سلط باحثون وخبراء في المجال الجيوسياسي، أول أمس الاثنين بمراكش، الضوء على الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «مينا» والساحل، داعين إلى اعتماد مقاربة «شاملة» و»متعددة الأبعاد» ترتكز على التعاون والاندماج من أجل تنمية مستدامة. وأكد الممثل الخاص للأمين العام ورئيس مكتب الأممالمتحدة لغرب إفريقيا والساحل، محمد بن شمباس، في مداخلة له خلال جلسة عامة حول «الشرق الأوسط/شمال وغرب إفريقيا»، في إطار الدورة الثانية عشر لمؤتمر السياسة العالمية، أن الأمن لحقه التقويض في هذه المنطقة التي أضعفتها العديد من التحديات، وخاصة تصاعد الإرهاب والتطرف العنيف. وقال إن المقاربة الأمنية وحدها لن تكون كافية لضمان الاستقرار في منطقة الساحل، بل ينبغي مواكبتها بمقاربة مندمجة قائمة على التعاون، داعيا إلى دعم شراكات متينة بدلا من التدخل أو التداخل. وأشار إلى أن منطقة الساحل تشهد صراعات مجتمعية بسبب تسلل المجموعات الإرهابية وتدهور الوضع الأمني في هذا الجزء من القارة. وأوضح أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ملتزمة بقوة بهذه المنطقة من خلال عدد من الأنشطة في العديد من مجالات التعاون، لاسيما مع شركاء من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مضيفا أن هذا التعاون متعدد الأبعاد ينبغي أن يرتكز أكثر على التنمية الاقتصادية والمستدامة خدمة للساكنة المحلية. من جانبه، أعرب نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، دونغ مانيوان، عن تفاؤله بمستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، داعيا إلى تعزيز السلام والأمن، من خلال التعاون والالتزام البناء للمجتمع الدولي. وأشار إلى أن خلق بيئة أمنية لجعل المنطقة أكثر استقرارا وسلمية يعتمد حتما على التنمية الاقتصادية الداخلية. وشدد على أن الصين ترغب في المساهمة في تنمية الشرق الأوسط، مبرزا في هذا الصدد «مبادرة الحزام والطريق» التي تهدف إلى إرساء تعاون مفتوح من مستوى عال من أجل تحسين عيش السكان وتعزيز التنمية المستدامة بالمنطقة. من جهته، استعرض رئيس مركز الخليج للأبحاث (المملكة العربية السعودية)، عبد العزيز عثمان بن صقر، الوضع في الشرق الأوسط، مؤكدا على الحاجة إلى التزام حقيقي من جانب المجتمع الدولي لتهدئة الوضع في المنطقة وضمان استقرارها. وأكد كذلك على أن هذا الالتزام ينبغي أن يكون بناء عوض أن يكون نوعا من التداخل أو التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة. وافتتحت أعمال الدورة الثانية عشر لمؤتمر السياسة العالمية، السبت بمراكش، بمشاركة عدد من الشخصيات البارزة من عوالم السياسة والاقتصاد والإعلام، إلى جانب أكاديميين وخبراء وباحثين من سائر أنحاء العالم. ويهدف هذا المؤتمر، المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، إلى المساهمة في النهوض بعالم أكثر انفتاحا وازدهارا وعدالة، ما يتطلب جهدا متواصلا لفهم واقع القوى المعنية وتفاعلاتها، والتفكير في التكيف السلمي لتنظيم العلاقات بين الدول على جميع المستويات، وذلك في احترام للثقافة والمصالح الأساسية لكل أمة. و يشكل مؤتمر السياسة العالمية فضاء للتفكير والحوار الضروري حول القضايا الرئيسية للحكامة العالمية، مع السماح بتطوير روابط مستدامة. وتركزت أعمال هذه النسخة الثانية عشرة، التي تختتم مساء اليوم، على تحديات التكنولوجيا في المجتمع والسياسة والقوى السيبرانية والتهديد عبر الإنترنت والطاقة والبيئة، بالإضافة إلى الآفاق الاقتصادية والسياسية، والتجارة والاستثمار المباشر والثقة، وكذا مستقبل النظام النقدي الدولي، وسلاح القانون والعولمة. وخلال هذا المؤتمر، تمت مناقشة مواضيع: أوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وإفريقيا، خاصة شمال وغرب القارة، واتجاهات السياسة الخارجية الجديدة في شرق آسيا، والعديد من المواضيع الأخرى.