الليلة بالرباط.. أسود الأطلس أمام اختبار مالي لحسم التأهل مبكرا    "كان المغرب".. أسود الأطلس في اختبار حقيقي أمام مالي ومواجهة نارية بين مصر وجنوب أفريقيا    طنجة المتوسط.. إجهاض محاولة تهريب ثمانية أطنان و196 كيلوغراما من مخدر الشيرا مخبأة داخل قضبان بلاستيكية    لا أخْلِط في الكُرة بين الشَّعْب والعُشْب !    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    تريليون يوان..حصاد الابتكار الصناعي في الصين    تَمَغْرِبِيتْ" وعاء سردي يحتضن جميع المغاربة    تصعيد جديد بقطاع الصحة.. التنسيق النقابي يعلن وقفات أسبوعية وإضراباً وطنياً يوم 29 يناير    "كاف" ينفي صحة أنباء توزيع تذاكر مجانية على الجماهير    توقيفات جديدة في فضيحة مراهنات داخل كرة القدم التركية    إجراءات مالية وجامعية بفرنسا تثير مخاوف تمييزية بحق الطلبة الأجانب    محكمة صفرو تدين مغني الراب "بوز فلو" بالحبس موقوف التنفيذ وغرامة مالية        زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد إلى غاية يوم السبت    النيابات العامة عالجت أزيد من 497 ألف شكاية السنة الماضية    التواصل ليس تناقل للمعلومات بل بناء للمعنى    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    تبوريشة مغربية أصيلة    أمريكا تستهدف "داعش" في نيجيريا    جمعية هيئات المحامين تطالب بسحب مشروع قانون المحاماة وتتهم الحكومة بالتنصل من التوافقات    السلطة القضائية تنضم إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    الأمطار ترفع مخزون السدود بالمغرب إلى 5.8مليار م3 والثلوج ترسم خريطة بيضاء بحجم كرواتيا    على هامش كأس إفريقيا.. معرض ثقافي إفريقي وأجواء احتفالية تجذب الجماهير في تغازوت    أخبار الساحة    «خاوة خاوة» تطبع أول مباراة للجزائر بالمغرب منذ القطيعة الدبلوماسية    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    الحق في المعلومة حق في القدسية!    عدد من أفرادها طلبوا التقاط صور مع العناصر الأمنية .. الأمن المغربي «يخطف» أبصار وإعجاب جماهير الكان    تفاصيل إحباط تهريب أطنان من المخدرات بميناء طنجة المتوسط    أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى    روسيا تنمع استيراد جزء من الطماطم المغربية بعد رصد فيروسين نباتيين    كان 2025 .. المغرب يرسخ دولة الاستقرار ويفكك السرديات الجزائرية المضللة    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    المنتخب يحمس مطاعم ومقاهي طنجة    طقس ممطر وبارد في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    لاعبو المغرب يؤكدون الجاهزية للفوز    مقاييس التساقطات الثلجية خلال ال 24 ساعة الماضية        ارتفاع تداولات بورصة الدار البيضاء    الفنان الروسي بيوتر إكولوف يحيي حفلا موسيقيا ببيت الصحافة بطنجة    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة تركيّة    حين تفتح سانت بطرسبورغ أبوابها ويخرج المغرب من الضوء    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    مطار محمد الخامس يكسر حاجز 11 مليون مسافر بفضل كأس إفريقيا    الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»    2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    وزارة العدل الأمريكية تحصل على مليون وثيقة يُحتمل ارتباطها بقضية إبستين    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة دولية بفاس حول «التصوف المغربي في امتداداته الكونية»

في سياق أنشطته الثقافية والعلمية، ينظم «المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية» بفاس، ندوة علمية دولية أولى في موضوع: «التصوف المغربي في امتداداته الكونية». وذلك يومي 15 و16 ماي 2015، بشراكة مع مؤسسات علمية وطنية ودولية، ومشاركة شخصيات أكاديمية علمية من داخل المغرب وخارجه.
أرضية الندوة:
يمثل التصوف أحد الثوابت الدينية للأمة المغربية، فهو مقوم من مقومات تاريخ المغرب الروحي والديني والثقافي والاجتماعي والسياسي بل والاقتصادي، وما زال لتراثه حضور في النسيج الاجتماعي وفي الضمير الأخلاقي، بل وفي لا وعي ولا شعور الإنسان المغربي. ومن ثم فإن الاهتمام بالتصوف المغربي هو اهتمام بالوطن والإنسان وتفاعلات هذا الأخير مع ذاته ومحيطه وكل الموجودات، وكذلك اهتمام بالآخر في سياق حوار الثقافات والحضارات والإسهام في بناء كون فاضل يعيش في سلام ومحبة وتواصل إيجابي، بدل قيم الصراع والعنف والكراهية.
من الواضح أن أثر التصوف المغربي قد تجاوز حدود التراب الوطني ليخترق آفاقا بعيدة شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، حيث أسهم في نشر الإسلام وتخليق الحياة العامة واقتراح حلول جديدة لمشكلات الإنسان قديما وحديثا. وقد لوحظ في السنوات الأخيرة اهتمام العالَم بالتصوف، وهو نزوع كوني يدل على الفراغ الروحي للإنسان المعاصر ومعاناته ألم الغربة والاستلاب النفسي، مما جعله يبحث عن ما يغطي به هذا النقص من خلال الإقبال على أخلاقيات المتصوفة وإحياء القيم الروحية ذات البعد النفسي والسلوكي، فوجد في التصوف الإسلامي بغيته ومراده.
