كان لافتا للغاية،وصادما للغاية أيضا،تنقل السيد صلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار ووزير الخارجية والتعاون ظهيرة يوم الجمعة 9 دجنبر 2015 إلى قلب القنيطرة، ليعبر عن صادق مشاعر التعاطف والتضامن مع السيد عبد المجيد المهاشي المستشار البرلماني، زميله الفذ في التجمع والمنسق الجهوي لحزب الحمامة بعاصمة الغرب .. الذي اتهمته فتاة بالتحرش بها ومحاولة اغتصابها بضواحي مدينة سلا .. اللافت والصادم في النازلة، ليس قدوم قائد حزب الحمامة إلى القنيطرة بنفسه وطوله وجلال هيبته ، وفي يوم مليء بالإيحاءات التقية النقية الفاضلة ، وليس المشاعر الجياشة والسيالة التي عبر عنها بمحبة فائضة لمنسقه الجهوي المتهم جهارا نهارا بمحاولة تنفيذ غزوة جنسية سيكون لها ما بعد في مدارج القضاء .. نعم ليس ذلك القدوم المثير ولا تلك المشاعر التي تسند عواطف زميل حزبي مرشح لما يشبه بداية محنة نفسية.. لأن القضية الآن في يد العدالة، التي وحدها تملك سلطة الإدانة أو التبرئة .. خاصة أن الملف هو بين يدي وكيل الملك بابتدائية سلا القادم منذ فترة قريبة من سيدي قاسم وهو يحمل رصيدا وازنا من التقدير والاحترام بين كل المتقاضين .. ولكن هو بالذات .. هذا الفيض من الأسئلة التي أثارتها هذه الزيارة في هذه الظروف الخاصة .. لماذا أصر السيد مزوار على الحضور بنفسه للتعبير عن تضامنه مع منسق حزبه في الوقت الذي أصبح الملف في يد القضاء الذي يزعم الجميع أنه يجب أن يكون قضاء مستقلا ، وبمنأى عن كل التدخلات والتأثيرات الجانبية كيفما كان نوعها أو طبيعتها؟ هل يقصد السيد مزوار من خلال هذا الحضور الشخصي ، وفي يوم ذي حرمة خاصة .. أن يبعث رسالة ما .. إلى جهة ما .. وأن يقول إن محاكمة السيد المهاشي ستكون ذات أولوية حزبية خاصة ؟ هل كان ضروريا ، والحال أن السيد مزوار كان يتأهب ليطير إلى باريس لحضور المسيرة الجمهورية المناوئة للإرهاب ، أن يكلف نفسه عناء الحضور إلى القنيطرة ليحمل في تلابيبه شيئا من رائحة تهمة المهاشي إلى قلب الحاضرة الفرنسية المترعة هذه الأيام بالدم الفوار ودخان البارود ؟؟؟ هل حضور السيد مزوار إلى القنيطرة تعبير عاطفي عن تضامن برتوكولي ليس إلا .. أم أن الأمر ذو صلة وثيقة بالتجاذبات الانتخابية التي باتت تتحكم في المدينة التي تجمع كل الأطياف السياسية والمدنية على فداحة السقوط الذي تعيشه على مختلف الأصعدة جراء التدبير السيئ للشأن المحلي والفساد المضاعف الذي يعشعش في كل مرافقها الاجتماعية ؟؟ وبالتالي فالأمر لا يعدو أن يكون دغدغة سياسية رديئة لمدينة تعاني من ركام من المشاكل العويصة .. بل هل كان من الفطنة السياسية أن ينزل وزير خارجية البلاد ، في هذا الظرف الذي تتجه فيه كل الأنظار إلى أم المصائب ، تاركا جانبا كل الالتزامات .. إلى مدينة القنيطرة ليربت على كتفي منسقه الحزبي ويطمئنه بأن القضية غير ذات قيمة .. بمنطق أنا هنا؟ هي أسئلة كثيرة بلا شك .. غير أن الأهم في كل هذا والذي يدعو إلى الاستغراب وعميق التأمل والتفكير .. عسى أن نفك لغز هذا البلاء الذي عم البلاد .. لماذا ابتلينا بهذه العينة من المسؤولين .. واحد يترك الاحتقان الاجتماعي يتجه إلى مداه .. ليشغل ملك البلاد بشرطي متقاعد تنبأ بسقوط حزبه، والحال أن الوقائع اليومية أصدق إنباء من الضاحي أو الخلفان ، وواحد يدع محرك الطائرة التي ستنقله إلى باريس مشغلا كي يجبر خاطرا متهما بمحاولة فتح جنسي غير مبين .. وآخر مرغ وجه البلاد في كل أرجاء المعمور .. اللهم لطفك يا رب ..