تواصلت أمس الأربعاء عروض أفلام الدورة التاسعة عشرة من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، سواء الأفلام المتعلقة بالمسابقتين الرسميتين للدورة أو المبرمجة خارجها من الأفلام المنتجة حديثا لم يكتب لها أن تختار للمنافسة على جوائة المهرجان ، وهي الوثائقي «الباب السابع» لعلي الصافي، «شكرا ميمونة» لأمين حقو، «أنعاق: لمحمد بوزية و قاسم أشهبون،» بيل أوفاص» لحميد زيان، و«المسرح الرحال» لحسن بنجلون، أو من الأفلام القديمة التي يتم عرضها، احتفاء بالذكرى الستين للسينما المغربية، من قبيل أفلام «حلاق درب الفقراء»، لمحمد الركاب، «وشمة» لحميد بناني، «السراب» لأحمد البوعناني، « عنوان مؤقت» لمصطفى الدرقاوي « باديس» لمحمد عبد الرحمان التازي، «ساعي البريد» لحكيم النوريو غيرها، الأمر الذي أضفى على هذه الدورة خصوصية على مستوى البرمجة، مازجت بين القديم و الحديث، وأتاحت لرواد المهرجان، كل من جانبه واختياراته فرصة مشاهدة أفلام السينما الوطنية والاطلاع على بعض جمالياتها ولمساتها أحيانا تبايناتها من طرف هذا المخرج والآخر، ومن هذا الجيل و الجيل الذي سبقه عروض أمس الثلاثاء لم تخرج عن هذا السياق، حيث الجماليات كانت حاضرة والتباينات كانت جلية في الرؤية واللمسة السينمائية والمقاربة، إذ كانت الفرصة أمس متاحة أمام رواد المهرجان، بعيدا عن البرمجة السينمائية الموازية، لمتابعة أربعة أفلام بين قصير و طويل دفعة واحدة. «قليل من ضوء القمر» لرشيد الوالي. يحضر رشيد الوالي بالدورة الحالية كفنان ممثل في العديد من الافلام المشاركة في المسابقة الرسمية بصنفيها، كما يحضر كمخرج لفيلم قصير ، بعدما شارك في الدورة الماضية بشريطه السينمائي الطويل «نوح لا يعرف العوم». وقد اختار الوالي عنوانا لإبداع الجديد هذا «قليل من الضوء» (17 دقيقة)، الذي كتب له السيناريو المخرج ذاته، وشخص أحداثه كل من الفنانين جليلة التلمسي، مراد حميمو، سعيد باي، هاجر الشركي وزكريا عاطفي..، وتركز أحداثه فيما يبدو، على مقاربة اجتماعية، نفسية عاطفية من خلال مكالمة عن طريق الخطأ من «لمياء» إلى «سعيد»، المحكوم بالمؤبد، تعيده إلى الحياة.. يعتبرها الوالي « قصة حب مستحيلة لولا القليل من الضوء». «مسرحية» خالد ضواش يعود المخرج الشاب خالد ضواش إلى المهرجان الوطني للفيلم بطنجة هذه السنة بفيلم قصير حديد، بعد مشاركتية السابقتين من خلال فيلمية القصيرين «المشروع- ت» 2016، و«فرصة» 2017، واللذين تركا انطباعا جيدا ينبآن عن مشروع مخرج سينمائي.. واعد. وقد اختار ضواش لتجربته الفيلمية القصيرة الجديدة اسم «مسرحيةّ» (20 دقيقة)، كتب لها السيناريو هوة ذاته ، وقام بتشخيصها كل من صلاح ديزان، آمال الصقر، كريم السعيدي، عبد لله بنسعيد، يونس بن زاكور، وعبد الرحيم الصمدي، الذين عملوا على إبراز «فكرة» ضواش التي تمركزت حول شخصية «جلال» لاعب ورق محترف يجذب ضحاياه بمساعدة شركائه في عالم لعبة البوكر للنصب عليهم و سلبهم أموالهم. يانس ضحيته الجديدة، ينهار بعد أن خسر كل أمواله، لكن إذا كان الغباء ليس له حدود، فإن الذكاء على العكس من ذلك.. «كلام الصحرا» لداوود ولاد السيد بعد «عود الريح»، «طرفاية»، «في انتظار بازوليني» ثم «الجامع» يحضر المخرج المغربي المخضرم ، خريج مدرسة التصوير الفوتواغرفي، داوود ولاد السيد في الواجهة السينمائية الوطنية، عبر بوابة المهرجان الوطني للفيلم، من خلال فيلم جديد اختار له من العناوين «كلام الصحراء»، يرصد فيه ثلاث حكايات في حكاية واحدة، خيطها الناظم والمشترك، البحث عن الذات، ذواتها، وهي مولود الشاب الذي ترعرع في ميتم والذي يبحث عن والديه اللذين لم يعرفهما،حمادي الشيخ الذي يسكن الصحراء والذي ينتظر عودة ابنه الوحيد الذي هاجر ولم يعد، وزينب الشابة التي تبحث في التراث الشفاهي للمنطقة… رسالة في قارورة مليئة برمل الصحراء ستكون سببا في الربط بين أقدار الشخصيات الثلاث. وقد اختار ولاد السيد من الفنانين لتجسيد هذه الحكايات كل من نور الدين سعدان، هادر الشركي، أحمد الشحيمة ووسيله صبحي.. «جاهلية» هشام العسري يواصل المخرج هشام العسري تسجيل بصمته السينمائية في المهرجان الوطني للفيلم للمرة الثانية على التوالي، إذا بعد أفلامه « النهاية»، الذي شارك به في المسابقة الموازية بمهرجان كان السينمائي، و«هم الكلاب»، و«البحر من وائكم»، الذي شارك في مهرجان برلين السينمائي، «جوع كلبك»، الذي توج بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة أفضل ممثل في «مسابقة المهر العربي»، في الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، ثم فيلم « ضربة في الراس» الذي توج بجائزة لجنة التحكيم في الدورة الأخيرة من المهرجان الوطني للفيلم، يواصل العسري حضوره السينمائي بلغته السينمائية الخاصة ورؤيته الذاتية للأشياء كما يراها مقاربة ومعالجة.. ، الأمر الذي يجعل معظم أفلامه، التي يلمس فيها الكثير من الاجتهاد والإبداع السينمائي، تخلق الكثير من الجدل، ولعل أخيرها فيلمه المشارك في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل « جاهلية»، الذي سبق عرضه قبل اسابيع في مهرجان برلين السينمائي، الذي يرصد فيه مجموعة من الشخصيات (أدى أدوارها كل نسرين الراضي، مصطفى الهواري، سلمى الدليمي، حسن بديدا، رامي فجاج، الزبير أبو الفضل ومالك اخميس) تعيش حدثا تاريخيا، وهو إلغاء الاحتفال بعيد الاضحى سنة 1996. من بين هذه الشخوص لطفي، فاقد للذاكرة، منير الذي ترفضه عائلة المرأة التي ينوي الزواج بها، طفل حزين لا يفهم سبب هذا الإلغاء، وشخص يريد الانتحار ويحتاج المساعدة..
