولية ثابتة وضرورية وحاسمة.
دعاة التطرف الديني على اختلاف أطيافهم لن يهدأ لهم بال من أجل تقويض المشروع الديمقراطي الحداثي، وهاهم يشنون حربا "دينية" شعواء ضد الأشخاص والمؤسسات، متأبطين سيوف التكفير ورماح التشكيك في العقيدة، وهي حرب خطيرة واستراتيجية، لا يمكن مواجهتها دون تعبئة كل حاملي وحاملات قيم الحداثة والتقدم في كل المجالات، ثقافية وفنية ورياضية، ناهيك عن الأحزاب السياسية الديمقراطية. ولأن الحداثة رؤية للعالم والوجود الإنساني في كل أبعاده، جوهرها حرية الفكر والجسد والإبداع فإن المقاربة التشريعية/ القانونية ليست بالكاد كافية لانتصارها في مجتمع يعاني من "فوات تاريخي" حسب تعبير ياسين الحافظ (الهزيمة والاديولوجية المهزومة)، لذلك، لا مناص من إنجاز ثورة حقيقية في التعليم والتربية ومجمل مؤسسات التنشئة والتثقيف الجماهيري، صحيح أن الحداثة "تيار جارف" تصعب مقاومته (عبد لله العروي) لكن هي أيضا فعالية بشرية وإنجاز إنساني.
يبدو أن المغرب يسير بخطى حثيثة وثابتة نحو بناء دولة مدنية عصرية رغم كل أشكال المقاومة والاعتراض للقوى الرجعية المعادية للتجديد الديني وللاجتهاد المستنير، ومما يدعو إلى التفاؤل أن القرارات المتخذة في هذا الاتجاه التحديثي صادرة عن أهم مؤسسات الدولة: المؤسسة الملكية والمؤسسة التشريعية والمؤسسة الحكومية، وبالتالي فهي موضوع إجماع وطني يعكس انخراط المغرب في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان ويجسد الإرادة الجماعية للطبقة السياسية المغربية لتحديث الدولة والمجتمع.
في الأيام القليلة الماضية:
– صدور الظهير الشريف رقم 1.00.350، متعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وبغض النظر عن بنود القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه في الدورة الأخيرة، والتي هي موضوع نقاش لن ينتهي بين نشطاء حقوق الإنسان، فإن حيثيات الظهير تؤكد على «استكمال بناء الدولة العصرية للحق والقانون»، و «أن صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وضمان ممارستها، تعد أمانة دستورية من صميم مهام أمير المؤمنين» الذي يلتزم « بمواصلة العمل على النهوض بحقوق الإنسان وصيانة الحريات وترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز كرامة المواطن ضمن مفهوم شمولي لحقوق الإنسان باعتبارها رافعة قوية لتنمية تتكامل فيها كل أبعاد الحقوق من سياسية ومدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية».
– صدور بلاغ للديوان الملكي القاضي بأحقية المرأة المغربية بممارسة مهنة العدول،»بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية…
– مصادقة الحكومة المغربية على مشروع قانون بشأن محاربة العنف ضد النساء، وهو الأول في تاريخ المملكة بعدما بقي النقاش حوله معلقا منذ اقتراحه سنة 2013. وقد جاء في البيان الحكومي، أنّ مشروع القانون يستند إلى «الحقوق التي كرّسها دستور المملكة، والذي نصّ على المساواة والنهوض بحقوق المرأة وحمايتها وحظر ومكافحة كلّ أشكال التمييز».
– تصريح وزير العدل محمد اوجار الذي أكد على احترام الحريات الفردية والحياة الخاصة، بما فيها العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين وإفطار رمضان، شريطة احترام الفضاء العام، وتأكيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، أنه لا يمكن مصادرة حرية العقيدة، وأن هناك ضوابط للتوفيق بين حرية المعتقد وتعاطي المجتمع مع ذلك.


في غضون أسبوعين تواترت قرارات ومواقف وقوانين تصب جميعها في ترسيخ حقوق الإنسان، وحماية الحريات الفردية وتوسيع مجالها، ودعم المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال تأويل متقدم لأحكام الشريعة.
لقد جاء في بلاغ الديوان الملكي القاضي بحق المرأة في ممارسة العدولية أن القرار تم بناء على " الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية". وفي ديباجة الظهير الشريف المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورد أن " صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وضمان ممارستها، تعد أمانة دستورية من صميم مهامنا السامية بصفتنا أميرا للمؤمنين. كما أنها تجسيد لأسس حضارتنا وثقافتنا وقيمنا الإسلامية السمحة، ولالتزاماتنا الدولية بخصوص حماية حقوق الإنسان، وصونها، والنهوض بها باعتبار كل منها مرجعية في هذا الشأن".
ومن الواضح أن هذه القرارات تمحورت حول موضوعين هما في العمق مترابطان أقوى ارتباط: موضوع حقوق الإنسان ولاسيما مسألة الحريات الفردية، وتحقيق المساواة بين الجنسين من خلال تمكين المرأة من مزيد من الحقوق وحمايتها من العنف بكل أشكاله. ومما لا ريب فيه أن تزامن تنزيل هذه القوانين والتعبير عن هذه المواقف ليس أمرا اعتباطيا أو مجرد مصادفة، وإنما هي قوانين ومواقف تندرج ضمن مقاربة سياسية/ قانونية لتنزيل مقتضيات دستور 2011 تنزيلا ديمقراطيا سيتيح للمغرب السير قدما نحو مجتمع الحداثة التي بدون شيوع قيمها النبيلة لا يمكن قيام مجتمع ديمقراطي بالمعنى السوسيو ثقافي للديمقراطية التي تسعى حركات الإسلام السياسي إلى اختزالها في الانتخابات.
وإذا كانت الدولة بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية قد وضعت المغرب على سكة الحداثة في أفق بناء دولة مدنية ينعم فيها المغربي بحريته كاملة، غير منقوصة، في ظل دولة القانون والمساواة وحقوق الإنسان، فإن مسؤولية منظمات المجتمع المدني في الدفاع عن هذا التوجه وترسيخه وتنميته، من خلال عمل تثقيفي/ توعوي مستدام وقادر على تحويل القوانين والمبادئ إلى ممارسات يومية، مسؤولية ثابتة وضرورية وحاسمة.
دعاة التطرف الديني على اختلاف أطيافهم لن يهدأ لهم بال من أجل تقويض المشروع الديمقراطي الحداثي، وهاهم يشنون حربا "دينية" شعواء ضد الأشخاص والمؤسسات، متأبطين سيوف التكفير ورماح التشكيك في العقيدة، وهي حرب خطيرة واستراتيجية، لا يمكن مواجهتها دون تعبئة كل حاملي وحاملات قيم الحداثة والتقدم في كل المجالات، ثقافية وفنية ورياضية، ناهيك عن الأحزاب السياسية الديمقراطية. ولأن الحداثة رؤية للعالم والوجود الإنساني في كل أبعاده، جوهرها حرية الفكر والجسد والإبداع فإن المقاربة التشريعية/ القانونية ليست بالكاد كافية لانتصارها في مجتمع يعاني من "فوات تاريخي" حسب تعبير ياسين الحافظ (الهزيمة والاديولوجية المهزومة)، لذلك، لا مناص من إنجاز ثورة حقيقية في التعليم والتربية ومجمل مؤسسات التنشئة والتثقيف الجماهيري، صحيح أن الحداثة "تيار جارف" تصعب مقاومته (عبد لله العروي) لكن هي أيضا فعالية بشرية وإنجاز إنساني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.