يعرف العالم اليوم تغلغل الروح الصوفية في أوساط اجتماعية عديدة داخل مجتمعات مادية، وبتأمل مصدر هذه الروح يتبين أن التصوف المغربي له أثر واضح وتأثير بيِّن في توجيه الحياة الروحية لتلك المجتمعات، ولعل ذلك راجع لخصوصية التصوف المغربي، الذي اتسم عبر تاريخه الطويل بسمات الوسطية والاعتدال والمرونة وقبول المخالف والتعايش والتسامح والتعاون ونفع الغير.. وغير ذلك من القيم النبيلة التي يحتاجها الإنسان المعاصر، والذي وجد ضالته في التصوف المغربي فأقبل عليه ممارسة ومدارسة، وأنشأ فروعا لزوايا مغربية في بقاع عديدة من المعمور.
بالعودة إلى خصوصيات التصوف الإسلامي في المغرب نلحظ أن الزوايا والطرق الصوفية وإن كانت كثيرة ومتعددة إلا أن مشربها واحد، وقصدها واحد وهو: خدمة الدين والوطن؛ أما خدمة الدين فمنهجها «القويم فيها يتمثل أساسًا في الاعتصام بالكتاب والسنة، وإشاعة العلم وتهذيب النفس بالإكثار من الذكر، وأما خدمة الوطن فتتمثل أساسًا في القيام بالواجب نحو الإمامة العظمى التي تمثلها إمارة المؤمنين، والحرص على خصوصيات المغرب الثقافية؛ حتى لا تضمحل تحت تأثير كل المشوشات الدخيلة»1. ومن ثم فإن الاهتمام بدراسة التصوف المغربي وكشف روافده وامتداداته جغرافيا وثقافيا وسلوكيا.. هو اهتمام بالهوية الأصيلة للمملكة المغربية وتعزيز للانتماء للوطن ودعم للوطنية وترسيخ للوحدة الروحية والترابية التي تجمع كل المغاربة أينما كانوا، وكذلك تعبير عن عالمية الفكر المغربي متمثلا في الجانب الروحي وقوة التصوف المغربي وقدرته على الإسهام في الدبلوماسية الروحية والثقافية ونشر ثقافة السلام والتضامن والتعاون والإخاء بين بني البشر، ولعل هذا التوجه يشكل خصوصية في الثقافة المغربية التي حافظت على قوتها واستمراريتها وشكّلت نبراسا لباقي الشعوب والدول يستفيدون منها في دعم تماسك مجتمعاتهم وحماية الأفراد من الاضطراب والانحراف.
إن التصوف الذي ستناقشه هذه الندوة هو التصوف الإسلامي بخصوصيات مغربية، ولا علاقة له بالروحانيات الموجودة في كثير من المذاهب وأنماط التعبد، كما لا علاقة له بالبدع والضلالات الشائعة في التصوف الطرقي. ومن ثم فالتصوف المستهدف هو الذي يستمد أصوله من الشريعة الإسلامية السمحة، وليس كما يزعم بعض المستشرقين والباحثين من أن التصوف الإسلامي يستمد أصوله خارج الثقافة الإسلامية.
كما أن التصوف ممارسة تعبدية بالأساس، وليس منتوجا تاريخيا أو تعبيرا عن حاجات اجتماعية أو سياسية، كما يحاول البعض ربط التصوف بالتوظيف السياسي والاجتماعي وتسخيره لأهداف بعيدة عن روحه ومحتواه. وهكذا فإن هذه الندوة تقارب التصوف المغربي باعتباره عملا سلوكيا على منهج خير البشر، فهو يخلق شخصية مطمئنة القلب، وليس كما يزعم البعض من أن الشخصية الصوفية تنمي القلق لا الاطمئنان وتنمي ميول الانهزام ومشاعر تفكك الحياة. وهو تصوف يقوم على استنهاض الهمم وحفز العمل وبذل الحركة والجهد في سبيل رقي الذات والمجتمع، ولا علاقة له بأي أزمة أو تخلف كما يحاول البعض ربط نشوء التصوف بالأزمة في مختلف تجلياتها.
إن التصوف الذي تحاول هذه الندوة تسليط الضوء عليه هو تصوف إسلامي مغربي، سلوكي سني، جنيدي، عملي أخلاقي، ينطلق من الكتاب والسنة ليعود إليهما، يخلق شخصية مطمئنة ومجتمعا متوازنا، ويؤسس إنسانا مسؤولا وفاعلا في بيئته، يبني ولا يهدم، ويوحد ولا يفرق.
من هذا المنظور إذن، يمكننا مقاربة التصوف المغربي باعتباره «رأسمالا رمزيا» و»ثروة وطنية غير مادية» قابلة للتداول والاستثمار في تعزيز «الانتماء للوطن» و»الافتخار بالهوية المغربية» ودعم جهود التنمية وتعزيز «الوحدة الوطنية للمملكة» والدفاع عن الثوابت الأصيلة للمغرب، والتي هي سر قوته ومصدر نبوغه ونبراس مستقبله وحاضره، ومن ثم فإن هذه الندوة لا تطمح نحو الكشف عن هذه الخصوصيات فحسب وإنما أيضا الكشف عن امتداداتها في ثقافات أخرى ومقاربة تأثيراتها الإيجابية في دعم الدبلوماسية المغربية الموازية وتعزيز مكانة المغرب في المجتمع الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.